القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

مشـاركــة 8 آلاف من البــارد والبــداوي

مشـاركــة 8 آلاف من البــارد والبــداوي
 
 
الإثنين، 16 أيار، 2011
 
أبى مخيم نهر البارد إلا ان تكون له بصمة في مارون الراس، في مسيرة العودة إلى فلسطين أمس، التي شارك فيها الآلاف من أبنائه، فحصد شرف الحضور الكثيف ووسام التضحية التي تكللت بدماء جريحين من أبنائه سقطا خلال مقاومة قوات الاحتلال عند الحد الفاصل بين الأراضي اللبناني والأراضي المحتلة. وتلقى من بقي من أبناء مخيم البارد، ومعهم أبناء مخيم البدّاوي النبأ بكل فخر، وهم يتابعون عبر شاشات التلفزة المواجهات التي وقعت على الحدود اللبنانية الفلسطينية، فاختلطت مشاعر الغضب بمشاعر الاعتزاز والفخر، وفي القلب حسرة لدى من لم تتسن له المشاركة والحصول على شرف المواجهة التي طالما تمناها. وقد وصل عدد المشاركين من مخيمي البارد والبدّاوي في المسيرة إلى ثمانية آلاف من نساء وأطفال ورجال وشيوخ، خرجوا تاركين وراءهم أحبة انشغلوا طوال ساعات النهار أمس في الاطمئنان عليهم، فانهالت الاتصالات على اللجان المنظمة مستفسرة عن الآباء والأشقاء والأبناء والبنات.

لعدو إلى الشارع، فشهدت شوارع المخيم تجمعات لم تخل من إطلاق الهتافات والتكبيرات.

أما في مخيم البارد الذي عمّد أقسامة القديمة والحديثة بدماء جريحين هما سامر ميعاري (18 عاما) واحمد ددح (17 عاما)، فقد تجمع أبناؤه في الساحة العامة وفي مراكز الإيواء المؤقت بانتظار عودة قوافل المشاركين، ومعهم الجرحى الذين نقلوا إلى مستشفى مرجعيون لتلقي العلاج. لم ينم أحد في المخيمين يستعيد أبو وليد السيد (75 عاما) ذكريات التهجير الأول من فلسطين في العام 1948 عندما كان شابا يافعا، وأرغمته عصابات الصهاينة على هجر منزله مع عائلته. اليوم، وبعدما تقدم به العمر، ما زال يحلم بالعودة الى بلده ومنزله وأرضه ليقبّل ترابها ويدفن فيها حراً.

يتشارك ابو وليد الغاية والإحساس مع كثير من اللاجئين الذين هبوا للمشاركة في مسيرة العودة إلى فلسطين عبر مارون الراس، وتحديدا كبار السن من بينهم. ولم يستطع أحد إقناع هؤلاء بالبقاء في المخيم بسبب أوضاعهم الصحية.

أمس، لم ينم أبناء مخيمي البداوي والبارد، ولم تعرف أزقتهما سكون الليل. تحولت الساحات ومراكز انطلاق القوافل إلى خلية نحل تجمع فيها مئات الشبان المنظمين والمشاركين الذين وصلوا الليل بالنهار تحضيرا لموعد الانطلاق الذي تأخر لبعض الوقت بسبب تأخر الحافلات، في وقت كانت فيه الاستعدادات قد بلغت ذروتها مع الفجر على وقع أصوات مكبرات الصوت التي كانت تبث من السيارات الأناشيد الثورية والأغاني الوطنية. وغابت شعارات الفصائل والقوى وحضر العلم الفلسطيني مرفرفا فوق رؤوس الجميع، ومعه الكوفية الفلسطينية وصور «حنظلة» بالإضافة إلى الزي الفلسطيني التقليدي. وخرج أبناء مخيمي البداوي والبارد بشيبهم وشبانهم إلى الشوارع وانتظموا في تجمعات أعدتها اللجان المنظمة وانطلقوا في قوافل أقلتهم إلى طرابلس، ومنها إلى الجنوب، مشكلين سلسلة بشرية تجاوز عددها الثمانية آلاف نسمة.

لكن فرحة العودة التمهيدية للعودة النهائية إلى فلسطين، كما أطلق عليها المشاركون، لن تكتمل، بحسب ابو وليد، قبل تحقيق الوحدة الحقيقية والعمل صفا واحدا لطرد المحتلين. يختزل الرجل ما يصبو اليه وسط سنوات طويلة ضاعت نتيجة الانقسام لتساهم في تأخير العودة الحلم.

وبموازاة الاستعدادات اللوجستية للجان المنظمة من تحضير الحافلات ووسائل النقل وتوزيع الأعلام والرايات، تطوع العديد من النسوة لتجهيز الأطعمة وتأمين احتياجات الرحلة ومستلزمات إقامة «الأفراح»، والتي ستتوج بإعلان حفلات خطوبة وقراءة فاتحة لـ»عرسان» قرروا الاستفادة من هذه المناسبة لتعميم الفرح من ناحية وللتأكيد على انتمائهم لوطنهم. وأكدت ميسون مصطفى، من مخيم البداوي، أنها قررت قراءة فاتحتها على عريسها محمد سليمان من مخيم عين الحلوة، متمنية ان يأتي موعد العرس وتكون فلسطين قد تحررت.

إلا أن ما شهدته الحدود من أحداث، حال دون إتمام ما كانت تطمح إليه ميسون ومحمد.