عباس: ضد السلاح الفلسطيني في لبنان جملةً وتفصيلاً
الثلاثاء, 16 آب، 2011
شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن» على «المكانة المميزة للبنان في إحتضان القضية الفلسطينية، وما قدمه على مر السنوات بشأن اللاجئين الفلسطينيين منذ نكبة العام 1948، وأن شعب فلسطين هو ضيفٌ في لبنان، ويحترم هذه الضيافة، بانتظار العودة إلى فلسطين، ولن ينسى شعبنا في لبنان مواقفه وتضحياته»..
وتوجه الرئيس الفلسطيني بالشكر إلى «الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان ومجلسي النواب والوزراء على ما قدموه، وخاصةً قرار مجلس الوزراء في إجتماعه الأخير ببدء تنفيذ إقامة علاقات دبلوماسية مع دولة فلسطين، ورفع مستوى التمثيل من ممثلية إلى سفارة»..
ويعوّل الرئيس عباس كثيراً على «الدعم اللبناني لتوجه القيادة الفلسطينية إلى مجلس الأمن الدولي من أجل نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وخاصةً أن لبنان يرأس الدورة المقبلة خلال شهر أيلول/ سبتمبر»..
الرئيس عباس خص «للــواء» بحوار عشية زيارته لبنان تلبية لدعوةٍ رسمية من الرئيس سليمان، حيث يصل بعد ظهر غد (الثلاثاء) وتستمر حتى يوم الخميس، لتكون الثالثة للرئيس الفلسطيني إلى لبنان في عهد الرئيس سليمان..
وتقتصر الزيارة على لقاءات يجريها الرئيس عباس مع الرؤساء الثلاثة، من دون زيارة للمخيمات.
الى ان وفداً من منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة امين سرها في لبنان فتحي أبو العردات يمهد لزيارة عباس المرتقبة بلقاءات مع شخصيات موالية ومعارضة لبنانية لتقديم المذكرة الفلسطينية اليها والتنسيق معها في تأييد الحق الفلسطيني في الامم المتحدة والمتضمن دعم لبنان للاعتراف بدولة فلسطين على اعتبار ان لبنان سيكون في ايلول رئيساً لمجلس الامن، وأكد ان اللقاءات شملت فاعليات صيدا السياسية والدينية على ان تستكمل بلقاء شخصيات اخرى.
ومن المقرر ان يرفع عباس علم فلسطين فوق السفارة الفلسطينية في بيروت في اليوم التالي من زيارته أي الأربعاء، في حضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي سيولم على شرفهم مأدبة افطار، قبل ان يغادر بيروت.
ويأتي رفع العلم الفلسطيني فوق السفارة بعدما تقرر في مجلس الوزراء رفع التمثيل الدبلوماسي مع منظمة التحرير الفلسطينية إلى درجة سفارة.
الملفات التي سيتناولها الرئيس عباس في لبنان، فضلاً عن تنسيق الموقفين اللبناني والفلسطيني بشأن التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، عديدة ومتنوعة لجهة الوجود الفلسطيني في لبنان والعلاقات الثنائية، وسيلتقي الرئيس سليمان بعد وصوله إلى «مطار الرئيس رفيق الحريري» في بيروت، قبل أن يقيم على شرفه مأدبة إفطار تكريمية في القصر الجمهوري.
كما يلتقي الرئيس عباس رئيسي المجلس النيابي نبيه بري، والوزراء نجيب ميقاتي.
ولعل المحطة الهامة ستكون يوم الأربعاء، حيث سيرفع الرئيسان عباس وميقاتي العلم الفلسطيني على سفارة دولة فلسطين في بيروت بعد رفع مستوى التمثيل، وتلبية دعوة الإفطار التي يقيمها الرئيس ميقاتي على شرف الرئيس عباس في السراي الحكومي.
كذلك سيلتقي الرئيس الفلسطيني عدداً من القيادات اللبنانية التي طلبت مواعيد للقائه، فضلاً عن الإجتماع مع قيادة الفصائل الفلسطينية في لبنان.
