الرجل الذي يهمس
في آذان النحل
متابعة – لاجئ نت
على مر السنين، طوّر
مايكل جوشين ثيلي معرفة عصامية وحميمة بأحد أروع وأكثر أنواع الكائنات تعقيدًا وغموضًا،
بعد أن ربط نفسه بعالم النحل وسخر له كل حياته بعد وفاة زوجته الأولى التي دفعته إلى
الغوص في الطبيعة.
بهذه المقدمة، انطلقت
مجلة لنوفيل أوبزرفاتور الفرنسية في سرد قصة هذا الرجل الذي توغل في أسرار النحل وفهم
غوامض سلوكه، حتى إنه كان يضع أذنه على الخلية ليفهم من ضجيجها مدى صحتها وسعادتها
أو قلقها.
بدأت قصة هذا الألماني
عندما فقد زوجته الشابة (31 سنة) بالسرطان، فأحس بوحدة قادته إلى الولايات المتحدة،
حيث استقر في تسعينات القرن الماضي على حافة المحيط الهادي، وبدأ هوسه بالنحل الذي
قاده بعد استعارة خلية أولى مغامرة لم تتوقف بعد.
وقد استقر ثيلي في
ساباستوبول قرب سان فرانسيسكو، وقبل أن يؤسس شركة "أبيس أربوريا" بدأ برفض
استخدام المواد الكيميائية والملابس الواقية، وتحول عن النحل المربى إلى النحل البري
في بيئته الطبيعية الأشجار، وأخذ يدرس سلوكه ويكتشف أمورا كانت سرا خفيا.
وتساءل: لماذا لم
يطرح أحد على نفسه السؤال "كيف يعيش النحل في البرية، عندما لا يكون له مرب من
البشر؟" خاصة عندما بدأ الإنسان يضع النحل في خلاياه قبل 4500 عام، وكيف أن النحل
البري الذي هاجمه المدمر الآسيوي الرهيب الفاروا -الذي يدمر خلايا النحل الأوروبية
والأميركية- طور مناعة طبيعية وانتعش بعد بضع سنوات.
وقد تخلى ثيلي بسرعة
عن "مربعات النحل" التي يستخدمها مربوه، منتقدا الفظائع التي تخفيها تلك
البيوت، من تهوية سيئة وشكل غير مناسب ومكان غير لائق في 99% من الحالات، واعتبرها
مسؤولة عن معدل الوفيات الذي بلغ 42% بين النحل العام الماضي بالولايات المتحدة، مما
أهلك مليون خلية من أصل 2.5 مليون.
أول خلية صحية
ولهذا، انشغل في
إعداد السكن اللائق، وعلق أول خلية طبيعية له في شجرة عام 2008، وهي عبارة عن جذع مقطوع
محفور ومغطى بغطاء محكم، مع فتحتين أو ثلاث فتحات للنحل.
يقول "شعرت
بأنني نيل أرمسترونغ يخطو على سطح القمر، عندما فتحت الباب لولوج عالم المجهول ومختلف
تماما" ومع مرور السنوات، قام ثيلي بتحسين وتصحيح مستمر لخلاياه التي يصنعها مستعينا
بمنشار طويل لإزالة قلب الجذع، وبمجرد الانتهاء منها يعلقها على شجرة باستخدام بكرة
مزدوجة ويربطها عموديا، ثم بعد أيام قليلة يحتلها النحل من تلقاء نفسه.
وتقول المجلة إنه
يكفيك أن ترى ثيلي يتسلق شجرة ويلصق أذنه بخلية، لتعرف مدى الخبرة التي طورها، فمن
خلال الاستماع إلى طنين الخلية يمكنه أن يخبرك عن حالتها الصحية، وهل ستقضي الشتاء
بسلام أم أنها ستستسلم للأمراض والطفيليات.
ويقول ثيلي بعد الاستماع
إلى خلية "أنا قلق بعض الشيء. الطنين ليس قويا" ولديه كثير من الإشارات يعرف
بها حالة خلية النحل، حيث يضيف "بالتفاعل والطريقة التي يتحرك بها النحل، أعرف
منها هل يعاني من الانفعال أو أنه سعيد".
الباحث والمجرب
وعندما زار الباحث
توماس سيلي -وهو أستاذ بجامعة كورنيل وخبير في النحل- هذا الرجل العصامي، وقارنا ملاحظاتهما
وحجم العش الأمثل والعزل وحجم فتحة الدخول المثالية وتباعد الخلايا، بدت بيانات الباحث
والمجرب متطابقة، قال سيلي إن ذلك لا يفاجئه فـ "كلانا سأل النحل كيف يريد العيش،
ومن المنطقي أن نجد نفس الجواب".
وقد وفرت هذه الخبرة
لثيلي اليوم ما يعيش به، عن طريق إعطاء ندوات عبر الإنترنت أو مباشرة، أو تثبيت خلايا
النحل للزبائن، وهو يقول "هذه الخلايا ليست مصنوعة من أجل حصاد العسل، وقد يستخدمها
قليل من الناس للتلقيح، ولكنها بالنسبة لمعظم عملائي تتعلق بإنقاذ النحل".
وقد سرت عدوى تجربة
ثيلي إلى شيانا بون، وهي شابة كانت تبني خلايا نحل أفقية معلقة على حامل ثلاثي الأرجل،
وقامت بالتعاون معه لتطوير "مناحل محلية" معلقة بأنه من دون تعاون بين الجيران
تضررت خلايا ثيلي الصحية بالفيروسات والطفيليات الموجودة بخلايا النحل التجارية المحلية،
في حين أن تلك التي قام بتثبيتها قبل سبع سنوات لعميل بدون جيران قريبين لا تزال في
حالة جيدة.
ولكن شيانا غير مرتاحة
لما يعتقدونه في مقاطعة نيفادا، حيث يشك مربو النحل في أن هذه الموائل الطبيعية
"ملاجئ للآفات" حتى إنها أصدرت مرسوما محليا يحظر تعليقها على الأشجار.
ويفضل مربو النحل
استعمال السموم لمكافحة الآفات، وفقا للباحث سيلي فـ "من المحتمل أن يواصل الناس
السير على هذا الطريق، لكنه جهنم بالنسبة للنحل ومدمر لمربيه" الذين يطغى عليهم
الطابع التجاري.
المصدر : الصحافة
الفرنسية