«التقرير الاستراتيجي الفلسطيني لسنة 2010» الصادر عن «مركز الزيتونة»:
تحسّن «جزئي» في لبنان.. و«الفلسطينيون واليهود متساوون عددياً في 2017»
الأربعاء، 11 أيار، 2011
يوسف حاج علي - السفير
يوزع «مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات» في بيروت، اليوم، «التقرير الاستراتيجي الفلسطيني» الذي يغطي أحداث العام الماضي. والتقرير هو السادس للمركز، بعدما عكف على إصداره سنوياً منذ العام 2005، ويتناول معظم شؤون وشجون القضية الفلسطينية في الداخل وفي الشتات، وعلاقتها بمختلف الأطراف المؤثرة بها.
واستغرق إعداد التقرير، الذي يعتمد على التوثيق والأرقام بشكل رئيسي، كما على الرصد والاستقراء والتحليل، ستة أشهر من العمل التحريري، علماً أن تجميع مواده يستمر على مدار العام.
والتقرير الذي يصدر في خمس وعشرين صفحة «فولسكاب»، توزع على ثمانية فصول، وشارك في إعداده خمسة عشر متخصصاً في شؤون الأرض والاستيطان، والشأن الإسرائيلي، وشؤون القدس والمقدسات، والشأن الإيراني، والإحصاءات السكانية الفلسطينية، والشأن العربي، والشأن التركي، والاقتصاد الفلسطيني، بالإضافة إلى محللين سياسيين، وباحثين من المركز، ومتخصصين في العلاقات الدولية والدراسات المستقبلية.
ولعلّ أبرز النقاط التي ظهرت في التقرير الذي كان من الصعب اختصاره بسبب أهمية المواد الموثقة فيه، كان موضوع تهويد القدس، التي اعتبرها «المعركة الأولى لإسرائيل»، و»جمود المصالحة» الفلسطينية (قبل توقيع اتفاق الفصائل الأخير في القاهرة) وأرقام الشهداء الفلسطينيين والجرحى، والأسرى، مسجلاً عدم وجود تحوّل يذكر على صعيد الموقف العربي الرسمي من القضية الفلسطينية، من دون إقفال الباب على تطورات قد يشهدها الموقف المذكور بعد التغيرات التي تشهدها الساحة العربية مؤخراً.
لبنانياً، اعتبر التقرير أن ملف حقوق اللاجئين قد شهد تحسناً جزئياً من خلال مشروع قانون حق العمل في القطاعات المسموح فيها بالعمل للأجانب بموجب إجازة عمل، والإفادة من تعويض نهاية الخدمة وفق قانون الضمان الاجتماعي من صندوق خاص.
أما خليجياً فاعتبر التقرير أن اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمد المبحوح كان الحدث الأبرز، مقدماً مواقف الدول المؤثرة من القضية الفلسطينية ومسارها، وعارضاً سلسلة من الإحصاءات السكانية والاقتصادية الحالية والمستقبلية.
في «الوضع الفلسطيني الداخلي»، رأى التقرير أن «المشهد الفلسطيني الداخلي اتسم باستمرار حالة الجمود والتعطيل، حيث لم تشهد هذه السنة تقدماً جوهرياً على صعيد إنهاء الانقسام بين «فتح» و»حماس» وتحقيق المصالحة الوطنية، أو إعادة بناء «منظمة التحرير الفلسطينية» وترتيب البيت الفلسطيني، مما انعكس على مجمل الوضع الفلسطيني».
وفي ما يتعلق بسنة 2011، فقد بقيت إمكانية نجاح المصالحة بين حركتي «فتح» و»حماس» موضع شك حتى لحظة توقيع الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتهما «فتح» و»حماس»، على اتفاق المصالحة الوطنية في القاهرة في 3/5/2011، والذي يتضمن اتفاقاً مبدئياً على حلّ جميع نقاط الخلاف التي كانت عالقة في السابق، بما فيها قضايا الانتخابات، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، والموضوع الأمني. وأشار التقرير إلى أنه «على الرغم الانعكاسات الإيجابية المتوقعة لهذا الاتفاق على القضية الوطنية الفلسطينية، إلا أنه يبقى خطوة أولى على طريق الإنهاء الفعلي للانقسام واستكمال تحقيق المصالحة على الأرض، مع التنبيه إلى أن الأيام المقبلة ستشكّل اختباراً لمدى جدية الطرفين في تطبيق الاتفاق».
في «المشهد الإسرائيلي الفلسطيني»، وفي المؤشرات السكانية تحديداً، أشارت التقديرات إلى أن عدد سكان إسرائيل في نهاية سنة 2010 بحسب «دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية»، قد بلغ حوالى 7.7 ملايين نسمة، بينهم 5.8 ملايين يهودي، أي ما نسبته 75.4 في المئة من السكان، و1.57 مليون عربي، أي ما نسبته 20.5 في المئة من السكان.
