القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

45 دقيقة امام مكتب الأنروا، لتفهم الحكاية!

45 دقيقة امام مكتب الأنروا، لتفهم الحكاية!

/cms/assets/Gallery/1135/4.jpg

برهان ياسين - قلم

وصلت الى مكان الإعتصام فوجدت احد الزملاء يقوم بإعداد تقرير ميداني، وهو أمر اسعفني في التعرف أكثر عما يحدث. فكل ما كنت أعرفه ان أهالي مخيم نهر البارد يعتصمون امام مكتب الأنروا الرئيسي دون ان اعرف التفاصيل.

حدثني الصديق عن مطالب المعتصمين المتمثلة في إعادة العمل بخطة الطوارئ الإغاثية لأهالي مخيم نهر البارد التي تشمل تأمين الطبابة بنسبة 100%، ودفع إيجارات منازل اللاجئين الذين دمرت منازلهم ولم يتم إعادة إعمارها بعد، وتقديم مواد إغاثية (أعاشة) بشكل شهري.

حينها لم يخطر على بالي سوى سؤال واحد : بعد 7 سنين من حرب نهر البارد لماذا يجب ان تستمر حالة الطوارئ؟ !!

دخلت الى الخيمة الرئيسة ابحث عن الإجابة. رأيت رجلا عجوزا جالسا على فراش مهترئ. عرفت ان الرجل قد وصل صباحا الى مكان الإعتصام، فهو لايزال يعيش في البيوت الحديدية الجاهزة (البركسات) فمنزله في الرزمة الخامسة ولم يتم إعادة إعماره، فوكالة الأونروا لم تنهي بعد الرزمة الرابعة من اعادة الاعمار التي تحتوي ثماني رزم!!

بدأ الرجل -الذي عرفت فيما بعد انه يدعى عوض عبد الله- يروي قصته :" لدي بنت صغيرة عمرها 3 سنوات و3 أشهر لديها جرثومة في النخاع الشوكي وتصاب بين الفترة والأخرى بغيبوبة وبحاجة الى مليونين ونصف ليرة لبنانية لإجراء الفحوصات ولا املك شيئا من المبلغ.. لدي من الأولاد 12 وابنتي المطلقة واطفالها 3 ولا استيطع العمل ولن أترك المكان قبل ان تعود خطة الطوارئ لاتمكن من معالجة بنتي".

توقفنا عن الحديث مع وصول وفد من أهالي مخيم شاتيلا للتضامن مع اهالي نهر البارد. لكن المفاجئ ليس بالزيارة لكن بالضيافة التي يقدمها المعتصمون لزوارهم من عصير وشاي وقهوة الأمر الذي يجعلك تعتقد انك تزورهم في منزلهم وليس في خيمة إعتصامهم، وان نظرت حولك ستشاهد اكياسا تحوي مناقيش وخبز وخضار ومربطان زيتون اخضر وابريق شاي من الحجم الكبير وغاز متنقل واشياء اخرى لم استطع تمييزها.

القيت السلام الأخير على المعتصمين وقبل المغادرة رأيت على الحائط لوحة كتب عليها مقطع لمحمود درويش يقول فيه : "على هذه الأرض سيدةُ الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين. صارتْ تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة "، حينها فقط فهمت كل شيء.