هل يصبح الدويك رئيسا للسلطة خلفا لعباس؟
بقلم: جوناثان شانزر
ترجمة عدنان نايفة: توصف زيارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما
المرتقبة إلى الشرق الأوسط هذا الشهر بأنها محاولة جادة لمضاعفة الجهود الدبلوماسية
وإحياء عملية السلام المتوقفة بين الإسرائليين والفلسطينيين. لسوء الحظ، فإن الصعاب
مكدسة في وجه الرئيس، والحمائم على الجانبين متفقون تماما بأن الأمر يحتاج إلى معجزة
لإقناع الطرفين بالعودة إلى العمل الدبلوماسي الجاد.
لكن اوباما الذي يبدأ زيارته للمنطقة يوم 20 آذار الحالي
وتشمل إسرائيل والضفة الغربية والأردن بشكل أكيد، وتوقعات بأن تطال مصر وتركيا والسعودية،
لديه فرصة لإنجاز شيء ما يمكن أن يساعد في حماية عملية السلام لسنوات قادمة. بإمكان
الرئيس الأمريكي الضغط على رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس من أجل تسمية
وَريث واضح له يستطيع أن يضمن على نحو فعال بأن يكون للإسرائيليين محاور في المستقبل
المنظور.
ما هو مُقلق وينذر بالخطر هو عدم وجود شخص يقوم بهذا الدور
في الوقت الحالي. عباس المعروف أيضا بـ "ابو مازن" يبلغ من العمر 78 عاما.
وهو مدخن حاد ومُصاب بمرض السرطان. في العام 2010، ذكرت الأنباء أنه أُدخِل ست مرات
إلى مستشفى أردني لأسباب صحية غير محددة. ومن غير الواضح كم سيبقى قادراً على القيام
بمهام منصبه.
فهل سيحدث ما لا يمكن تصوره. المادة 37 من القانون الأساسي
الفلسطيني تنص على: "سوف يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان) بصفة
مؤقتة سلطات وواجبات الرئاسة في السلطة الوطنية لمدة لا تزيد على 60 يوماً، تُجرى خلالها
انتخابات حرة ومباشرة لاختيار رئيس جديد."
لكن هنا يكمن عدم الاستواء: الرئيس الحالي للمجلس التشريعي
هو عزيز الدويك الذي خاض الانتخابات على قائمة التغيير والإصلاح المنبثقة عن حركة المقاومة
الإسلامية(حماس)، وتاريخه لا يشفع له. ففي عام 1992، أبعدته إسرائيل لعلاقته بحماس،
وكان بين نواب ووزراء الحركة الذين اعتقلتهم سلطات الاحتلال في عام 2006 بعد أسر الجندي
الإسرائيلي جلعاد شاليط في عملية فدائية نوعية نفذتها ثلاثة أجنحة عسكرية لفصائل فلسطينية
عند تخوم قطاع غزة. واعتقل الدويك مجدداً في عام 2012 بسبب اتهامات مزعومة" بأنه
متورط في نشاطات إرهابية."
فهل يخلف الدويك الرئيس عباس؟ إذا حصل ذلك فسوف تكون النهاية
لأي عملية سلام ممكنة.
بالطبع، سوف تحاول حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية
(اللاعبان المسيطران في السلطة) الالتفاف على القانون الفلسطيني وتعيين شخص آخر أكثر
قبولاً، إلا أن مثل هذا الأسلوب سوف يؤدي على الأرجح إلى تفجر نزاع جديد بين فتح وحماس-
ليس على غرار ما حدث في عام 2007 عندما فرضت الأخيرة سيطرتها على قطاع غزة بعد هزيمة
قوات عباس.
لكنه من غير الواضح من ستكون الشخصية التي سوف تعينها القيادة
الفلسطينية. ورفض عباس السماح لمتحديه السياسيين بالبروز في الضفة الغربية. ويقول مسؤول
سابق في السلطة الفلسطينيةـ "إن النظام السياسي أصبح جامداً" نتيجة لذلك.