واستشهد في العام الماضي ما مجموعه 98 فلسطينياً برصاص قوات الاحتلال والمستوطنين في قطاع غزة والضفة ومن ضمنها القدس، كما جُرح نحو 967 فلسطينياً ومتضامناً دولياً. وفي المقابل، سجل جهاز «الأمن الداخلي» الإسرائيلي مقتل تسعة إسرائيليين في سنة 2010 نتيجة عمليات نفذها فلسطينيون، كما جرح نحو 28 إسرائيلياً.
واعتبر التقرير، على غرار السنة التي سبقته، من السنوات الأسوأ بالنسبة للأسرى.. حيث بلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال في نهاية السنة نحو 6,800 أسير، بينهم 34 أسيرة و300 طفل.عجز عربي مستمرفي شق «القضية الفلسطينية والعالم العربي»، لم تشهد السنة تحولاً يُذكر على صعيد الموقف العربي الرسمي المتسم بالعجز تجاه قضية فلسطين. إلا أن التغيرات التي بدأت تشهدها دول عربية عدة منذ مطلع السنة الحالية، والتي كان أولها إطاحة الرئيس زين العابدين بن علي في تونس، ثم إطاحة الرئيس حسني مبارك في مصر، قد تحمل مؤشرات تطور إيجابي في التفاعل العربي الرسمي مع القضية الفلسطينية.
وفي لبنان، شهد ملف حقوق اللاجئين الفلسطينيين تحسناً جزئياً، بعد تجاذب كبير في مجلس النواب حول مشاريع قوانين تقدمت بها كتلة النائب وليد جنبلاط لإعطاء الفلسطينيين مجموعة من الحقوق المدنية، وأبرزها حق العمل والتملك والاستفادة من الضمان الاجتماعي. «وقد أفرز هذا التجاذب انقساماً حول الموضوع داخل القوى السياسية المتحالفة في كل من فريقي 8 و14 آذار، حيث واجهت هذه القوانين معارضة من النواب المسيحيين في كلا الفريقين، فيما أيدها النواب المسلمون. وفي المحصلة تم التوافق على صيغة وسطية أقر بموجبها مجلس النواب مشروع قانون يمنح اللاجئين الفلسطينيين حق العمل في القطاعات المسموح فيها بالعمل للأجانب بموجب إجازة عمل، والاستفادة من تعويض نهاية الخدمة وفق قانون الضمان الاجتماعي من صندوق خاص يتم تأسيسه لهذه الغاية».
ورأى التقرير أن «التحسّن المذكور لم يشمل منح الفلسطينيين في لبنان حق التملك، الذي أرجئ النظر فيه إلى أجل غير مسمى، كما أنه لم يسمح لهم بالعمل في الكثير من المهن الرئيسية التي ما زال حق العمل فيها يقتصر على اللبنانيين».
وفي منطقة دول الخليج العربي عموماً، كان الحدث الفلسطيني الأبرز اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمود المبحوح في دبي في 19/1/2010، والذي اتُّهم جهاز الموساد بالوقوف خلفه، إلا أن الموقف الخليجي والعربي عموماً لم يرقَ إلى مستوى الحدث، بحسب ما أشار التقرير.
بالنسبة إلى تركيا، شهد العام وصول توتر العلاقات التركية الإسرائيلية إلى ذروة غير مسبوقة، إثر سقوط تسعة شهداء أتراك على يد جنود إسرائيليين في الاعتداء على «أسطول الحرية». وأشار التقرير إلى أنه «على الرغم من التأثيرات الكبيرة للاعتداء على العلاقات بين أنقرة وتل أبيب على الصعيد الرسمي، وتزايد كراهية «إسرائيل» لدى الشارع التركي، إلا أن رد الفعل التركي لم يرتفع إلى حجم الاعتداء ذاته».
أما إيران فقد «حافظت على مواقفها من القضية الفلسطينية، وبقيت خارج سرب الدول العربية والإسلامية المؤيدة لمسار التسوية، وأعلنت رفضها المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، مشككة في شرعية المفاوض الفلسطيني. وجددت في المقابل دعمها السياسي والمادي للمقاومة الفلسطينية، ومطالبتها برفع الحصار عن قطاع غزة، وإن بوتيرة أخف بسبب انشغالاتها بالتفاعلات الاقتصادية والسياسية الداخلية».
وفي فصل «القضية الفلسطينية والوضع الدولي»، خلص التقرير إلى «فشل الجهود الدبلوماسية الدولية تجاه القضية الفلسطينية مجدداً في تحقيق أي تقدم يذكر على صعيد النقاط الأساسية التي ركزت عليها».المعركة الأولىفي ما خص «الأرض والمقدسات»، وثّق التقرير تزايد الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس خصوصاً، وفي فلسطين التاريخية عموماً، حيث «أكدت التطورات خلال هذه السنة أن معركة تهويد القدس باتت المعركة الأولى بالنسبة لـ»إسرائيل»، بالتزامن مع تزايد سيطرة هاجس «يهودية الدولة» على فكر الدولة الصهيونية».