ويتوقع أن تتواصل موجة الإعترافات الدولية بدولة فلسطين، ومنها لبنان، الدولة العربية الوحيدة التي لم تكن قد اعترفت بعد بالدولة الفلسطينية رسمياً، علماً بأنها إعترفت بـ «منظمة التحرير الفلسطينية» كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وكذلك أيدت إعلان قيام الدولة الفلسطينية بعد المؤتمر الذي عقد في الجزائر.
الرئيس عباس، يكثف من جولاته وزياراته إلى دول العالم، حيث ما تلبث أن تهبط «طائرة فلسطين» في مطار، حتى تكون تستعد للإقلاع باتجاه مطار آخر، في الحركة الدبلوماسية الأكثر فاعلية منذ 3 عقود، من أجل أن تتمكن من الهبوط في مطار عاصمة دولة الفلسطينية المستقلة، وذلك بتوفير أكبر دعم لقبول فلسطين عضواً كامل العضوية في هيئة الأم المتحدة، حيث بلغت الإعترافات بالدولة الفلسطينية حتى الآن نحو ثلثي عدد الدول الاعضاء في الأمم المتحدة..
التوجه لمجلس الأمن وأكد الرئيس «أبو مازن» «أن التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، هو من أجل نيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين، وأنه الآن هو الخيار الوحيد في ظل إستمرار الإستيطان الإسرائيلي، وعدم الجدوى من العودة إلى المفاوضات لغياب الشريك الآخر، الذي لا يلتزم بتنفيذ الإتفاقات والمرجعيات الدولية، ويستمر في بناء المستوطنات في القدس والضفة الغربية، بدلاً من تجميدها ووقفها».
ومنذ انتخابه رئيساً لـ «منظمة التحرير الفلسطينية» و«السلطة الوطنية الفلسطينية» عمل الرئيس أبو مازن على إنجاز الهيكلية ومقومات اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وأعلن مراراً وتكراراً أنه «في ظل عدم جدية الطرف الإسرائيلي، فإن شهر أيلول/ سبتمبر، 2011 سيكون موعداً لطلب اعتراف الأمم المتحدة بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين، سواء من خلال المفاوضات أو عبر مجلس الأمن الدولي أو الأمم المتحدة».
وأمل الرئيس الفلسطيني «أن يتم التصويت على عضوية فلسطين في مجلس الأمن الدولي».
وكرر الرئيس عباس التأكيد على الموقف الفلسطيني القائم على «تحقيق مبدأ حل الدولتين - أي أن تكون هناك دولة فلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما تؤيده كل دول العالم. فيكفي الشعب الفلسطيني ما عاناه من الاحتلالٍ، وهو الاطول في التاريخ الحديث». ولا يبدي الرئيس «أبو مازن» الخشية من التهديدات الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية والغاء «اتفاق أوسلو» في حال التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، «لأن الإحتلال الإسرائيلي مستمر بسياسة الإستيطان وتقطيع أوصال الوطن، ومواصلة بناء المستوطنات وتهويد القدس، فضلاً عما يقوم به من ضغوطات على السلطة سواء للتضييق على الداخلين والخارجين إلى الضفة الغربية، أو استمرار حصار غزة، ليضاف إلى مسلسل تهديدات المسؤولين الإسرائيليين، والتي باتت مكشوفةً أمامنا وأمام العالم الذي يدين هذه التهديدات، ويرى فيها أنها لا تفيد العملية السلمية، بل وتعرقل التسوية السلمية».
وتمنى الرئيس الفلسطيني «أن تتمكن الوفود من الكونغرس الأميركي التي ستزور الأراضي الفلسطينية خلال الفترة المقبلة من أن تلمس واقع المعاناة التي نعيشها، من خلال مشاهداتهم للأوضاع ميدانياً، وماذا يعني الإستيطان، فلعلها تغير قناعاتهم وينقلون ما يشاهدونه للإدارة الأميركية وخاصةً الكونغرس الأميركي».
