القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

هل تنقل حماس المقاومة المسلّحة مع إسرائيل من غزّة إلى الضفّة؟

هل تنقل حماس المقاومة المسلّحة مع إسرائيل من غزّة إلى الضفّة؟

بقلم: عدنان أبو عامر

ما إن توقّفت الحرب في غزّة أواخر آب/أغسطس الماضي، حتّى نظّمت حماس في الضفّة الغربيّة احتفالات عدّة تتحدّث عن "النصر" الذي حقّقته المقاومة على إسرائيل.

وقد دعا عضو القيادة السياسيّة لحماس محمود الزهّار، يوم الجمعة 29 آب/أغسطس إلى نقل نموذج المقاومة المسلّحة من غزّة إلى الضفّة، لتقصير عمر الاحتلال، ومنع اعتداءاته على الفلسطينيّين، وذلك خلال كلمة هاتفيّة من غزّة إلى مهرجان احتفاليّ في مدينة الخليل جنوب الضفّة.

وقال زعيم الجهاد الإسلاميّ رمضان شلح في خطاب ألقاه في 26 آب/أغسطس بعد انتهاء الحرب الأخيرة، إنّ ما فعلته المقاومة في غزّة، يجب أن يتمّ نقله بأسرع وقت ممكن إلى الضفّة، كي يتمّ تحرير فلسطين.

·العقبات الأمنيّة

وكان "المونيتور" قد تحدّث في مقال سابق عن أثر عمليّة خطف المستوطنين وقتلهم في مدينة الخليل أواسط حزيران/يونيو الماضي، على نشوء مواجهة مسلّحة في الضفّة بين حماس وإسرائيل.

وتحدّث "المونيتور" مع مسؤول من حماس في غزّة، وسأله عن توجّه نقل العمل المسلّح ضدّ إسرائيل إلى الضفّة، فأجاب:" ليس سرّاً أنّ ساحة المقاومة الحقيقيّة ضدّ إسرائيل موجودة في الضفّة، التي ما زالت محتلّة. فالأمر لم يعد يقتصر على أحاديث الصالونات السياسيّة داخل الساحة الفلسطينيّة، بل على مشاورات بين القوى المقاومة، للبحث في الآليّات والوسائل المقترحة، على الرغم من العقبات السياسيّة والأمنيّة التي قد تشكّل عائقاً أمام نقلها، ممّا يعني أنّ السؤال المطروح لدى حماس في هذه المرحلة ليس: هل ستنتقل المقاومة إلى الضفّة أم لا؟ بل عن آليّات المقاومة، توقيتها، وسائلها، والدخول في تفاصيلها الميدانيّة والعملانيّة".

وأضاف: "معالم الوضع الأمنيّ والميدانيّ في الضفّة واضحة، فالاحتلال ما زال قائماً وبقوّة، بل يتعزّز أكثر فأكثر، والمستوطنات تشهد "تسميناً" مكثّفاً. وفرض هذه الحقائق على الأرض سيفرض بالتأكيد وجود حالة من المقاومة المسلّحة، والتصدّي لها، إضافة إلى المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات السلميّة والشعبيّة".

لكنّ مسؤولاً أمنيّاً فلسطينيّاً رفيع المستوى استبعد في اتّصال هاتفيّ مع "المونيتور" "إمكانيّة تحقيق السيناريو الذي تدعو إليه حماس بنقل العمل المسلّح ضدّ إسرائيل إلى الضفّة، لأنّ ذلك كفيل بضرب المشروع الوطنيّ برمّته، والإطاحة بالسلطة الفلسطينيّة كلّها، والفلسطينيّون ليسوا بهذه السذاجة التي تجعلهم انتحاريّين بهذه الطريقة العدميّة". وأضاف أنّ "السلطة في الضفّة تسمح بالمقاومة السلميّة والشعبيّة ضدّ الاحتلال في الضفّة، وهي تؤتي أكلها أكثر بكثير من بعض الأعمال المسلّحة التي ضررها أكثر من نفعها، ولا يستفيد منها سوى اليمين الإسرائيليّ".

وهو ما يتّفق مع تشكيك أوساط أمنيّة فلسطينيّة مطلع العام الجاري بقدرة الفصائل الفلسطينيّة على نقل عمليّاتها من غزّة إلى الضفّة، لأنّ ذلك يبدو أمراً صعباً في هذه المرحلة، والردّ الإسرائيليّ سيكون موجعاً، كما أنّ انطلاق العمليّات من الضفّة صعب ومعقّد للغاية، والخلايا المسلّحة هناك تخضع لملاحقة مزدوجة، من قبل إسرائيل التي تعتبرها هدفاً، والسلطة الفلسطينيّة التي ترفض وجود أيّ سلاح آخر غير سلاحها في مناطق الضفّة، لن تسمح لحماس والجهاد بجرّ الضفّة الغربيّة إلى مربّع مواجهة مسلّحة مع إسرائيل.

