القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

السفارة الفلسطينية.. حرب طوابق!

السفارة الفلسطينية.. حرب طوابق!

السبت، 25 حزيران، 2011

شهدت السفارة الفلسطينية أمس، توتراً بلغ حدّ إشهار الأسلحة، وإقفال المبنى قبل أن يتدخل قادة من "فتح" ويخففوا من حدة التوتر ومن الإستنفار الذي كان قائما حتى ظهر أمس، ومن ثم يتوجه المتخاصمون معاً الى أداء صلاة الجمعة.

وإن كان خلاف الأمس ارتدى طابعا شخصيا، حول القرارات الإدارية، بين السفير عبدالله عبدالله والقائم بأعمال السفارة أشرف دبورة، وكانت شرارته منع أحد مساعدي السفير أول من أمس من دخول السفارة، ودخوله المبنى أمس برفقة السفير، فإن القضية أكبر وتتصل بما يجري في "فتح" وعلى مستوى السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير.

ويقول متابعون لتفاصيل المشكلات القائمة، ان الأزمة يمكن تلخيصها بأمرين: تركيز الرئاسة الفلسطينية وقيادة السلطة على تهيئة مؤسسات السلطة لتكون جاهزة عند إعلان "الدولة" على حساب مؤسسات منظمة التحرير و"فتح" خارج الأراضي الفلسطينية، والسباق على تمهيد الأرض "الفتحاوية" لخلافة الرئيس محمود عباس، الذي أعلن غير مرة أنه لا يريد ان يستمر على رأس السلطة.

والفوضى الحالية في سفارة فلسطين في بيروت، تعود شكلا إلى مرحلة ما بعد مغادرة السفير الفلسطيني السابق عباس زكي في تشرين الأول (أكتوبر) 2009، حيث شهدت السفارة فراغا دام 9 أشهر وتخلله نوع من الاستقطابات ذات الصلة باستقطابات "فتح" ارتباطا ايضا بالحراك الذي سبق المؤتمر الوطني السادس للحركة.

الوضع، وفق غير مصدر مراقب لما كان يجري في حينه، كان عبارة عن فوضى تامة.. كل طابق فيه مسؤول، وكل مسؤول لديه مرافقون، والخطوط بين الطوابق مقطوعة، الى درجة جعلت بعض المتهكمين يصفون الأمر بحرب الطوابق.

خلال الأشهر التسعة، وحتى قدوم السفير الجديد عبدالله عبدالله في تموز (يونيو) 2010 كان القائم بالأعمال هو المسؤول الفعلي في السفارة، التي برزت فيها حزمة من المشكلات ذات الصلة بتركيبة "فتح" الاستقطابية على أسس شخصية.

كان المأمول مع وصول السفير عبدالله أن تحل بعض هذه المشكلات على الأقل، وأن ينطلق العمل الديبلوماسي مجددا، خصوصا وأن السفير السابق عباس زكي، أظهر حيوية ملحوظة، سواء في العلاقات "الفتحاوية - الفتحاوية" أو الفلسطينية - الفلسطينية، وكذلك الفلسطينية - اللبنانية، وربما معايشته أزمة نهر البارد والحرب التي دارت بين الجيش اللبناني ومجموعة "فتح الإسلام"، كانت اكبر تلك الأزمات التي تعامل الفلسطينيون معها، وتجنبوا الدخول في صدام مع الجيش اللبناني وحصروه بين جيش شرعي ومجموعة إرهابية. وقبل ذلك، أطلق زكي ما سمّي "إعلان فلسطين في لبنان" الذي حدد الخطوط السياسية العامة للتعامل مع لبنان، من خلال الإعتذار عن أخطاء الماضي ورفض ان يكون الفلسطينيون جزءاً من أي أزمات لبنانية - لبنانية، وهو أمر ثبتت جدواه في كل المراحل اللاحقة.

لكن المأمول ليس هو الواقع، فالخلافات التي عرفتها السفارة، والمتاريس التي نصبت بين الطوابق، شارفت أمس على استخدام السلاح، وحصار السفير في مكتبه في الطابق الرابع، وهو أمر مرشح للتكرار ما لم يتم وضع حد له بقرارات واضحة المعالم، واكتفى المعنيون بالحلول الموضعية.

فما يجري الآن بين السفير والقائم بأعمال السفارة، يشبه إلى حد بعيد ما كان يجري بين عباس زكي وأمين سر الحركة في لبنان سابقاً سلطان أبو العينين، الذي حُل موضعيا، عبر استدعاء الرجلين إلى رام الله وابعادهما عن لبنان.

ما جرى تداوله أمس في أروقة مكاتب "فتح" والفصائل، وكثر الحديث حوله بين المسؤولين الفلسطينيين في المخيمات، كان حلاً مماثلاً لما جرى زمن عباس - أبو العينين، إذ ثمة من أكد أن الرئيس محمود عباس قرر سحب عبدالله ودبورة إلى رام الله.

ويرى عدد من كوادر "فتح"، ومسؤولون في الفصائل، ان المطلوب أكثر من حل موضعي، فعلى عباس أن يولي المؤسسات الفلسطينية في الخارج أهمية توازي اهتمامه بمؤسسات السلطة، ويأمر بتطبيق الأنظمة الداخلية، الخاصة بـ"فتح" بالنسبة الى صراع مراكز القوى في الحركة، وتلك الخاصة بوزارة الخارجية الفلسطينية في ما يتعلق بالسفارة، وبالتالي فصل العمل الديبلوماسي في السفارات عن الصراعات "الفتحاوية - الفتحاوية".

يبقى أن الحديث يدور حاليا عن صراع بين قطبين "فتحاويين" لخلافة عباس. فبعد إبعاد محمد دحلان يرى كل من عضوي اللجنة المركزية لـ"فتح" عباس زكي وعزام الأحمد، أنهما مؤهلان للمنصب، وثمة من يقول إن فضيحة السفارة بالأمس يمكن وضعها في سياق الصراع الصامت هذا.

المصدر: أنيس محسن - المستقبل