القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

وثيقة حماس ...وثيقة الوحدة الوطنية

وثيقة حماس ...وثيقة الوحدة الوطنية

رأفت مرة/ كاتب فلسطيني

تتميز الوثيقة السياسية التي قدمتها حركة حماس للفلسطينيين والعالم، بأنها وثيقة سياسية فلسطينية شاملة تلخص مطالب الإنسان الفلسطيني وتعبر عن آماله وتطلعاته، وتعيد القضية إلى جذورها الأساسية، كما أنها إطار يحكم المسار السياسي لحركة حماس، وينظم آليات عملها السياسي، ويحدد توجهاتها وأهدافها العامة.

والوثيقة هي خلاصة تجربة حركة حماس طوال 30 عاماً، وقواعد عمل تنظم سلوكها السياسي تجاه المواقف والأحداث والتطورات.

لقد قيل الكثير في الوثيقة، مدحاً ونقداً، وأن معظم من انتقدها لم يقرأها كاملة على الأرجح، وإن كان بعض من انتقدها فعل ذلك بفعل الخلاف الباطني - والفكري - المستحكم مع حماس، خاصة حين يرى وثيقة سياسية متكاملة الأركان، تجمع الثوابت والأهداف والقيم والوسائل، وتحدد هوامش الحراك السياسي وتضبط إيقاعه.

الوثيقة السياسية لحركة حماس عرّفت القضية الفلسطينية، ورسمت حدود فلسطين التاريخية المعروفة (كامل الأرض) وأكدت وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وحسمت الموقف برفضها وعد بلفور وقرار التقسيم وصك الانتداب وقرار قيام "إسرائيل" واعتبرتها قرارات باطلة (ومنعدمة) وحددت العدو بأنه "الاحتلال الإسرائيلي"، وحددت وسيلة قتاله، المقاومة بكافة الأساليب والوسائل، وفي القلب منها المقاومة المسلحة، وحددت هدف حركة حماس – الذي هو هدف الفلسطينيين – "تحرير كل فلسطين، تحريراً كاملاً من نهرها إلى بحرها".

تتوقف الوثيقة السياسية لحركة حماس عند الإنسان الفلسطيني، فتؤكد على الشخصية الفلسطينية، والتمسك بالإنتماء وبالحقوق، وتؤكد "وحدة الشعب الفلسطيني بكل مكوناته الدينية والثقافية والسياسية، في الداخل والخارج، وتتمسك بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم ومنازلهم.

وتخصص حركة حماس في وثيقتها باباً للنظام السياسي الفلسطيني، فتتحدث عن التعددية والخيار الديمقراطي والشراكة الوطنية، وقبول الآخر واعتماد الحوار ووحدة الصف، وتدعو إلى مشاركة جميع مكونات الشعب في منظمة التحرير الفلسطينية، وتؤكد أن بناء المؤسسات الفلسطينية يكون من خلال الأسس الديمقراطية والإنتخابات الحرة، والشراكة الوطنية، ووفق برامج تتمسك بالحقوق والمقاومة.

هذا جزء من المبادئ والمعاني والقيم، التي تدعو لها حركة حماس، وهي وثيقة برؤية وطنية شاملة، متكاملة، تمزج بين الثوابت والوقائع، بين الاستراتيجيا والتكتيك، بين الداخل والخارج، بين القيم والمصالح.

وثيقة حركة حماس هي ليست وثيقة فصائلية، وليست موقفاً سياسياً حزبياً، إنها وثيقة وطنية فلسطينية جامعة، وثيقة إنقاذ، وثيقة مصالحة، وثيقة تصحيح للمسار، بما يحفظ المصير.

لقد نجحت حركة حماس مرة جديدة في تقديم رؤيتها ومواقفها للعالم بذكاء مدهش، وهي مدعوة اليوم لإحداث تقارب حقيقي بين جميع مكونات الشعب الفلسطيني على أرضية هذه الوثيقة الوطنية الجامعة.

إن كل من يقف في وجه هذه الوثيقة يساهم في إضعاف الموقف الفلسطيني، وفي تعقيد المصالحة، وفي خدمة المشروع الإسرائيلي الذي يستفيد من كل انقسام وخلاف فلسطيني.

نحن أمام مشروع سياسي فلسطيني واضح، يمثل أرضيته للتلاقي ونموذجاً للتفاهم والوحدة، مستفيداً من ما أفرزته المواقف السياسية الفسطينية المنفردة، من مخاطر، ومنها الإعتراف بالاحتلال واتفاق أوسلو والتنسيق الأمني، ومن تعطيل للمؤسسات التشريعية وللدستور، ومن تحجيم دور منظمة التحرير الفلسطينية وتعطيل مؤسساتها ومصادرة قرارها، ومن الإساءات التي لحقت بالمقاومة وتجاهل موقع ودور الفلسطينيين في الخارج.

إننا أمام مشروع سياسي فلسطيني تاريخي مستقبلي متكامل، جامع لكل مكونات وشرائح الشعب الفلسطيني، يربط القضية بالجذور والمبادئ، ويجدد هامش المناورة السياسية، ويوحد الموقف، ويستوعب جميع الشرائح.

نحن أمام وثيقة نهضوية.