القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

67 عامًا من النكبة

67 عامًا من النكبة

بقلم: أيمن أبو ناهية

سبعة وستون عامًا هي عمر نكبة فلسطين التي ما زالت مشاهدها حاضرة في أذهان أبناء الشعب الفلسطيني، عندما أجبر أهل فلسطين التاريخية عام 1948م على ترك بيوتهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم، وأصبحوا بين ليلة وضحاها مشردين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، مشردين في خيام للاجئين أنشأتها وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبعض الدول العربية المجاورة، ولا يزالون ينتظرون العودة إلى يومنا هذا.

نكبة تعني ضياع فلسطين ودمار الشعب الفلسطيني باقتلاعه من وطنه، وإحلال اليهود مكانه، وقد تجسّد ذلك في أول موجة تهجير وإبعاد قسري للفلسطينيين من أرضهم، إذ هجر وطرد 800000 فلسطيني من منازلهم، وقد أصبح عدد هؤلاء اللاجئين وأولادهم وأحفادهم بعد 67 عامًا من تاريخ النكبة أكثر من 5 ملايين لاجئ، لا يزال معظم هؤلاء اللاجئين يعيشون في مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية وقطاع غزة، وفي البلدان العربية المجاورة، وفي مختلف دول العالم.

نكبة فلسطين لم تبدأ من الأيام الأولى التي سبقت إنشاء الكيان العبري على أرض فلسطين، بل كانت بداياتها الفعلية منذ عام 1917م، عندما منح الانتداب البريطاني اليهود وطنًا قوميًّا في فلسطين، وما عرف بوعد بلفور (وعد من لا يملك لمن لا يستحق)، وعمل الانتداب على مدار 28 عامًا على تسهيل إنشاء هذا الكيان، فسن القوانين لمصلحة اليهود، وأعطاهم امتيازات وتسهيلات لامتلاك الأراضي، في الوقت نفسه ضيق على الفلاحين وفرض ضرائب باهظة عليهم، إضافة إلى أنه كان الداعم الأول لهم بالمال والسلاح والعدة والعتاد، وقد تساهل الانتداب مع قوافل اليهود المهاجرين من أوروبا إلى فلسطين بإنشاء المستوطنات التي لا تزال موجودة إلى هذا اليوم، بعد أن شهدت مراحل من التسمين والتضخيم على حساب الأراضي الفلسطينية، وتشير إحصائيات الوكالة اليهودية إلى أن عدد اليهود عند الاحتلال البريطاني بلغ 56 ألفًا، أي 9% من مجموع السكان، وكان أغلبهم من رعايا الدول الأجنبية، وما إن انتهى الانتداب البريطاني عام 1948م حتى أصبح عددهم 605 آلاف يهودي؛ نتيجة الهجرات الظاهرة والخفية التي سمح بها الانتداب البريطاني مع معارضة الأهالي ومقاومتهم وثوراتهم التي لم تتوقف لحظة واحدة، حتى أصبح اليهود يمثلون 30% من سكان فلسطين الذين بلغ عددهم نحو مليوني نسمة عام النكبة.

يعد قرار التقسيم في عام 1947م من نكبة فلسطين، إذ أوصى بإنشاء دولة يهودية على 54% من أرض

فلسطين، ودولة عربية على ما تبقى من المساحة، مع تدويل مدينة القدس تحت إدارة منفصلة، وقضى هذا القرار بأن تفرض أقلية أجنبية مهاجرة سيادتها على أكثر من نصف فلسطين، وتقيم فيها دولة عبرية نصف سكانها عرب وجدوا أنفسهم بين يوم وليلة رعايا دولة أجنبية غازية، وبناءً عليه يعد تنفيذ القرار التوصية الجائر في أوائل أبريل 1948م في أثناء وجود الانتداب البريطاني بمنزلة نكبة فلسطين الكبرى، وبدأ بوصل الأراضي التي سيطر عليها اليهود معًا، ثم الاستيلاء على الأرض العربية حولها وطرد سكانها بقوة السلاح، بعد ارتكاب المجازر البشعة، ومذبحة دير ياسين مثال شاهد على سياسة الإبادة الجماعية التي اقترفها اليهود بحق سكان بلدة دير ياسين، ولم تحرك القوات البريطانية ساكنًا لحماية السكان، وما إن جاءت نهاية الانتداب حتى كان اليهود وعصاباتهم قد سيطروا على 13% من مساحة فلسطين، وطردوا 400 ألف لاجئ من 199 قرية، وقتلوا ما يقرب من 300 ألف فلسطيني، وسيطر الاحتلال آنذاك على معظم السهل الساحلي وشريط غربي نهر الأردن حول بحيرة طبرية، وشريط يصل بينهما في مرج ابن عامر، وسقطت في يده مدن فلسطينية مهمة، مثل: يافا وحيفا وعكا وطبرية وصفد وبيسان واللد وغيرها، وبلغ عدد المدن والقرى الفلسطينية التي هجر سكانها عام 1948م نحو 531.

ووفقًا لإحصائيات (أونروا) بلغ العدد الكلي للاجئين الفلسطينيين نحو 5 ملايين، منهم أكثر من 1.4 مليون داخل الأراضي الفلسطينية، حيث يعيش 640 ألفًا في 19 مخيمًا بالضفة الغربية، و820 ألف لاجئ في مخيمات قطاع غزة، وفي الشتات (خارج الأراضي الفلسطينية) بلغ عددهم نحو 3.5 مليون، بينهم 1.8 مليون يعيشون في الأردن، ونحو 650 ألفًا في سوريا، ونحو 450 ألفًا في لبنان، ونحو 63 ألفًا في مصر، ويعيش نحو نصف مليون فلسطيني في سائر الدول العربية وفي الدول الغربية.

النكبة لم تتوقف في عامها السابع والستين، ولعلنا نذكر المذابح التي ارتكبت بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بمخيمات صبرا وشاتيلا و"المية مية" وعين الحلوة ونهر البارد، واليوم يعيد التاريخ نفسه بارتكاب النظام السوري أبشع المجازر ضد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث يعيش الفلسطينيون الآن فصلًا مأسويًّا من فصول النكبة، إذ طال التشرد الأسرة الواحدة التي توزعت على العديد من بقاع العالم؛ نتيجة تداعيات الحروب العربية الداخلية المتواصلة حتى اللحظة.

المصدر: فلسطين أون لاين