هل تساهم المساعدات الخارجية في التنمية في فلسطين؟
د. عقل أبو قرع
في محاضرة نظمها معهد
ماس في رام الله قبل عدة ايام، اشار المدير التنفيذي في البنك الدولي يورغ فريدن
الى الوضع الاستثنائي والفريد للاقتصاد الفلسطيني، وبالاخص في ظل القيود السياسية،
ومنها القيود على حركة البشر والبضائع، التي تجعل النمو الاقتصادي المستدام في
فلسطين غير ممكن، او في افضل الاحوال تجعله نموا جزئيا تتحكم فيه الظروف المتغيرة،
وبسرعة، وبالتالي سيكون من الصعب وضوح او ثبات التنبؤ او التوقع، سواء في ما يتعلق
بنسبة النمو او الظروف الاقتصادية اللازمة للنمو، او تحقيق ما يعرف بالتنمية
المستدامة.
وفي اعتقادي اذا كان
هذا هو الوضع، من قيود ناتجة، بشكل مباشر او غير مباشر، عن الاحتلال وما يتحكم به
من معابر وطرق وبنية تحتية ومصادر طبيعية، فان التوقعات بحدوث نمو مستدام او تنمية
مستدامة، وبالاخص بفعل المساعدات الخارجية هو توقع غير واقعي وهش، وبالتالي تصبح
المساعدات الخارجية فقط للحفاظ على وضع، يحافظ على ما هو عليه الان في احسن
الاحوال، من المساهمة في النفقات الجارية وربما المساهمة في خلق بعض فرص العمل
المؤقتة، من خلال بعض المشاريع هنا او هناك، وفي ظل هذه القيود وما يلحقة كذلك من
قيود على الكفاءات والافكار والمبادرة وروح الابداع، تبقى التنمية المستدامة، اي
التنمية التي تعتمد على مصادرها للاستمرار والتواصل بعيدة عن واقعنا.
وبالاضافة الى عدم
وجود عملة وطنية او عدم توفر الظروف والعوامل اللازمة للشروع في انشاء عملة وطنية،
وما يتبع ذلك من اثار، فان من ضمن الامور التي اشار اليها المدير التنفيذي في
البنك الدولي هو ضعف فعالية ادارة المساعدات الخارجية وتشرذمها، وبالتالي عدم
الاستخدام الامثل لها.
وهذا بعينه نقطة ضعف،
لا ادري لماذا لا يتم التعامل معها، وبالاخص على المستوى الرسمي الفلسطيني، الذي
يعتبر الاداة التنفيذية الاهم لادارة مشاريع المساعدات الخارجية، وضعف او تشرذم
التنسيق لاستخدام المساعدات الخارجية، يعني تشتيتا للجهود والطاقات، وربما تضارب
او حتى تنافس المشاريع التي في العادة يتم تنفيذها من جهات مانحة مختلفة، وربما
تحت اسماء مختلفة، ولكن بمحتوى او اهداف متشابهة، وفي الغالب تتم بعيدا عن
الاستدامة وحتى عن الفعالية او استهداف الجهة الحقيقية المعنية؟
وكان واضحا ومن خلال
المحاضر عدم وجود رؤية فلسطينية اقتصادية بعيدة المدى، تنبع من الواقع الفلسطيني
وتهدف الى تلبية الاحتياجات الفلسطينية الخاصة، وتكون موازية او تشكل ردا على خطط
اقتصادية خارجية يتم اعدادها للاقتصاد الفلسطيني، وعلى سبيل المثال خطة كيري
المطروحة حاليا، وهذا يعني وكما هو حاصل الان ان الخطط او المشاريع الفلسطينية في
الغالب تعمل على مسايرة او ملاءمة ما يطمح له المانح او ما يعتبرة اولويات او
اجندة خاصة به، وتأتي كرد فعل على توفر الاموال لهذا المشروع او لهذه الاهداف،
التي في احيان عديدة ليست من اولوياتنا او حتى احتياجاتنا.
وبالطبع كانت هناك
مطالبة بعدم اقصاء تجمعات فلسطينية، وبالاخص غزة في خطط التنمية او من خلال
استخدام المساعدات الخارجية، وما ينطبق على غزة من المفترض ان ينطبق كذلك على
القدس والاغوار وكافة مناطق ما يعرف ب ‘ج’، خاصة ان البنك الدولي كان قد اصدر قبل
عدة اسابيع تقريرا بعنوان’ المنطقة ج ومستقبل الاقتصاد الفلسطيني’، اشار فيه الى
ان حوالي 61? من اراضي الضفة الغربية لا يمكن للفلسطينيين ان يستغلوها او يستفيدوا
منها ومن الموارد التي تحويها بسبب تصنيفها السياسي، حسب اتفاق اوسلو على انها
مناطق ‘ج’، وحسب التقرير فان ذلك يؤدي الى خسارة الاقتصــاد الفلسطيني حوالي 3.4
مليار دولار امريكي سنويا، وبدون شك فان هذه خسارة كبـــيرة وتكون اكبر واكثر
تأثير في اقتصاد صغير وهش ويافع ويعتمد في المعظم على المنح والمساعدات والتبرعات،
مثل الاقتصاد الفلسطيني.
القدس
العربي، لندن، 25/11/2013