القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

يوم انقلبت كتائب عبد الله عزام

يوم انقلبت كتائب عبد الله عزام

بقلم: قاسم س. قاسم

هددت «كتائب عبد الله عزام» باستهداف شيعة لبنان إذا لم يتبرأوا من حزب الله. إسلاميو عين الحلوة يعرفون أن هذه المجموعة المتطرفة بتوجهاتها، إذا «قالت فعلت»..

وجدت «كتائب عبد الله عزام» خلال انطلاقتها الأولى ملاذاً لها في مخيم عين الحلوة. وقد عملت الكتائب على استيعاب شباب كانوا في تنظيمات إسلامية منحلة، مثل جند الشام، وبعض «المتطرفين» الذين انشقوا عن التنظيمات الإسلامية الأخرى الموجودة في المخيم، بالإضافة إلى بعض الأجانب الذين أتوا من الخارج إلى عين الحلوة لتشكيل نواة تلك المجموعة. وكان الهدف الأساس للكتائب التي قاتل بعض أفرادها في أفغانستان والعراق وممن يملكون خبرات ضخمة في صنع العبوات وزرعها، الجهاد ضد «القوات الصليبية» الموجودة في الجنوب، أي قوات اليونيفيل.

بعد التفجيرات التي طاولت اليونيفيل، بالإضافة إلى إطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، أظهرت «كتائب عبد الله عزام ــ سرايا زياد الجراح» جدية في تنفيذ مخططاتها.

فكانت هذه العمليات إعلاناً لولادة هذه المجموعة التي تبنت انطلاقتها مواقع جهادية تابعة للقاعدة. حينها تحولت الأنظار إلى عين الحلوة، وعملت أجهزة الاستخبارات التابعة للدول المشاركة في اليونيفيل على معرفة تفاصيل أكثر عن هذه المجموعة الوليدة. وأظهرت تحقيقاتها واختراقها لبعض الأفراد المقربين من تلك المجموعة أنها تملك «بنك أهداف كبير تسعى إلى ضربه. لذلك، اتخذت قوات اليونيفيل احتياطات إضافية، وخصوصاً في ما يتعلق بتحركاتها من الجنوب لبيروت»، يقول مسؤول أمني فلسطيني. كانت «كتائب عبد الله عزام» تنظر إلى «العدو البعيد»، أي قوات اليونيفيل. أما «العدو القريب»، حزب الله، فكان كل الاعتراض عليه أنه «يحمي الحدود مع اليهود ويمنع أهل السنّة من المقاومة»، يقول أمير فتح الإسلام الشيخ أسامة الشهابي. لكن نقطة التحول بالنسبة إلى هذه المجموعة وتحويل نظرها إلى «العدو القريب»، كانت أحداث 5 أيار 2008 وما تلاها من معارك بين حزب الله وتيار المستقبل. فقد رأت الكتائب أن ما يجري هو «هجوم للشيعة على السنّة»، كما يقول القيادي في عصبة الأنصار أبو طارق السعدي. وفي تلك الأيام، خلال أحداث السابع من أيار، طلب تنظيم القاعدة من عصبة الأنصار «تهيئة أماكن لحضور مقاتلين أجانب للدفاع عن السنّة وللقيام بعمليات استشهادية في الضاحية الجنوبية»، يقول السعدي. يضيف: «لكننا طلبنا منهم وأقسمنا عليهم بدماء شهدائنا الذين سقطوا وهم يقاتلون معهم في أفغانستان والعراق عدم تحويل لبنان إلى أرض جهاد وإبقاء الساحة اللبنانية ساحة نصرة فقط».