·استراحة محارب

وقد استطلع "المونيتور" في الأيّام الأخيرة آراء عدد من مسؤولي حماس في الضفّة الغربيّة، حول إمكانيّة تحقيق مثل هذا التوجّه، فقال أحدهم رافضاً كشف هويّته:" "الوضع الأمنيّ في الضفّة الغربيّة سيّء للغاية، وما إن توقّفت حرب غزّة، حتّى بدأت السلطة الفلسطينيّة تشنّ حملات اعتقالات واستدعاءات أمنيّة في حقّ عناصر حماس هناك، ممّا يعمل على ضرب أيّ مفاصل تنظيميّة جديدة قد تنشأ في الضفّة، بما في ذلك أيّ نواة عسكريّة صغيرة، ويعرقل أيّ تفكير أو تخطيط لنقل المقاومة المسلّحة من غزّة إلى الضفّة". مع العلم أنّ السلطة الفلسطينيّة شنّت حملة اعتقالات مكثّفة في صفوف عناصر حماس خلال الأيّام القليلة الماضية، في مدن الخليل ونابلس ورام الله في الضفّة الغربيّة، شملت أسرى محرّرين، بعد تنظيمهم احتفالات بانتهاء حرب غزّة.

واطّلع "المونيتور" على موقف داخل حماس يطرح "إمكانيّة العمل الجادّ لإعادة بناء أجهزتها العسكريّة في الضفّة، التي اعتراها الضعف الناتج عن عمليّات الاعتقالات والاغتيالات للكوادر العسكريّة، وتدمير البنية التحتيّة لها في السنوات الأخيرة، لأنّ الضفّة ستكون الساحة الحقيقيّة للمعركة مع إسرائيل، وتنتشر فيها الأهداف الإسرائيليّة العسكريّة والاستيطانيّة على مدار الساعة، ويمكن توجيه ضربات مؤلمة للتواجد الإسرائيليّ هناك، ممّا يمهّد الطريق لتحقيق انسحابات متوقّعة، كما حصل في غزّة، على الرغم من المخاوف من إمكانيّة الصدام مع السلطة الفلسطينيّة، وهو ما يتطلّب حواراً هادئاً معها للوصول إلى برنامج سياسيّ متّفق عليه".

لكنّ "شبكة فلسطين للحوار" وهي المنتدى الإلكترونيّ الأوسع انتشاراً التابع لحماس، ذكرت أنّ مسار المقاومة المسلّحة في الضفّة آخذ بالارتفاع، وقد ازداد في حرب غزّة الأخيرة بنسبة 70%، حيث شهدت 1000 نقطة مواجهة مع الجيش الإسرائيليّ، بمعدّل 20 نقطة مواجهة يوميّاً، واستشهد 22 فلسطينيّاً في الضفّة، وأصيب المئات، إضافة إلى 1050 حالة اعتقال، و500 من القدس، ونفّذت 176 هجمة بالزجاجات الحارقة على أهداف إسرائيليّة، و28 عمليّة إطلاق نار، وتفجير 16 عبوة ناسفة، وعمليّات طعن ودهس عدّة، ومحاولتين لم تنجحا لإدخال سيّارات مفخّخة داخل إسرائيل.

وأبدى مسؤول في حماس في حديث إلى "المونيتور" رغبة الحركة الحثيثة في نقل المواجهة المسلّحة إلى الضفّة. وعند سؤالي له إذا كان عدم نجاح مثل هذا السيناريو، يعني أن تعيش غزّة حرباً قريبة مع إسرائيل؟ قال: "غزّة التي تشكّل 1% من مساحة فلسطين التاريخيّة خاضت 3 حروب متلاحقة خلال أقلّ من 6 سنوات، وحان وقت أن تأخذ استراحة محارب، وترمّم بناها التحتيّة، وتفسح المجال أمام جبهات أخرى هادئة لأن تشتعل مع إسرائيل. فالفلسطينيّون متواجدون في كلّ الدول التي ترتبط بحدود مع إسرائيل، وبإمكانهم أن يأخذوا زمام المبادرة، ويمنحوا غزّة فرصة التقاط الأنفاس".

المونيتور