وبدلا من قيام واشنطن بحَثِ عباس على المساعدة في تنشيط
المناخ السياسي الفلسطيني، فقد اختارت الوقوف جانباً بينما أصبح الزعيم الفلسطيني العجوز
بشكل فعلي قائداً مدى الحياة. وقد انتهت فترة رئاسته القانونية قبل أربع سنوات تقريباً
(في عام 2009)، وهو مستمر في المراهنة على الانتخابات التشريعية لخشيته من هزيمة منكرة
جديدة على يد حركة حماس.
كما أن واشنطن قلقة أيضا حيال صعود حماس، ولهذا السبب أمطرت
الولايات المتحدة حكومة عباس بمساعدات مالية وتدريب عسكري وتعاون استخباراتي وأدوات
أخرى لضمان عدم استيلاء حماس على الضفة الغربية كما فعلت في قطاع غزة. لكن واشنطن فعلت
ذلك على حساب النظام السياسي الفلسطيني الذي بات متحَجِراً وهشاً.
وأعلن المتحدث الصحافي في البيت الأبيض جاي كارني نهاية
الشهر الماضي بأن اوباما لا ينوي تقديم مقترحات جديدة لتحريك عملية السلام المتعثرة
بين إسرائيل والفلسطينيين،وأن البيت الأبيض لا يرغب في تقديم آمال زائفة بشأن انفراجة
متوقعة لمحادثات السلام، فيما قال خبراء مختصون بالشرق الأوسط إن زيارة اوباما
ستكون اختبارا له لإثبات قدرته على تحريك عملية السلام
بعد فشله في ولايته الأولى في تحقيق مشروعه لحل الدولتين بسبب التحدي الإسرائيلي.
في الحقيقة، ومع الأخذ بعين الاعتبار الحالة المؤسفة للسياسات
داخل السلطة الفلسطينية، فإن مطالبة عباس بتعيين خليفة له هو من بين المطالب القليلة
التي سيتقدم بها اوباما للرئيس الفلسطيني خلال اجتماعهما المرتقب في رام الله بالضفة
الغربية.
إن أهمية تسمية خليفة للرئيس الفلسطيني شيء يفهمه رئيس
السلطة جيدا. في عام 2003، أصبح عباس أول رئيس للوزراء في السلطة الفلسطينية نزولا
عند إصرار الرئيس جورج دبليو بوش. ولم يكن هذا المنصب موجودا من قبل على الإطلاق، وكان
توقيته تصادفيا. وفي العام التالي توفي الزعيم التاريخي لمنظمة التحرير الفلسطينية
ياسر عرفات. وكان عباس قد استقال من منصب رئيس الوزراء قبل الوفاة بأشهر قليلة، لكنه
اختير للاضطلاع بمسؤولية قيادة المنظمة والشعب الفلسطيني وإخراجه من أتون انتفاضته
الثانية التي كانت مشتعلة ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ تشرين الاول/أكتوبر من العام
2000.
بالطبع، لدى عباس حاليا رئيس وزراء هو سلام فياض الذي أدى
حتى الآن مهمة مثيرة للإعجاب وأنه لذلك جدير بأن يخلف عباس، لكن الأخير لم يقم بتسمية
فياض ليكون الرئيس بعده لأسباب لا يعرفها أحد سواه.
هل سيستجيب عباس لضغط من الرئيس أوباما؟ نعم سوف يفعل.
حتى الآن، فإن تركته الباقية هي مناورته الأخيرة في الأمم المتحدة برفع مستوى التمثيل
الفلسطيني إلى وضع دولة مراقب والتي تكللت بالنجاح، لكنه فشل في الحصول على وضع دولة
عضو في المنظمة الدولية. وبحَثٍ لطيف من أوباما، فإن عباس يستطيع تعزيز هذه التركة
بشكل كبير من خلال فتح المجال السياسي وضمان بقاء الحركة الوطنية الفلسطينية أمداً
أطول.
نافذة: حركة فتح ومنظمة التحرير سوف تحاولان الالتفاف على
القانون الفلسطيني وتعيين شخص آخر أكثر قبولاً من الدويك
لوس أنجليس تايمز، 28/2/2013
العرب اليوم، عمّان، 6/3/2013