هل يقبل لبنان الخطة البديلة للجدار في
عين الحلوة؟
بقلم: ابراهيم بيرم
أبلغت اللجنة الامنية الفلسطينية العليا
في لبنان خلال الـ 36 ساعة الاخيرة الى قوى وشخصيات سياسية في صيدا وبيروت وجهات رسمية
معنية، انها انجزت بالتعاون والتنسيق مع كل الفصائل المنتمية منها الى منظمة التحرير
وتلك التي هي خارجها، الخطة الامنية البديلة للجدار الذي كانت الاجهزة الامنية اللبنانية
قد باشرت بناءه في عدد من النقاط حول مخيم عين الحلوة. وهو جزء اساسي من خطة رسمية
عملية كانت شرعت في تنفيذها تحت شعار: تحاشي وتلافي اي مفاجآت سلبية يمكن ان يكون المخيم
او بعض القوى المتشددة المتمركزة فيه، مصدرها.
والمعلوم ان هذه الخطة البديلة للجدار تعهد
الجانب الفلسطيني وضعها على نحو مدروس يأخذ المخاوف والهواجس اللبنانية في الاعتبار
بعد سلسلة اجتماعات ولقاءات داخلية سيعقدها وتعهد ايضاً أن تؤدي في خاتمة المطاف الغرض
المفترض من الجدار، ومن ثم تقرّها القيادة الفلسطينية العليا في لبنان بالتشاور مع
القيادة الفلسطينية في رام الله، قبل ان تعرض على الجانب اللبناني المعني الذي سيأخذ
وقته في درسها والتمحيص فيها قبل ان يقبل بها او يطلب تعديلها او يرفضها نهائياً، باعتبار
انها لا تفي بالمطلوب.
وعندها ستقرر الدولة في ضوء ذلك، خطوتها
التالية بما في ذلك امكان استئناف بناء الجدار والعودة الى بقية بنود الخطة الرسمية
التي هو جزء منها، خصوصاً انه صار معلوماً ان الجهات الرسمية المعنية لم تعِد الفصائل
بالتخلي قطعياً عن الخطة بل تجميدها فقط، في انتظار الخطة الفلسطينية البديلة.
وبحسب المعطيات، فان الجهات الفلسطينية
كانت نظمت حملة اعتراض واسعة على الجدار تحت مسميّات وشعارات عدة، منها انه يحاكي جدار
الفصل العنصري الذي اقامته سلطات الاحتلال الاسرائيلي في عدد من مناطق الضفة الغربية
المحتلة. وبعد القرار اللبناني بتجميد بناء الجدار، روّجت جهات فلسطينية عبر لقاءات
واتصالات وتسريبات انها تتعهد ان تأخذ عند وضع الخطة البديلة في الاعتبار كل ما من
شأنه ان يفضي الى الآتي، على ان يكون جوهر الخطة البديلة وخطوطها العريضة:
- تكثيف الجهود والاجراءات الرامية الى
تعزيز الاستقرار في داخل المخيم والعمل على اخراجه من دائرة الاتهام التي وضع فيها
انطلاقاً من انه بؤرة تصدير جاهزة لرفد الارهاب والاخطار الأمنية على ان يعاد النظر
جدياً من الجانب الفلسطيني في الاجراءات والخطط الامنية المتخذة سابقاً وتلافي الثغر
التي تعتريها، والتي كانت تشكو منها الاجهزة الامنية اللبنانية المعنية.
- تكثيف التواصل واشكال التنسيق بين الفصائل
والاجهزة اللبنانية، مدخلاً لازماً وضرورياً لتبديد المخاوف اللبنانية التي تراكمت
اخيراً واستدعت وضع خطة بناء الجدار.
- تحرص القيادة الفلسطينية على اظهار ان
خطتها البديلة الموعودة ستنطوي على ما يعتبر مدخلاً لتغيير منهجية التعاطي اللبناني
مع الوضع في المخيم والمنطلقة من النظرة الامنية المحضة، والانتقال الى تبنّي نظرة
تقوم على اعتبار قضية المخيم مسألة سياسية – حقوقية شاملة.
- الامر الاخير فتح الباب مجدداً امام اعادة
احياء الجانب الفلسطيني للنقاش حول ما صار يعرف بأنه حقوق مدنية واجتماعية للاجئين
الفلسطينيين في لبنان، من خلال الورقة المفصلة التي سبق ووضعتها القيادة الفلسطينية
والمتصلة بهذا الشأن.
في كل الاحوال، ووفق المعطيات نفسها، فان
الجانب الفلسطيني ابلغ الى من يعنيهم الامر أن الكشف عن الخطة البديلة سيلي مباشرة
اقرارها في اللقاء الوشيك للقيادة الفلسطينية العليا في لبنان. وبالنسبة الى الجانب
اللبناني المعني فانه ينطلق في التعاطي مع الامر من منطلقين:
الاول: ان ثمة مهلة زمنية غير مفتوحة معطاة
للجانب الفلسطيني بغية اقرار خطته.
الثاني: ان الامور ليست محسومة بعد، اذ
ليست المرة الاولى التي يتعهّد فيها الجانب الفلسطيني خطوات وخططاً في شأن وضع عين
الحلوة ويعجز عن تنفيذها لاحقاً. وعليه، فلا فكرة الجدار سقطت من الحساب ولا الاحتمالات
الاخرى الغيت.
المصدر: النهار