القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

فتح وحماس تسارعان إلى تطويق حرب المخيمات في لبنان


السبت، 18 كانون الأول، 2021

سارعت كل من حركتي فتح وحماس إلى التأكيد على ضرورة إبعاد مخيمات الفلسطينيين في لبنان عن الاقتتال، تجنبا للمزيد من الانقسام الداخلي الذي أثر على توحيد المواقف بشأن القضايا المصيرية. وبدت الظروف مهيأة لدخول الحركتين في جولة جديدة من الاقتتال، إلا أن وساطات فلسطينية وأخرى لبنانية نجحت في تهدئة الأزمة.

يعكس تأكيد كل من حركتي فتح وحماس على النأي بالمخيمات الفلسطينية في لبنان عن التجاذبات السياسية الداخلية، خشية مزدوجة من الطرفين من اندلاع حرب مخيمات تعمق الانقسام الفلسطيني المحتدم أصلا، فيما كانت الأمور تتجه إلى المزيد من التوتر والتأزم بين الحركتين على خلفية أحداث مخيم البرج الشمالي، التي أدت إلى مقتل عدد من أنصار حماس التي اتهمت فتح بالوقوف وراء الحادث.

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خارج فلسطين خالد مشعل الخميس، الذي بدأ الأربعاء زيارة إلى لبنان التقى خلالها برئيس الوزراء نجيب ميقاتي وعدد من المسؤولين اللبنانيين، إن الحركة ستمنع "أيّ انجرار إلى خلافات داخلية”، وخاصة بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

ودعت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التابعة لحركة فتح إلى الحفاظ على أمن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وعلى خلفية إطلاق النار الذي وقع خلال جنازة ناشط من حماس، قضى قبل أيام في انفجار وقع في المخيم، ما أدى إلى سقوط أربعة قتلى جدد، قررت حركة حماس عدم التعامل مع قوات الأمن الوطني الفلسطيني، التي تنشط في المخيمات، كما جمدت عضويتها في القوة الأمنية في المخيمات، فيما قامت حركة فتح باتخاذ قرار بوقف كل أشكال الاتصال والعلاقة مع حماس.

وأعلن ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبدالهادي أن حركته جمدت عضويتها في القوة الأمنية في المخيمات، بعد ما حصل في مخيم برج الشمالي، نافيا أن تكون قد انسحبت من هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، لكنه في ذات الوقت أعلن أيضا أن الحركة لن تتعامل مع الأمن الوطني الفلسطيني.

ولم يمض وقت على قرار حركة حماس، لتعلن حركة فتح التي تقود فصائل منظمة التحرير، وتقود أيضا قوات الأمن الوطني في لبنان، عن اتخاذ قرار شمل وقف كل أشكال التواصل والاتصال مع حركة حماس، على كافة المستويات وفي كل المناطق في الساحة اللبنانية.

وفجّر الخلاف بين الحركتين اللتين لهما امتداد وتواجد في الساحة اللبنانية كما الفلسطينية، الأوضاع بشكل خطير في المخيمات، ما دفع وساطات لبنانية، خاصة حزبية، إلى التدخل ووقف تصاعد الأحداث من خلال فتح تحقيق محايد لما حدث تحت إشراف السلطات القضائية اللبنانية، وبحث آليات يوافق عليها الطرفان لاستئناف التواصل.

وقبلت حركة فتح أن يحال الملف إلى الجهات القضائية اللبنانية المختصة وإحالة الأشخاص الذين يتم طلبهم من الجهات الرسمية اللبنانية إلى التحقيق.

وتلقت الأطراف الفلسطينية عدة رسائل لبنانية رسمية، تشدد على ضرورة عدم انزلاق الأمور إلى المزيد من الخلاف، فيما وجهت دعوات لقيادة الحركتين: اللجنة المركزية لفتح والمكتب السياسي لحماس، من أجل تجاوز ما حصل بأسرع وقت ممكن.

ولا تملك القوى الأمنية اللبنانية أي سيطرة على المخيمات الفلسطينية، وذلك وفق اتفاق غير معلن بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطات اللبنانية، حيث تمارس الفصائل نوعا من الأمن الذاتي داخل المخيمات، مع تنسيق أمني مع أجهزة الدولة اللبنانية.

ويقول أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية، إن "التوتر الحاصل بين فتح وحماس منذ فترة يأتي في سياق الحملة المتبادلة بين الطرفين ويمهد لمرحلة كبيرة من التوتر تشبه ما حدث في عام 2007، عندما كانت هناك اتهامات متبادلة بين الطرفين، ونتج عنها انقلاب حماس عن السلطة في غزة”.

ويرى الرقب أن "لبنان تحوّل إلى ساحة صراع فلسطيني – فلسطيني، قد تنتج عنه تبعات تمس الفلسطينيين في لبنان، الذين عانوا من ويلات الحروب الأهلية السابقة”.

وشهدت الساحة الفلسطينية أعنف موجة اقتتال داخلي بين حركتي فتح وحماس عام 2006، عقب فوز الأخيرة بالانتخابات التشريعية وتشكيلها للحكومة الفلسطينية، التي انتهت بانقلاب الحركة على الأجهزة الأمنية بغزة عام 2007.

وعلى إثر ذلك، شهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان مواجهات مسلحة بين الجانبين، إلا أنها انتهت بالتوافق على إبعاد المخيمات عن ساحة الاقتتال الداخلي بين الحركتين، الأمر الذي أدى إلى منع تدهور الأوضاع الأمنية بالمخيمات.

وفي عام 2014، أطلقت الفصائل الفلسطينية في لبنان مبادرة من تسعة عشر بندا، جاءت بهدف منع وقوع أي اقتتال داخلي في المخيمات، وأكدت الرفض المطلق لزج الفلسطينيين في أي تجاذبات أو صراعات لبنانية داخلية.

ونصت المبادرة حينها، على تولي الفصائل الفلسطينية ضبط الأوضاع الأمنية في المخيمات الفلسطينية، خاصة مخيم عين الحلوة الذي يعتبر أكبر المخيمات في لبنان، ويعيش فيه أكثر من 80 ألف لاجئ فلسطيني.

وكانت المخيمات في لبنان قد شهدت في ثمانينات القرن الماضي ما أطلق عليه اسم "حرب المخيمات”، وهي معارك دارت في الفترة الرابعة من الحرب الأهلية اللبنانية بين أطراف لبنانية وسورية، إلى جانب بعض الفصائل الفلسطينية.

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نحو 200 ألف، يتوزعون على 12 مخيما تخضع معظمها لنفوذ الفصائل الفلسطينية، ويشهد بعضها من حين إلى آخر توترات واشتباكات مسلحة.