التوقيع الرسمي اليوم ... و«إسرائيل» تدعو لإلغائه
الفصائل الفلسطينية تقرّ اتفاق المصالحة
الأربعاء، 04 أيار، 2011
وقعت الفصائل الفلسطينية، في العاصمة المصرية أمس، «إعلان القاهرة» حول المصالحة بين حماس وفتح في إطار المصالحة الوطنية، على ان يتم إعلان الاتفاق رسميا وبشكل احتفالي في مقر الاستخبارات قبل ظهر اليوم.
وألقى عدد من قادة الفصائل الفلسطينية كلمات أثناء جلسة التوقيع على الأوراق رحبت جميعها بالمصالحة، وعبر بعضها عن محاذير ومخاوف من العقبات التي تعترض التنفيذ. لكن الآمال كانت عريضة لدى المجتمعين بأن تفتح المصالحة الباب أمام انفراجة فلسطينية تتوافق مع حالة التفاؤل العربية في ظل الثورات.
ورغم التحفظات فإن التوقيع على الاتفاق لم يبعد الكثيرين عن المخاوف من الفشل. فالقصة ليست توقيعا وإنما سياسة يمكن أن تنفذ وعقبات يمكن أن تظهر من القوى الأخرى. ويرفض مسؤولون مصريون تحليلات أشارت إلى أن الاتفاق تم فقط بسبب تغير قناعات لدى حماس أو فتح. ويوضحون بأن الاتفاق تم فعلا بسبب جهد مصري حقيقي.
وأكد مسؤول أمني مصري لـ«السفير» أن الدور المصري كان حاسما، وأن مصر الثورة، وفي ذروة انشغالها بهمها الداخلي، لم تغفل الموضوع
الفلسطيني. وأشار إلى أن مصر أرسلت في ذلك الوقت وفدا إلى رام الله، واستقبلت في القاهرة وفودا من حماس وفتح، وأنها طوال الوقت كانت تؤكد على أهمية المصالحة.
وفي رد على سؤال لـ«السفير» حول مقدار ما نالته القاهرة من التزام من الطرفين، وخصوصا من حماس، حول دور مصر في متابعة تنفيذ الاتفاق، أكد مصدر أمني أن دور مصر كان مطلبا للطرفين. وقال أن حماس وفتح طلبتا أن تكون مصر مرجعا في حالة الخلاف حول القضايا ذات الصلة باللجنة الأمنية وبتشكيلة الحكومة المقبلة.
وأكد اللواء خالد عرابي، الذي ألقى كلمة في المؤتمر، أن مصر الثورة اتخذت قرارها بمجابهة كل الضغوط التي تحاول إحباط المصالحة.
ولاحظ مراقبون ممن شهدوا الحضور في فندق «الانتركونتننتال» في مصر الجــديدة تركيزا واضحا على المستقلين. ولكن الجـميع يعلم أن الأصل في الخــلاف هو الفصائل والأصل في الحل هو المســتقلون. فالمستقلون يوحــون بأنــهم الأقدر على تحقيق القــبول الدولي بالحل الداخــلي الفلســطيني خصوصا في ظل الاندفاعــة نحو إعلان الدولة الفلسطينية.
الكلمات التي ألقيت كانت قصيرة جدا لا تتجاوز الثلاث دقائق. وقد تخطى الأمين العام للجبهة الشعبية القيادة العامة أحمد جبريل الوقت المخصص له. ولكن الكلمتين الأبرز كانتا لحماس وفتح ألقاهما خالد مشعل وعزام الأحمد.
وقال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل أن اتفاق حماس وفتح لم يكن يعني أن الجميع لم يكن شريكا كاملا فيه. وأضاف أن النقاشات كانت طوال عام وأن الجميع شريك في النقاش والاتفاق، موضحا أن حماس وفتح جادتان في طي صفحة الخلاف بينهما. وأكد أن الاتفاق لا يعني اتفاقا على محاصصة، مؤكدا رفضه لها. وشدد على أن الجميع شركاء في القرار السياسي وإدارة الصراع مع العدو الصهيوني. وقال أن طي صفحة الانقسام ضرورة لإدارة الصراع مع «إسرائيل»، مطالبا بإعادة بناء منظمة التحرير.
