وفاة الحاج داوود حسين أبو سليمان
بقلم: ياسر علي
بيروت، خاص/ لاجئ نت
ليس المديح مناسباً لك والرثاء.. إذ ليس يُرثى في
النوائب كبرياء/
لكنني يا خال أدعو دعوةً:.. تسقيك بالرحمات أبواب
السماء
وفاة خالي أبو سليمان.. الذي علمني القراءة!!
تلقيت منذ قليل خبر وفاة خالي أبوسليمان (داود حسين)..
وهذه كلمات اولية سريعة:
التقيته أول مرة عندما خرجنا من مجزرة تل الزعتر..
في حرّ يوم 12 آب من عام 1976.. كان بانتظارنا في دار المعلمين في المدينة الرياضية..
قالت لنا أمي: هذا خالكم أبو سليمان، فكان أول شخص رأيته بعد خروجنا من موت المخيم،
فكان علامة الحياة لنا.
تعلم حتى السادس الابتدائي، لكن مكتبته العامرة
كانت ملاذاً وحديقة غنّاء مثمرة بكتب التراث العربي..
كان يمرّ علينا في الليالي عائداً من دكان الأقمشة
الذي افتتحه في "الشارع" المحاذي لمخيم برج البراجنة، وفي كل ليلة كنا ننتظر
منه أحجية حسابية أو قصة تراثية أو قصيدة ذات شهرة وطرافة.. أو حواراً ادبياً من كتاب
الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني أو حكمة عطائية من مدارك الواصلين..
في حرب المخيمات في رمضان 1985، كنت مع اخي وأمي
في المخيم (وبقية إخوتي كانوا مسافرين)، وسقف بيتنا من (الزينكو)، فلجأنا إلى بيت خالي..
وهناك افتتحنا عالماً جديداً من القراءة.. قرأت أعداد مجلة (العربي) التي يقتنيها خالي
منذ عام عام 1958 حتى عام 1985، واستلمت منه أبجديات المجلة.. وقرأت عنده (العبقريات)
لعباس محمود العقاد (أجبرت نفسي على قراءتها من دون إدراك لتفاصيلها).. ومنذ ذلك الحين،
صرت أقرأ المجلات والكتب التراثية، وتعلقت بقصص التراث العربي.. وهو ما ساهم في اختياري
لاحقاً تخصص الأدب العربي..
وحين بدأت كتابة الشعر، كنت أعرضه عليه، كان يقول
لي دائماً.. وبحنكة كبيرة، اقرأ كثيراً.. المعلقات والشعر العربي القديم واحرص على
تعلم الأوزان.. كتعبير مختلف لـ: تحتاج عمقاً في المعاني، وجزالة في الألفاظ، وأوزاناً
وبحوراً.. حيث كان يلتقط كسر الوزن على السمع..
لن أطيل كثيراً.. فهو لم يعلمني حرفاً فحسب، بل
هو الذي تسلمت منه مفتاح القراءة..
رحمة الله عليك يا خال