20 دقيقة في البارد تختصر معاناة 8 سنوات
بقلم: عمر ابراهيم
إختزل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والوفد المرافق له معاناة ثماني
سنوات للاجئين الفلسطينيين في مخيم نهر البارد، في عشرين دقيقة كانت المدّة الزمنية
للجولة التي قام بها في المخيم والتقى قيادات الصف الأول وعائلة واحدة من آلاف العائلات
المهجّرة خارج منازلها منذ العام 2007، بعد المواجهات العسكرية التي دارت حينها بين
الجيش اللبناني وتنظيم "فتح الإسلام" وأدت الى تدمير المخيم القديم، والذي
لم ينته العمل بإعادة إعماره رغم مرور ثماني سنوات على إطلاق ورش الإعمار بسبب نقص
الأموال، كما ادعت وكالة الأونروا.
لم يَعْتَد اللاجئون الفلسطينيون منذ تفاقم معاناتهم مؤخراً في مخيمات اللجوء
على استقبال اي وفد اممي بهذه الطريقة "الكلاسيكية"، حيث بدت الزيارة منظمة
وبروتوكولية لأقصى درجة، ما يتنافى مع الحراك الفلسطيني الدائم في المخيمات في ما يخصّ
قضاياهم وأبرزها حق العودة والعيش بكرامة، وكلها أمور كان يمكن لها أن تفجّر غضب اللاجئين
داخل المخيم لو أتيح لهم التعبير، خصوصاً أنهم لطالما وجّهوا رسائل قاسية الى الأمين
العام خلال تحركات مطلبية كانوا قاموا بها، لكنهم بالأمس احترموا أصول الضيافة والتزموا
أيضاً بالتمنيات الامنية والسياسية، فألغيت المظاهر السلبية، واستعيض عن كل ذلك بلقاء
رسمي في حرم إحدى المدارس شارك فيه السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وممثلو الفصائل
واللجان الشعبية، الذين بدوا في حضرة الضيف الأممي على قدر المسؤولية في إعطاء صورة
لا تلامس أرض الواقع ولا تمتّ الى مطالب شعب يعاني شتى أنواع القهر.
لكن برودة الجولة فجّرتها دموع امراة اختيرت من بين اللاجئين لتتحدّث الى الامين
العام نيابة عن أقرانها المهجرين من منازلهم، ما أعطى الجولة الميدانية الطابع الذي
يرغب منظموها بإظهارها، فكان هذا اللقاء الحصري وما رافقه من تفاعل حميمي ووعود، وحدها
الأيام المقبلة كفيلة بإثبات جديتها.
فقد جال الوفد الأممي على رأسه بان على مخيم البارد، حيث التقى وفد الفصائل
واستمع الى كلمة ترحيبية من السفير دبور، قبل أن يتحدث الى الحضور واعداً بتقديم كل
ما يلزم لإنهاء معاناة اللاجئين في المخيم والدعوة الى تأمين الأموال اللازمة لاستكمال
عملية الإعمار.
تلا ذلك استماع بان الى شرح مفصل عن ملف إعمار البارد، وعن الخطوات التي نفذت
وتلك التي تنتظر التمويل، كما ألقيت سلسلة كلمات لقيادات الفصائل طالبت بالإسراع في
معالجة أزمة تقليص خدمات الأونروا وفي إنهاء إعمار المخيم، وتسلم بعدها مذكرتين عن
معاناة اللاجئين في المخيم وأخرى عن معاناتهم في لبنان.
وبعد ذلك جال بان والوفد، على مخيمات النازحين السوريين العشوائية ضمن بلدة
بحنين ـ المنية، حيث تفقدوا على تلك المخيمات برفقة ممثلي الأونروا واليونيسيف وممثلي
وزارات الصحة والتربية والشؤون الاجتماعية المتعاونة مع جمعية بيوند لحماية وتأهيل
وإعداد الأطفال للدخول الى المدارس والتخفيف من معاناتهم.
وبعد الاطلاع على نشاطات الأطفال في تلك المخيمات، وجولة على العيادة الطبية
والاستماع الى شكاوى النازحين، وزّع رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم بياناً قال فيه:
"يعيش الآن ما يُقدّر بنحو مليون ونصف مليون لاجئ في لبنان نتيجة للصراع في سوريا،
وبسبب تدفق اللاجئين زاد عدد السكان أكثر من 25 بالمئة وأثرت هذه الزيادة السريعة في
عدد السكان على البنية التحتية الضعيفة والنسيج الاجتماعي للبلاد، وشكلت ضغطاً على
قدرة البلديات على تقديمات خدمات عامة جيدة ويواجه لبنان الآن خطراً يتهدّد وجوده".
وكرر الإعلان عن تقديم 100 مليون دولار لتمويل مساعدة لبنان على تحقيق هدفه
في تحسين نوعية التعليم لكل الأطفال من سن خمسة اعوام الى 17 عاماً، ولضمان ان يلتحق
كل اطفال اللاجئين السوريين الذين يعيشون هنا بالمدارس. أضاف: "لن نقف مكتوفي
الأيدي ونسمح للنظام التعليمي اللبناني أن يفقد معاييره أو يحرم ما يصل الى 200 الف
من اطفال اللاجئين السوريين من القدرة على الحصول على التعليم".
المصدر: السفير