هذا الطلب لقي آذاناً صاغية عند قادة القاعدة الذين يقول السعدي إنهم «على تواصل معها من خلال مراسيل بيننا». تمنّي عصبة الأنصار على القاعدة عدم نصرة المستقبل حينها واستهداف حزب الله جاء بعدما «قلنا لقيادات القاعدة إننا نملك قواسم مشتركة مع حزب الله أكثر من تلك مع المستقبل». يضيف: «أخبرنا القيادات أن ما يجري هو بسبب استهداف تيار المستقبل لسلاح الإشارة لحزب الله وأن ما يجري ليس طائفياً». ويقول: «كما أوضحنا أن تيار المستقبل مع أنه حزب سنّي لكنه يجلس مع الأميركيين ويأتمر بأمرهم، بينما حزب الله حركة إسلامية مثلنا وله مشروع تحقيق دولة إسلامية مثلنا وعدوه عدونا. أما في ما يتعلق باختلافنا العقائدي معه، فيمكن حله معهم بعد انتهاء جهادنا ضد عدونا الأبعد». ويتابع السعدي: «إن استهداف القاعدة لحزب الله كان تهديداً جدياً. ولو أراد التنظيم ذلك لفعله؛ إذ يمكنه إرسال سيارات مفخخة إلى الضاحية الجنوبية وتفجيرها في الأسواق الشعبية، لكن حينها ماذا سيحصل؟ مجزرة بكل ما للكلمة من معنى». يضيف: «إن الإمكانات لدى التنظيم موجودة، والاستشهاديون حاضرون، لكنّ بلداً مثل لبنان لا يتحمل مثل هذه الضربات».

من جهته، كان حزب الله ممتناً لموقف العصبة أمام القاعدة، وخصوصاً بعدما «منعت العصبة الإسلاميين من الخروج من المخيم أو إغلاقهم للطريق المؤدية إلى الجنوب». تجسد امتنان حزب الله بسعيه لدى القيادة السورية من أجل إطلاق سراح إبراهيم السعدي، ابن أمير العصبة «أبو محجن»، الذي كان إطلاق سراحه «لا عالبال ولا على الخاطر». رسالة حزب الله وصلت إلى العصبة، ولم تكن حالة المودة بين الطرفين تنحصر في إطلاق سراح ابن «أبو محجن»، بل وصلت إلى حد ضغط حزب الله لتسريع إنجاز الملف القضائي لأحد قادة العصبة الموقوفين لدى الدولة اللبنانية.

لكن الود بين العصبة والحزب لم ينعكس على نظرة تنظيم القاعدة تجاه حزب الله. فتأييد الأخير العلني للنظام السوري أجج غضب «القاعدة» عليه. وتقول مصادر أمنية فلسطينية إن نقطة التحول الأساس التي أظهرت تبدل مزاج «كتائب عبد الله عزام» تجاه حزب الله والشيعة هي طلب «الشيخ أيمن الظواهري مباشرة وتأكيده ضرورة تصفية نبيه بري وبعض رموز الشيعة»، بحسب ما قال أمير فتح الإسلام أسامة الشهابي.

هكذا، لا يمكن أحداً في مخيم عين الحلوة نفي وجود كتائب عبد الله عزام هناك. إسلاميو المخيم يعرفون عناصر تلك المجموعة جيداً، ويعرفون أماكن سكنهم، لكنهم ينفون وجودهم أمام «الغرباء». لكن بعض هؤلاء الإسلاميين يعلنون صراحة أن «كتائب عبد الله عزام تابعة مباشرة للقاعدة وتأتمر بأمرها وهي موجودة في المخيم، ونحن نلتقي بها»، يقول الشهابي.

يضيف: «اختيار اسم عبد الله عزام لم يأت من فراغ، فهذا للدلالة على الحيثية الفلسطينية الموجودة للمجموعة، وذلك تيمناً بالقيادي الجهادي الفلسطيني عبد الله عزام». أما إطلاق اسم «زياد الجراح (اللبناني المشارك في عملية 11/9 وأحد أقرباء النائب جمال الجراح) على السرايا التابعة للكتائب، فهو لتأكيد الصبغة اللبنانية ومكان عمل هذه المجموعة، أي الساحة اللبنانية». يؤكد الشهابي أن هذه «المجموعة عقائدية ولا تخضع لسيطرة أحد من إسلاميي المخيم، ولا يمون عليها أحد». بمعنى آخر، إن هذه المجموعة جدية حين تطلق تهديداتها، وفي تنفيذ مشروعها «الجهادي».

المصدر: الأخبار