القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

احتفالات في مخيمات بيروت: غداً تعود مصر لتفتح قلبها لفلسطين..

احتفالات في مخيمات بيروت: غداً تعود مصر لتفتح قلبها لفلسطين..
 
 
الأحد، 13 شباط 2011
لاجئ نت - وكالات

كانت أم خالد في الثامنة من عمرها عندما بدأت علاقتها بمصر. يومها، طلب الرئيس جمال عبد الناصر خلال زيارته الشهيرة إلى دمشق، أن يأتوه بأبناء شهداء فلسطين، ويومها ضم أم خالد وقبلها على رأسها بعدما قدمت له باقة من الورد، فوقعت في حب من اعتبرته «أباها»، وفي حب مصر.

من على عتبة منزلها في مخيم شاتيلا حيث كانت «تتشمس» أمس، تقول أم خالد (68 عاماً من يافا) أن «مصر جمال عبد الناصر» عادت «إلينا»، في عبارة تختصر شعور غالبية أبناء المخيمات الفلسطينية في بيروت. غالبية عبرّت عن عواطفها مساء اول من امس عبر رسالة هاتفية سرت بين القاطنين تقول «مبارك رحيل مبارك».

عندما أطلّ عمر سليمان ليعلن تنحي مبارك انهمرت دموع أم خالد، وقفز ابنها من على شرفة الطابق الأول ليلتحق بالمحتفلين في الشارع.

يتذكر الشاب موقفاً «وحشاً» في سفارة مصر قبل خمسة أعوام عندما قصدها طالباً تأشيرة لزيارة أقاربه هناك. أعاد موظف السفارة وبطريقة «غير مؤدبة» وثيقة سفره وقال له «ممنوع». اليوم يأمل محمود (35 عاماً) أن يحصل التغيير وفقاً لإرادة الشباب الذين صنعوا الثورة، وهذا يعني عودة مصر «إلى العرب والعروبة»، وخصوصاً «إلى فلسطين»، على «أمل» أن تعود كل الدول العربية الأخرى «التي تتفرج على الشعب الفلسطيني في معاناته، وأن يعود بعض الفلسطينيين أنفسهم إلى قضيتهم».

يتحدث محمود عن عودة «بعض الفلسطينيين «لأن دعم مبارك لأبي مازن وللتفاوض والعلاقات مع إسرائيل جعله يخجل من كونه «فلسطينياً»، فقد «أدت الضغوطات العربية والمصرية الرسمية» على الفلسطينيين إلى سيرهم في طريق لا يريدونها «اليوم قد يتغير كل شيء».

«تغيُر كل شيء» هو ما تأمل به فريال بو قاسم (40 عاماً) من سكان مخيم برج البراجنة. لم تعرف فريال فلسطين ولا بلدتها صفد، ولكنها كانت توصي كل من يقول لها بأنه ذاهب إلى فلسطين أن يأتيها بـ«كمشة تراب». مع سقوط نظام حسني مبارك كادت فريال أن «تتنشق رائحة» تراب فلسطين،»حسيت انه التغيير طال فلسطين كما مصر»، تقول.

بالنسبة إليها «مصر هي رئة فلسطين «إن شاء الله سيفتح شباب مصر المعابر كلها، سيدعمون القضية وستعود مصر رأس حربة في الصراع».

من مدخل مخيم شاتيلا، تشعر أن شيئاً ما يحصل في المخيم. أغاني فرح وأخرى وطنية ترسلها مكبرات الصوت في محلات بيع الأشرطة الموسيقية، فيما تنعقد حلقات نقاش عند مداخل المحلات وعلى شرفات المنازل الأرضية. يتخطى النقاش الذي يدور بين «الشباب» إيجابية و«روعة» ما حصل في مصر لتحليل أثره على القضية الفلسطينية.

«فلسطين أضحت اقرب» يقول أبو توفيق (58 عاماً من عكا)، وصاحب محل في مخيم برج البراجنة. بدا أبو توفيق وكأنه ينتظر من يفتح له باباً للحديث «طبعاً التغيير سيطال فلسطين، ما فعله شباب مصر يشبه المصريين الحقيقيين الذين اعتقدنا أنهم ناموا طوال ثلاثين عاماً مضت». يعترض محمد عنان (54 عاماً من الجليل) على كلام جاره «الشعب المصري لم ينم والدليل أن «كامب ديفيد» بقيت حبراً على ورق على الصعيد الشعبي». بالنسبة إلى عنان «كل الشعب المصري يرفض «كامب ديفيد» وخروج «أم العرب» من المعسكر العربي الطبيعي.

«الفرح» كلمة صغيرة لتعبر عما شعر به أبو توفيق عند الإعلان الرسمي عن انهيار نظام مبارك. سار الرجل في «تظاهرة» فردية أمام منزله ليلاً هاتفاً بعدما رفع قبضته في الهواء «الشعب أسقط النظام»، وهو ما عرضّه لسخرية زوجته التي قالت له «فقدت عقلك يا رجل»، وهي تدعوه إلى دخول المنزل.

المهم بالنسبة لأبي توفيق وجاره عنان أن يأتي نظام «يشبه هؤلاء الشباب الثوار، وليس أتباع الأميركان والإسرائيليين».