أما رئيس كتلة حركة فتح في المجلس التشريعي الفلسطيني عزام الأحمد فأشار إلى شكر الفلسطينيين لمصر على دورها كحاضنة لفلسطين، كما كانت على مر التاريخ. وشدد على أن القاهرة ترى في فلسطين جزءا من الهم المصري. وقال أن الاتفاق مرحلة جديدة ذات سيكولوجية مغايرة لما كان بعيدا عن الفتنة، ومن هذه اللحظة هناك مرحلة جديدة. وأعاد التأكيد على إعلان القاهرة في العام 2005 وتشديده على إعادة بناء منظمة التحرير وبلورة برنامجها السياسي الجديد.
واعترض عدد من الحضور الفلسطيني على عدم دعوته للتوقيع وبالتالي عدم اعتباره فصيلا.
ووصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى القاهرة لحضور حفل إعلان المصالحة اليوم. وقد حل عباس ضيفا على صحيفة «الأهرام» حيث التقى كادرها وبحث معهم في قضية المصالحة.
وينص اتفاق المصالحة على تشكيل حكومة انتقالية تضم شخصيات مستقلة لتستبدل حكومة سلام فياض في الضفة الغربية، وحكومة اسماعيل هنية في قطاع غزة، وذلك تمهيدا لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة خلال عام. وحتى ذلك الحين، سيبقى الوضع على ما هو عليه، سواء في ما يخص المفاوضات مع «إسرائيل»، أو الإبقاء على سيطرة كل من حماس على غزة والسلطة الفلسطينية في مناطق الحكم الذاتي في الضفة الغربية. كما يقضي الاتفاق بتشكيل مجلس أعلى للأمن لمعالجة القضايا المتصلة بقوى الأمن التابعة للفصائل على أن يتم تحويلها في المستقبل الى قوة أمنية «مهنية» متكاملة، بالإضافة إلى تشكيل لجنة انتخابية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وبحسب الاتفاق ستجرى انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني على أساس التمثيل النسبي الكامل في الوطن والخارج حيثما أمكن، بينما ستجرى الانتخابات التشريعية على أساس النظام المختلط (75 في المئة قوائم و25 في المئة دوائر)، على أن تتم هذه الانتخابات تحت إشراف عربي ودولي، مع اتخاذ كل التدابير لضمان إجرائها في ظروف متكافئة ومواتية للجميع، وذلك من خلال تشكيل محكمة مختصة بقضايا الانتخابات من رئيس وثمانية قضاة.
وأعرب النائب العربي في الكنيست طلب الصانع، عقب لقاء جمع بين الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وبين وفد ضم، إضافة إلى الصانع، النائبين احمد الطيبي ومحمد بركة، عن دعم فلسطينيي العام 1948 لاتفاق المصالحة الفلسطينية.
في هذا الوقت، واصلت «إسرائيل» محاولاتها للتشويش على المصالحة، إذ طالب رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني بإلغاء الاتفاق. وقال نتنياهو في بيان أصدره بعد اجتماع مع مبعوث اللجنة الرباعية الدولية طوني بلير في القدس المحتلة «كيف يمكن التوصل لاتفاق سلام مع حكومة نصفها يطالب بتدمير «إسرائيل»». وأضاف «أدعو أبو مازن (عباس) لإلغاء الاتفاق فورا واختيار مسار السلام مع «إسرائيل»»، مشيراً إلى أن «الاتفاق بين أبو مازن وحماس يمثل ضربة خطيرة لعملية السلام».
ورداً على هذه التصريحات، دعا عزام الأحمد نتنياهو إلى «احترام إرادة الشعب الفلسطيني ووقف تدخله السافر والمرفوض بالشأن الداخلي الفلسطيني»، مشدداً على أن «الشعب الفلسطيني وقيادته كانوا ولا زالوا جاهزين للسلام وعلى «إسرائيل» وقف العقبات التي تضعها في طريق السلام وخاصة الاستيطان».
وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن فرنسا تعتبر أن المصالحة الفلسطينية تذهب في «الاتجاه الصحيح» لكنها تنتظر من حركة حماس الاعتراف بوجود «إسرائيل» ونبذ العنف كوسيلة للعمل السياسي. وأضاف «آمل أن تسمح عملية المصالحة بالتقدم في هذا الاتجاه. (لكن) ليست هي الحال تماما اليوم».
(«السفير»، ا ف ب، ا ب، رويترز)