وأصبحت فلسطين باباً لشمس الحريّة
بقلم: تانيا نابلسي
نصب الفلسطينيون خيامهم مجدداً. هذه المرة لم تكن هذه الخيام في بلاد الشتات، بل داخل الأراضي الفلسطينية نفسها. الهدف منها منع إقامة بؤرة استيطانية جديدة في منطقة «إي 1». سمّوها «باب الشمس»، وهو باب لا يدخله إلا المقاومون..
مخيّم البدّاوي | خيام نُصبت في المكان والزمان المناسبين، لتتوازى مع الشمس في طلوعها ومغيبها. هذه الخطوة أثارت الكثير من الغبطة في قلوب الفلسطينيّين في كلّ مكان، وكان ردّهم على مواقع التواصل تضامناً للثوّار ليعيدوا كلام الناشطين في القرية: «نعلن نحن، أبناء فلسطين، من كافة أرجائها، إقامة قرية باب الشمس بقرار من الشعب الفلسطيني، بلا تصاريح الاحتلال، وبلا إذن من أحد؛ لأنها أرضنا، ومن حقنا إعمارها»، ثمّ لينشروه في كافّة الصفحات لتأكيد تأييدهم لما سمّوها «قرية الأبجديّة». «قرية باب الشمس» أول قرية يقيمها الفلسطينيون منذ عام 1967م، مؤلفة من 50 خيمة، وسُمِّىت «باب الشمس» نسبةً إلى الرواية الملحمية التي كتبها الروائي اللبناني إلياس خوري عن اللجوء الفلسطيني والتمسك بالأرض والعودة.
جاءت هذه القرية بمثابة تحدٍّ واضح من النشطاء لقرار حكومة الاحتلال الأخير، بإقامة ما يزيد على 3 آلاف وحدة استيطانية عليها في إطار المخطط الاستيطاني المعروف باسم «إي وان»، الهادف إلى ربط مستوطنة «معاليه أدوميم» بالقدس الغربية، ما يعزل القدس الشرقية من ناحية الشرق، ويقسم الضفة الغربية إلى قسمين. وأضاف: «اتخذنا قراراً بإقامة قرية (باب الشمس) على أراضي ما يسمى منطقة إي 1 التي أعلن الاحتلال قبل شهور نيته إقامة 4000 وحدة استيطانية عليها، لأننا لن نصمت عن استمرار الاستيطان والاستعمار في أرضنا، ولأننا نؤمن بالفعل وبالمقاومة، نؤكد أن القرية ستصمد إلى حين تثبيت حق أصحاب الأرض على أراضيهم».
هذا البيان هزّ قلوب الملايين في الشتات، وأيقظ الأمل في أرواحهم، بالعودة والقتال والنضال بالطريقة الصحيحة من أجل بلدهم فلسطين.
البعض اقتبس كلام الكاتب إلياس الخوري من كتابة قرية باب الشمس الذي أعطي اسمه لهذه الحملة الرائعة: «أرى في عيونكم وطناً يولد من ركام النكبة الكبرى المستمرة منذ أربعة وستين عاماً. أراكم فتكبر في قلبي الكلمات، أرى الكلمات فتكبرون في وجداني وتعلون وتقتحمون السماء».
وآخرون فلسطينيّون ومن جنسيّات عربيّة أخرى تمنّوا وأرادوا الذهاب إلى هناك، وكان من أجمل التعليقات ذلك الذي جعلني أنشره على صفحتي: «أكثر ما أعجبني في قرية باب الشمس أنّني لم أشاهد أعلام الفصائل. فقط العلم الفلسطيني الذي يرفرف على الخيام... فلسطين والقدس تجمعنا».
ثمّ نرى 500 جندي صهيونيّ يهاجمون القرية، يضربون ويعتقلون كلّ من فيها، أخبار عن أنّ كلّ ناشط أُطلِق عليه 5 جنود. عددٌ من الباصات العسكرية «الإسرائيلية» وأعدادٌ كبيرة من جنود الاحتلال والجرّافات يتقدمون باتجاه القرية والهتاف يعلو «بالروح بالدم نفديك يا فلسطين!».
اعتقالاتٌ واعتداءاتٌ بالضرب، أظهرت الأبطال الحقيقيّين، من الجنسين وكلّ الأعمار، العجائز حملوا معهم أوراق الطابو، والفنّانون أخذوا حسّهم الوطني معهم، وعلم فلسطين.
قالوا إنّ الشمس غابت، لكن الأبطال عادوا ليقولوا إنّ لفلسطين ألف باب شمسٍ وباباً، كلّما غابت إحداها تُشرق أخرى. آخرون ردّوا بأنّ هذه لم تكن قرية مقاومةٍ، بل كانت قرية تحرير، واللاجئون في الشتات أعلنوا الفرق بين الخيمتين، في الشتات خيمة اللجوء وفي باب الشمس خيمة العودة.
المصدر: الأخبار