الخوف من نظام أميركي جديد «لا بد منه» وهو ما يدفع حسام (32 عاماً من الجليل) ويملك ملحمة في برج البراجنة، أن يدافع عن «الرئيس حسني مبارك». «من يضمن» لحسام «أن الرئيس المقبل لن يكون أسوأ منه؟»، وان «الأميركيين والإسرائيليين سيسمحون بنظام عروبي حر ينسف لهم كل ما بنوه طوال ثلاثين عاماً مرت».

أما من ناحية الديموقراطية وظلم الشعب ونهب مقدرات البلاد، فيطلب حسام أن نعطيه اسم زعيم أو رئيس عربي لا يفعل ذلك حالياً، ليسأل «هل ستسمح اميركا التي تهندس الأنظمة العربية بانهيار زبائنها كلهم».

حال اليأس التي يعيشها حسام وتتناقض مع التفاؤل الذي سرى في مخيمات برج البراجنة وشاتيلا ومار الياس التي كانت تعيش احتفالات حقيقية بسقوط مبارك، تسري على معتز الذي كان يشتري حوائج «الكبة» لزوجته. يرفض معتز أي نقاش ايجابي لإمكانية استمرار التغيير في مصر إلى ما لا نهاية ويقول «سيخطفون ثورة الشباب، من هو الطنطاوي؟ ماذا يميزه عن مبارك وعمر سليمان؟ أين كان في الأيام الأولى للثورة»، يسأل الرجل بمرارة من فقد أي إيمان في قدرة الشعوب العربية على رسم مستقبلها. وبعدما يحتد معتز ويسانده حسام في الدفاع عن نظريتهما، يعودان ويعترفان أن جل ما يتمنياه هو «ذهاب الأنظمة، كل الأنظمة، القمعية منها، وتلك المتعاملة مع إسرائيل، إلى ما لا نهاية»، ولكنهما يدعوان المتفائلين إلى «القراءة في السياسة» والنظر إلى ألأمام و«ليس الاستماع إلى العواطف العفوية والجياشة».

في محلها في مخيم مار الياس جلست كلثوم (54 عاماً من الكابري في الجليل) تقلب بين القنوات التلفزيونية. لا تريد المرأة «الفخورة» بما فعله شباب مصر ان يفوتها مشهد احتفالي واحد. تركت السيدة الخمسينية منزلها مساء امس والتحقت بالمحتفلين بسقوط مبارك امام السفارة المصرية «حسيت بدي عبّر عن تضامني بفعل اجدى من الجلوس امام الشاشة والبكاء فرحاً».

اليوم «تنتقم» كلثوم مما شعرته لدى توقيع اتفاقية «كامب ديفيد». تقول «يومها انكسر ضهرنا..يومها انهزمنا..اليوم تعود مصر أمنا».

تذكرت كلثوم يوم أمس والدها الذي مات قبل أسبوع، و«لم يشهد تغير النظام في مصر». قال الرجل الثمانيني لابنته «سيخدمكم شباب مصر إذا نجحوا.. سيغيرون موقع قضية فلسطين على الخارطة». تقول كلثوم إن والدها كان متحمساً، رغم مرضه، للسهر لغاية الفجر لمتابعة ثورة مصر وكأنها ثورة فلسطين». قال لها وكأنه يوصيها وهو يبرر اهتمامه بـ«الشباب»، «إن مصر هي أم العرب وإن العائلة من دون أم تفقد توازنها وإن العرب فقدوا توازنهم مع خروج مصر من صفوفهم». استهلت كلثوم يومها أمس بالمرور على ضريح والدها، بكت وقرأت الفاتحة وأخبرته وباركت له، «كأنه قربي يشاهد ما يحصل بفرح».

من مكانه على «درجة» صغيرة تؤدي إلى منزله في مخيم شاتيلا يرسم باسم (20 عاماً من شعب في قضاء عكا) الخطوات التالية للثورة المصرية «إلغاء كامب ديفيد..طرد السفارة الإسرائيلية في القاهرة..إقفال شرم الشيخ والغردقة وطبعاً القاهرة أمام اليهود الذين يجتاحون البلاد، ووقف مد إسرائيل بالغاز الطبيعي». والأهم أن باسم لا يقبل بـ«أقل من هذا» لأن الثورة تعني الثورة على كل ما هو باطل وليس فقط على حسني مبارك».

وفي مار الياس ايضاً يصف محمود عربيد (40 عاماً من غزة) ما حصل في مصر بـ«أكثر من رائع، لأنه من صنع الشباب». ويكتمل التغيير ويكون على حجم الطموحات العربية الشعبية «إذا تمّ مثلما يريد الشباب»، وفق عربيد نفسه، «وإلا فإن القوى السياسية تكون قد خانت الشباب وثورتهم وخطفت إنجازاتهم وأحلامهم».

يتطلع محمود كما غيره من فلسطينيي مخيمات بيروت ان تفتح مصر قلبها لفلسطين، ان تفتح المعابر بعدما رحل من «انشأ الجدار الفولاذي ما بين البلدين الشقيقين، والأهم انه نال جزاءه وما يستحق».

فتح المعابر «والشريان الرئيسي لفلسطين» هو اقل ما ينتظره الفلسطينيون من «مصر الجديدة»، موحدين تحت أمنية أساسية «إن شاء الله بيكون دور ألأردن الآن.. هيك بتتحرر فلسطين من ناحيتين».