المصالحة الفلسطينية وأوضح الرئيس عباس «أن اللقاءات متواصلة من أجل إستكمال مراحل تطبيق المصالحة الفلسطينية التي وقعنا عليها في القاهرة في شهر أيار/ مايو 2011 بعد تأخر لعدة أشهر أضر بنا، حيث تمكنا من توقيع المصالحة بعد أن تخلت بعض الأطراف الفلسطينية عن الـ «فيتوات» الخارجية».
وشدد على «أهمية تفعيل دور «منظمة التحرير الفلسطينية» لتدخل إليها فصائل وجدت بعد تأسيسها»، رافضاً «كل وسائل الضغط على المنظمة والسلطة مع تعزيز التفاهم مع مختلف الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، فهما من مكونات الشعب الفلسطيني، ولا يمكن إلا أن تكونا ضمن أطره الدستورية والشرعية».
وكما رفض الرئيس «أبو مازن» مبدأ التدخلات الأجنبية في الساحة الفلسطينية، فإنه «ينأى عن التدخل في أي من أوضاع الدول العربية، التي يحترم تحرك شعوبها وتحديد خياراتها».
وكرر التأكيد على «إلتزام الفلسطينيين في لبنان بالقوانين والأنظمة للدولة اللبنانية، فنحن ضيوف في لبنان ونحترم الضيافة، والأمن هو من مسؤولية الدولة اللبنانية، وعلينا التعامل معها لترسيخ ذلك وتأمين الإستقرار، فقد مررنا بتجارب عديدة أكد فيها الفلسطيني أن مخيماتنا لن تكون مأوى وملاذاً للإرهابيين، ولن تكون صندوقاً لتوجيه الرسائل، ويعرف أشقاؤنا اللبنانيون إننا خلال الإعتداء الإرهابي ضد الجيش في نهر البارد وقفنا إلى جانب الجيش اللبناني، وأن هذا العدوان الذي قامت به مجموعة اختطفت المخيم، ما زال أهلنا وأبناء شعبنا يدفعون ثمن نتائجها، حيث أعيد إنجاز إعمار بعض المراحل، وما زالت هناك مراحل أخرى من أجل عودة أهلنا إلى المخيم».
السلاح الفلسطيني وأكد أنه «ضد السلاح الفلسطيني في لبنان جملةً وتفصيلاً، لأنه لا قيمة له على الأراضي اللبنانية، ومن يقول غير ذلك يهدف إلى المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وأبلغنا الحكومات اللبنانية، ونكرر الآن بأننا سنسلم السلاح في الوقت الذي تشاؤون ذلك، السلاح الذي نحن مسؤولون عنه داخل المخيمات، أما السلاح الذي هو خارج إطار مسؤوليتنا، فيتبع إلى تنظيمات أخرى تحمله لأسباب خاصة بها».
وأمل أن «تقتنع بعض الأطراف اللبنانية من رفض الفلسطينيين للتوطين وتمسكهم بحق العودة، وأن إعطاء الفلسطينيين حقوق العيش بكرامة وأمان، لا يعني التوطين، بل يُساهم في تحصين واقع أبناء شعبنا الفلسطيني، إلى حين عودتهم إلى بلادهم».
وركز الرئيس عباس على أهمية إيلاء القضايا الإجتماعية والإستشفائية والتعليمية كل إهتمام، فأكد «أن صحة الناس تهمنا، ولهذا نقوم بتقديم خدمات طبية، وكذلك موضوع الطلاب، حيث أنشأنا صندوقاً يؤمن المساعدات الجامعية لكافة الطلاب الفلسطينيين في لبنان، وقد سجل في العام الماضي أن الذين استفادوا من هذه المساعدات بلغوا نحو 2000 طالب، وبينت الإحصاءات أنهم من مختلف أماكن التواجد الفلسطيني في لبنان، وأيضاً من مختلف الشرائح الفلسطينية، وهذا العام بوشر بقبول تقديم طلبات الطلاب الجامعيين للحصول على المساعدات».
المصدر: جريدة اللواء اللبنانية