وتزايد عدد الاقتحامات للمسجد الأقصى بحماية من شرطة الاحتلال ليبلغ 55 اقتحاماً للأجهزة الأمنية الإسرائيلية وشخصيات رسمية ومتطرفين يهود خلال الفترة 22/8/2009 و21/8/2010. كما زاد عدد الحفريات والأنفاق أسفل المسجد وفي محيطه واتساعها بشكل غير مسبوق، من 25 حفرية بحلول 21/8/2009 إلى 34 حفرية بحلول 21/8/2010، باتت تشكّل ما يشبه مدينة متصلة متعددة المداخل والمخارج. ولم تسلم المقدسات المسيحية في المدينة من الاعتداء، حيث تعرضت الكنيسة المعمدانية غربي القدس لحريق أشعله متطرفون يهود في 30/10/2010. المسيحيون إلى تراجع أشار التقرير إلى أن «نسبة السكان المسيحيين في القدس قد انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ قرون جراء سياسات الاحتلال تجاه المدينة، فبعد أن كان المسيحيون يشكلون 20% من سكانها سنة 1948، باتوا يشكلون الآن نحو 2% فقط».
أما في موضوع الاستيطان، وعلى الرغم من إعلان حكومة بنيامين نتنياهو في تشرين الثاني 2009 تجميد الاستيطان لمدة 10 شهور، فقد تواصل التوسع الاستيطاني في القدس بوتيرة محمومة، حيث استثنت حكومة الاحتلال مستوطنات القدس من قرار التجميد، كما شرعت ببناء ثلاث مستوطنات جديدة في المدينة ومحيطها. وقد بلغ إجمالي ما نفذ من وحدات سكنية في القدس خلال فترة التجميد 700 وحدة استيطانية، بينما أحيلت عقود 392 وحدة للتنفيذ، وأقرت خطط لبناء 3,010 وحدات سكنية في المدينة. في «المؤشرات السكانية الفلسطينية» اعتمد التقرير على تقديرات «الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني» ليشير إلى أن عدد الفلسطينيين في العالم بلغ في نهاية العام الماضي حوالى 11.14 مليون نسمة، أكثر من نصفهم، أي 5.75 ملايين نسمة (51.6%) يعيشون في الشتات. والباقي، أي 5.39 ملايين نسمة (48.4%) يقيمون في فلسطين التاريخية، ويتوزعون إلى حوالى 1.28 مليون نسمة في الأراضي المحتلة سنة 1948، وحوالى 4.11 ملايين نسمة في أراضي سنة 1967، يتوزعون إلى 2.55 مليون في الضفة الغربية (62%)، و1.56 مليون في قطاع غزة (38%).
ولا يزال اللاجئون يشكلون أكثر من ثلثي تعداد الفلسطينيين في العالم، فبالإضافة إلى نحو 5.75 ملايين فلسطيني في الخارج، هناك نحو 1.8 مليون لاجئ يقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلاً عن نحو 150 ألف لاجئ طردوا من أرضهم، لكنهم ما زالوا مقيمين في فلسطين المحتلة سنة 1948؛ وبالتالي فإن مجموع اللاجئين الفلسطينيين يصل إلى نحو 7.71 ملايين لاجئ، أي نحو 69.2% من مجموع الشعب الفلسطيني. وأشارت التقديرات أنه إذا بقيت معدلات النمو السائدة حالياً، والبالغة 2.9% للفلسطينيين في الضفة والقطاع، و2.4% لفلسطينيي 1948، و1.7% لليهود، فإن عدد السكان الفلسطينيين واليهود في فلسطين التاريخية سيتساوى خلال سنة 2017، حيث سيبلغ عدد كل من اليهود والفلسطينيين ما يقارب 6.53 ملايين تقريباً. وستصبح نسبة السكان اليهود حوالى 49.2% فقط من السكان وذلك في سنة 2020، حيث سيصل عددهم إلى 6.87 ملايين يهودي مقابل 7.09 ملايين فلسطيني. في ما خص «الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة»، فقد بلغ معدل دخل الفرد السنوي في الضفة الغربية وقطاع غزة حوالى 1,502 دولار في سنة 2010، مقارنة بحوالى 1,416 دولار سنة 2009، محققاً بذلك نمواً يقدّر بحوالى 6.1%. ولكن التفاوت بين الضفة الغربية وقطاع غزة كان واضحاً في هذا المؤشر، حيث بلغ معدل دخل الفرد حوالى 1,925 دولار في الضفة، مقارنة بحوالى 877 دولاراً في القطاع.
وكان من الملاحظ أن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت أكثر من ضعف مثيلتها في الضفة الغربية، حيث بلغت 37.8% في القطاع مقابل 17.2% في الضفة، مع الإشارة إلى وجود تقديرات غير رسمية تقدّر معدل البطالة في غزة بحوالى 60%.