يوم القدس العالمي .. القدس تجمعنا
د. أيمن أبو ناهية
يمر يوم القدس العالمي هذا العام والقدس المحتلة
تعيش أسوأ أيامها بفعل الممارسات الإسرائيلية غير القانونية التي تستهدف المدينة المقدسة
سواء أكان من حيث التهويد المستمر للمدينة أو مواصلة بناء المستوطنات وجدار الفصل العنصري
لتقسيم المدينة أو ترحيل أهلها الصامدين الصابرين أو مواصلة الحفريات تحت أساسات وبنايات
المسجد الأقصى المبارك، كما يأخذ هذا اليوم المقدس طابعاً خاصاً لأنه يتزامن مع ذكرى
إحراق المسجد الأقصى المبارك في 26من هذا الشهر.
ولا يخفى على أحد الوضع الراهن في المدينة المقدسة
بأنه (على حافة الانفجار)، بسبب تكثيف قوات الاحتلال حملات الملاحقة اليومية للمواطنين
والتجار المقدسيين؛ من خلال حملات الدهم الضريبي وتحرير المخالفات للمركبات الخاصة
والعامة بالجملة، في الوقت الذي تواصل فيه التضييق على حركة انتقال المواطنين فيما
تفرض قيوداً على حرية العبادة، وهو ما ينطوي على (انتهاك خطير) لحق الإنسان في أداء
شعائره الدينية وتصعيد حملات الهدم والاستيلاء، ضد المنازل.
ومن أجله هبت تظاهرات جماهيرية هادرة عن بكرة أبيها
في العواصم العربية والإسلامية والعالمية، لتخليد يوم القدس العالمي تحت شعار
"القدس تجمعنا" عانقت شعاراتها وهتافاتها المدوية ملاحم ومآثر الثورات الشعبية
العربية بما عرف بـ"الربيع العربي" التي أطاحت بالأنظمة الاستبدادية العميلة
وأنتجت أنظمة إسلامية شريفة تريد الثأر للقدس والأقصى.
لقد عبرت المسيرات الجماهيرية الحاشدة عن نبض الأمتين
العربية والإسلامية برمتها، وأكدت تأكيدا قاطعا على القدرة الهائلة لأسلوب التظاهر
وإعلان الغضب والاستنكار والنفير، على إثارة الخوف والرهبة والهلع في نفوس غاصبي القدس
الشريفة وقتلة الشعب الفلسطيني، ومؤججي الفتن والاضطرابات والفوضى في العالم الإسلامي.
في هذا العام اكتسب يوم القدس العالمي أبعادا تعبوية
أكثر وضوحا بإحياء هذه المناسبة من قلب ميادين الاعتصام ضد الانقلاب والظلم برفضهم
للوجود الصهيوني في أرض الإسراء والمعراج، حيث احتشد أبناؤه أمام مبنى السفارة الإسرائيلية
في القاهرة مطالبين بإغلاقها وطرد السفير الصهيوني من بلادهم، و مرددين هتافات تندد
بالاحتلال في مشهد يظهر القوة الهائلة التي تختزنها الأمتين العربية والإسلامية في
داخلها، والتي متى ما انفجرت، فحينئذ من الصعب تصور حجم الصاعقة التي ستنزل بساحة الذين
عرضوا أبناءها في فلسطين والبلدان العربية و الإسلامية الأخرى، للمجازر والمظالم والدمار
الشامل، كما أرسلوا -ومعهم كل العرب والمسلمين الذين احتفلوا بهذه الذكرى- رسالة مفادها
أن تحرير القدس وجميع الأراضي العربية المحتلة لم يعد مجرد خطاب للاستهلاك المحلي،
بل هو حقيقة واقعة حتما، لأن ما اخذ بالقوة الغاشمة والعربدة العسكرية، سيسترد بقوة
الجهاد والتضحية والفداء، وان المشيئة الإلهية المدافعة على المظلومين والمستضعفين،
هي بالمرصاد لكل سلوكيات الغطرسة والاستكبار والعدوان والاحتلال الإسرائيلي.
فلا جدوى من محاولات الاحتلال لسياسة زرع الخوف
والرعب في نفوس المدافعين عن مدينة القدس، عوضا عن كون تلك الخطوة خرقا فاضحا للحقوق
والحريات من قبل من يدعي الديمقراطية وذلك يدلل على مدى عمق عنصرية الاحتلال تجاه السكان
العرب والمسلمين في القدس، وبالتالي أصبحت الجماهير اليوم أكثر جراءة وأكثر تحديا من
التهديدات الصهيونية، ففي العام الماضي سجل يوم القدس العالمي مسيرات زحف نحو القدس
المحتلة من كافة البلدان في القارات الخمس تستهدف الزحف إلى أقرب نقطة تلامس مع حدود
فلسطيني والقدس من داخل فلسطين ومن خارجها والهدف الرمزي هو الاقتراب من مدينة القدس،
على أن 700 مؤسسة من 64 دولة تشارك بشكل مباشر وغير مباشر بدعم هذا النشاط الجماهيري
من 400 شخصية عالمية أغلبهم حاصلون على جائزة نوبل للسلام بهدف خلق رأي عام دولي قوي
يؤيد عودة القدس إلى الشعب الفلسطيني صاحب الحق، واليوم أصبح يوم القدس العالمي يوم
"حشد عالمي" في العواصم العالمية تطالب بتحرير القدس.