وثيقة
السفر الفلسطينية في لبنان قيد المراجعة
بقلم:
سليمان الشّيخ
مع
تزايد حركة الهجرات والنزوح بين منطقة وأخرى، وبلد وآخر، وتزايد الهجرات غير
الشرعية، إن كان في البر أو في البحر أو الجو، وحصول مآس كثيرة في هذا المجال،
اعتبرها البعض أقل مأساوية مما كان يحدث في أماكن سكناهم الأصلية، بعد اندلاع
حرائق ومجازر القتل والتدمير والتكفير والتطرف والإرهاب، وممارسات بعض الأنظمة
التي تساوت وحشيتها مع وحشية الجماعات التكفيرية الإرهابية. لكل هذا وغيره، فإن
اللجوء إلى تزوير بعض المستندات وأبرزها الهويات ووثائق السفر والجوازات وأوراق
الولادة والنفوس وغيرها، أصبح متداولا وشائعا.
يمكن
الإشارة إلى أن الخلايا النائمة التي تتبع بعض التنظيمات المتطرفة، وتسلل أفراد
منها مع المهاجرين، إن كان في الداخل أو الخارج، نفذت عمليات واعتداءات تدميرية
وقاتلة وعمياء في أماكن عدة من العالم، ذهب ضحيتها المئات من البشر والإمكانات
والقدرات المادية والمعنوية.
لذا
فقد أصدرت هيئة الطيران المدني العالمية، تعميما يطلب من السلطات المحلية في كل
بلد، التدقيق وضبط وثائق السفر الصادرة من قبلها، بحيث تم على سبيل المثال الطلب
من السلطات المعنية في الجمهورية اللبنانية، مكننة إصدار الوثائق الفلسطينية
الخاصة باللاجئين فيها، والكتابة بواسطة المطابع الحديثة ذات الوسائل التقنية
المتقدمة، وليس بخط اليد في كل ما يتعلق بطالب أي وثيقة رسمية، وهذا ينطبق على
الوثائق الأخرى التي تصدرها هذه السلطات لغير الفلسطينيين. لكن الغريب أن هذه
الهيئة حددت موعدا هو الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من هذا العام
2015، لبدء سريان تطبيق قرارها، فكيف كان يمكن أن يكون حال من يرغب بالسفر في ذلك
اليوم وما سيليه من الأيام، أو من سيعود في ذلك اليوم والأيام التالية؟
أثار
ذلك الطلب لغطا وإرباكا ومراجعات عدة في الأوساط المعنية اللبنانية، وأيضا وأساسا
في أوساط اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، لأن مئات من بينهم يشغلون وظائف
وأعمالا عديدة في بلدان الخليج العربي وفي غيرها من بلدان العالم، وهاجر كثيرون
غيرهم إلى بلدان عدة في قارات العالم المعروفة.
إن
إحصاءات وكالة الأمم المتحدة «الأونروا» تشير إلى أن عدد الفلسطينيين في لبنان يصل
إلى نحو 450 ألف نسمة، بحسب إحصاءاتها الرسمية المسجلة لديها، في حين أن الواقع
العملي وبعد هجرات كثير من الفلسطينيين ووفاة بعضهم واكتساب بعضهم الآخر لجنسيات
بلدان أخرى وغير ذلك، منذ خمسينات القرن الماضي وحتى أيامنا هذه، تشير إلى أن
عددهم الفعلي المقيم في لبنان يتراوح ما بين نحو250 ألفا إلى نحو 300 ألف نسمة. في
حين إن أوساطا لبنانية ترفع العدد إلى ما يتجاوز 500 ألف نسمة، وذلك لأهداف وأغراض
خاصة بها، تنطلق من رفض وجودهم في لبنان.
هذا
وقد تم التداول بين سلطات الأمن اللبنانية المعنية وبعض المسؤولين في السفارة
الفلسطينية في لبنان بشأن هذا الموضوع، وتمت مراجعة الوقائع الفعلية المتعلقة
بوثائق السفر الفلسطينية والهويات وغيرها من الأمور، لتصل المباحثات إلى الإقرار
بتغيير الأنماط المعتمدة في إصدار هذه الوثائق، واعتماد الطريقة المنفذة بها
الوثائق اللبنانية، إلا أن ذلك يتطلب وقتا وجهدا طويلين نسبيا، كما أن ذلك يتطلب
أموالا لتغطية تكاليف إنجاز هذا المشروع الذي تصل موجبات التغيير فيه إلى عدة
ملايين من الدولارات، حيث تم الوقوف مليا عند من يقوم بتمويل هذا المشروع.
لكن
اللافت كان معارضة وزارة الخارجية اللبنانية طلب التغيير المطلوب، لأن ذلك وبحسب
ما جاء في أجهزة إعلام عدة، يساعد في توطين الفلسطينيين في لبنان. وهذه حجة أخرى
تضاف إلى عشرات الحجج واليافطات التي ترفعها بعض الجهات اللبنانية، كي يستمر حرمان
الفلسطيني من أبسط حقوقه المشروعة التي نصت عليها القوانين والمواثيق الدولية.
يشار
إلى أن هيئة الطيران المدني العالمية، عادت وطلبت استثناء لبنان من طلبها سابق
الذكر.. ربما مؤقتا.
٭
كاتب فلسطيني
المصدر:
القدس العربي