الإثنين، 16 أيار، 2022

74 عاماً مرت على نكبة الشعب الفلسطيني الذي تشتت في أماكن لجوء متعددة، اختلفت أحواله المعيشية بحسب الظروف السياسية والاقتصادية للدول الحاضنة.

منذ عقود، يعيش اللاجئ الفلسطيني في لبنان أوضاعاً خاصة نتيجة القوانين الصارمة بحقه والتي تمنعه من مزاولة أكثر من 70 مهنة أساسية في البلاد، إضافة إلى حرمانه من التملك وغيرها الكثير من الممنوعات.

ومما لا شك فيه أن الأزمة التي يعيشها لبنان منذ قرابة عامين ونصف زادت الطين بلة على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين المتردية أصلاً. فمن كان مستور الحال ما قبل ثورة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 بات اليوم وضعه المعيشي تحت خط الفقر، ذلك وفقاً لأخر إحصائيات وكالة الأونروا للعام الحالي، والتي أكدت تخطي معدلات الفقر أكثر من 73 % في المخيمات في لبنان.

ومع حلول 15 أيار/ مايو ذكرى تهجير ملايين اللاجئين الفلسطينيين من ديارهم، هل باتت الظروف الاقتصادية والمعيشية في لبنان تأخذ أولوية لديهم أكبر وتطغى على فاعليتهم تجاه وطنهم الأم فلسطين؟

نريد أن نعيش إلى حين العودة

"بات همنا الوحيد كيف نعيش ونتعلم ونعمل" بهذه الكلمات تصف اللاجئة الفلسطينية من قرية علما شمالي فلسطين إلى مدينة صيدا جنوبي لبنان، جود هجاج، هموم الشباب الفلسطيني في المخيمات مع اشتداد الأوضاع المعيشية صعوبة في البلاد.

تقول هجاج لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "نحن جيل الشباب الفلسطيني نعيش ظروفاً معيشية صعبة بفعل الأزمات التي نمر بها في المخيمات منذ زمن، وزادت من حدتها الأحوال الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ سنتين ونصف تقريباً، بالتالي بات شغلنا الشاغل كيف نعيش غداً أفضل مالياً واجتماعياً وأمنياً، ولكن هذا لا يعني أننا نسينا فلسطين ونسينا حق العودة لها، لكن هناك أمور مصيرية باتت طارئة أكثر على حياتنا كتأمين الأكل والشرب والعمل والتعليم لكي نعيش كأي إنسان الكرة الأرضية.

وترى هجاج أن اللاجئ الفلسطيني حين يكون باله خالياً من الهموم وغير مثقل بالمعاناة فهو بالتأكيد سيركز أكثر في نضاله من أجل قضيته السياسية وهي النضال من أجل العودة إلى فلسطين.

ظروف تدفع معظم جيل الشباب الفلسطيني في لبنان إلى التفكير بالهجرة

أيضاً اللاجئة الفلسطينية من علما إلى صيدا نانسي حمزة تصف ظروف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بـ الصعبة من غلاء تكاليف الدراسة، من ثم التخرج والرضوخ لشبح البطالة ما يدفعهم للبحث عن فرص الهجرة خارج لبنان لتلبية احتياجاتهم ومساعدة أهلهم.

وترى حمزة أن اللاجئ الفلسطيني في لبنان يعاني من قيود كثيرة، وما يحصل مؤخراً في البلاد من ارتفاع الدولار وغلاء المعيشة والكثير من الصعوبات يدفعهم كشباب في العشرينات من عمرهم إلى فقدان الأمل والشغف.

"نحن شعب قادر على العطاء لكن ظروفنا الصعبة في لبنان تعيق علينا الفرص، حينها نلجأ إلى الهجرة فيعتقد العالم أننا قد نتوانى ونبتعد عن القضية الفلسطينية. ظروفنا الصعبة لن تمنعنا للحظة من نسيان قضيتنا الأولى"، وفقاً لحمزة.

تتواصل نانسي مع أصدقاء لها في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وفي الضفة الغربية وقطاع غزة ما يزيد شعر الشغف لديها تجاه قضيتها ويزداد الأمل لديها بالعودة قريباً حسب ما تقول.

الشباب الفلسطيني في لبنان مغيب عن الساحة النضالية

علي يوسف لاجئ فلسطيني من قرية الصفصاف المهجرة في الجليل الأعلى إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين يشكو من تغييب حق الشباب الفلسطيني اللاجئ في مخيمات لبنان بالمشاركة السياسية في الفعل النضالي، إن كان من أجل نضاله لتحصيل حقوقه اليومية كلاجئ أو مشاركته السياسية على الساحة الفلسطينية.

يقول علي لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: الشباب الفلسطينيون في لبنان ليس لديهم صوت مسموع، ولا يوجد جهة ذات نفوذ سياسي قوي تطالب بحقوقهم وتؤثر على مصيرهم، وهذا أحد أسباب فقدانهم الاهتمام بقضيتهم واتجاههم نحو الاهتمام بمستقبلهم والحياة الشخصية دون التركيز على القضية، مشيراً إلى أن كل فلسطيني معني بالنضال السياسي فهو صاحب قضية.

ليس ممكناً أن نكون عاطلين عن العمل وقادرين على تحرير فلسطين

إلا أن "فلسطين تبقى بالقلب وإن هاجرنا" حسب ما يقول عماد عيد وهو لاجئ فلسطيني من مدينة صفد المحتلة إلى مخيم برج الشمالي في صور جنوبي لبنان.

يضيف عيد: إنه من المنطق أن يفكر اللاجئ الفلسطيني في لبنان بالزواج وبناء عائلة، بالتالي سيسعى جاهداً للبحث عن عمل في خضم أزمات لبنان كي يؤمن قوت يومه، فليس من الممكن أن يكون عاطلاً عن العمل وقادراً على تحرير فلسطين، لذا أصبح هم الفلسطيني في لبنان أن يؤمن قوت يومه أو الهجرة بأسرع وقت ممكن إلى أقرب دولة قادر على العيش بها بكرامة، وإن هاجر فهذا لا يعني أنه تخلى عن حقه بالعودة إلى بلاده.

إلا أنه يشير بالقول: "بالرغم من ذلك فإن الفلسطينيين من أكثر الشعوب صبراً تجاه قضيتها، وسوف نعود يوماً ما بالسلاح أو العلم أو العمل اليومي، سوف نجاهد كي نعود".

لا يمكن أن ننسى فلسطين ولكن ظروفنا حكمت علينا التفكير بالمعيشة

أيضاً، جميلة وهي لاجئة فلسطينية في مخيم الرشيدية جنوبي لبنان تؤكد أن فلسطينياً ما لا يمكن أن ينسى فلسطين، إلا أن الظروف في لبنان حكمت على اللاجئين الفلسطينين أن يكافحوا كثيراً من أجل تأمين حياتهم المعيشية والتأقلم مع غلاء الأسعار وتأزم الظروف الاجتماعية والمعيشية.

تضيف جميلة بأن الفئة الشابة من الفلسطينيين في لبنان معظمها تملك حسابات على السوشال ميديا، وصار لها صوت وتساهم ولو عبر الفضاء الالكتروني في النضال من أجل قضيتها، وتؤكد: "سعينا دائم في تذكير العالم بقضيتنا وحق العودة".

المصدر: بوابة اللاجئين الفلسطينيين- ميرنا حامد