مهرجان الوفاء لشهداء وجرحى مارون الراس في مركز معروف سعد الثقافي
الأحد، 22 أيار، 2011
أقيم في مركز معروف سعد الثقافي، وبدعوة من التنظيم الشعبي الناصري، مهرجان الوفاء لشهداء وجرحى مسيرة العودة في مارون الراس، حضره إلى جانب الدكتور أسامة سعد، ممثلو الاحزاب الوطنية والفصائل الفلسطينية، وحشد كبير من الفاعليات السياسية والاجتماعية والدينية، وممثلو الهيئات الاجتماعية والنقابية، وأهالي الشهداء والجرحى، وحشد كبير من المواطنين الذين ضاقت به قاعات المركز.
استهل المهرجان بالنشيد الوطني اللبناني والنشيد الوطني الفلسطيني، وبكلمة لعريف المهرجان عبد الله حمود.
وتلا ذلك عرض فيلم قصير عن المواجهة في مارون الراس من إنتاج تلفزيون صيدا.
وقد تحدث في المهرجان الدكتور أسامة سعد، ومما جاء في كلمته:
" ذكرى النكبة تحولت بهمة الشباب، وعزم الشباب، إلى مسيرة العودة إلى فلسطين.
من المخيمات والمدن والقرى والبلدات هبوا بالآلاف، وتوجهوا نحو فلسطين.
فلسطين قِبلة الأمة العربية، والاتجاه الصائب لبوصلة النضال القومي.
امتلكوا العزم والتصميم، فتغلبوا على كل العقبات، واجتازوا المسافات، ولم ترهبهم الأسلاك الشائكة ولا البنادق المصوبة على صدورهم العارية إلا من الإيمان بالحق والعدالة وفلسطين.
فلسطين العروس المحبوبة، وحُلم الحياة والشهادة.
سقطوا جرحى وشهداء، لكنهم لم يتراجعوا بل ازدادوا جرأة وإقداماً، وساروا شامخين إلى الأمام نحو الأرض المحتلة، وهم يرفعون عالياً الأعلام الخفاقة، أعلام فلسطين وأعلام لبنان.
بوركتَ يا جيل الشباب، عليك نراهن لدحر الصهاينة وإنجاز التحرير والعودة إلى أرض الآباء والأجداد.
مسيرات العودة لم تقتصر على لبنان، بل شملت الجولان والضفة الغربية وكل حدود فلسطين.
الشعب واحد، والشعار واحد، والهتاف واحد: الشعب يريد إسقاط الاحتلال... الشعب يريد العودة إلى فلسطين.
بالوحدة الوطنية الفلسطينية تحت راية المقاومة، وبعزم الشباب، وإصرار الشعب، الاحتلال لا بد ساقط، والتحرير آتٍ، والعودة قادمة" .
وشدد سعد على أهمية تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية:
" الوحدة الوطنية الفلسطينية تمثل شرطاً رئيسياً لتطوير الكفاح الفلسطيني، لذلك من الضروري العمل على ترسيخها وتثبيتها وتعزيزها. هذه الوحدة التي طالب بها الشعب الفلسطيني على الدوام، وهو يتمسك بها بكل قوة. وقد ساهم الموقف السوري الصلب الممانع منذ البداية، إضافة إلى تطور الموقف المصري بعد الثورة الشعبية، ساهماً في إنجاز الوحدة على الرغم من الاعتراضات الأميركية والرجعية، وعلى الرغم من التهديدات ومحاولات التخريب الإسرائيلية. وستكون الوحدة الوطنية الفلسطينية منطلقاً لانتفاضة فلسطينية جديدة، وعاملاً حاسماً نحو التحرير والعودة".
ودعا إلى إعطاء الفلسطينيين في لبنان حقوقهم الإنسانية وحرية العمل السياسي:
" تحت رايات العودة والوحدة الوطنية هب الشباب اللبناني والشباب الفلسطيني نحو فلسطين. أثبت شباب مخيم عين الحلوة وبقية المخيمات، أثبتوا للجميع أنهم يملكون طاقة نضالية هائلة، وحساً سياسياً صائباً على الرغم من سنوات التشرذم والتراجع، وعلى الرغم مما يمارس ضدهم في لبنان من تمييز ذي طابع عنصري، ومما يمارس ضد المخيمات من حصار وتضييق.
الشباب الفلسطيني عبَّر بصراحة عن الحاجة إلى حرية العمل السياسي والنضالي. وعبَّر أيضاً عن رفض السياسة الرسمية اللبنانية تجاه الفلسطينيين في لبنان، وعن عدم الثقة بكل الوعود التي تطلق في المواسم الانتخابية، ثم يجري نسيانُها بعد ذلك.
حرية النضال من أجل العودة، وحرية التعبير، والحق بالعمل والحصول على مسكن... هي بعض ما يريده الشباب الفلسطيني.
النفاق الحكومي، والنظرة الأمنية الضيقة إلى المخيمات والتضييق والحصار، والتمييز العنصري... هي بعض ما يرفضه الشباب الفلسطيني.
فلنناضل معاً من أجل تغيير جذري للسياسة الحكومية تجاه أبناء الشعب الفلسطيني في لبنان، تغيير بالفعل لا بالقول فقط !! "
وعن الثورات العربية قال سعد:
" ليس غريباً على الحكم الجديد في مصر أن يتعاطى بايجابية مع موضوع الوحدة الوطنية الفلسطينية، وأن يسلك تجاه القضية الفلسطينية سلوكاً جديداً مختلفاً عن سلوك الحكم البائد، حكم حسني مبارك الذي كان مجرد أداة لتنفيذ سياسات واشنطن وتل أبيب. فالثورة المصرية، وقبلها الثورة التونسية، وكذلك الثورات الشعبية في ليبيا واليمن والبحرين، هذه الثورات كلها قد استمدت العزم والقوة والإلهام من صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، ومن انتصارات الشعب اللبناني والمقاومة في لبنان. إن كفاح الشعوب العربية من أجل التحرر والكرامة الوطنية، ومن أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، هو كفاح متكامل في سائر الأقطار لم تنجح مؤامرات التقسيم والانعزال في تفتيته. فالأمة العربية تبقى أمة واحدة تصبو إلى الأهداف ذاتِها. وتبقى العروبة التحررية الديمقراطية الراية التي تظلل العرب في مواجهة مؤامرات التقسيم الطائفية والمذهبية والعرقية.
لقد طرحت الثورات الشعبية العربية هدف التخلص من التبعية للولايات المتحدة والدول الإمبريالية الأخرى، وطرحت مسألة استعادة الكرامة الوطنية، إضافة إلى الحرية والديمقراطية ورفض الاستبداد والفساد والظلم الاجتماعي.
وحققت هذه الثورات إنجازات لا يستهان بها في كل من مصر وتونس، وهي في طريقها إلى تحقيق المزيد من الانجازات في غير قطر عربي. في المقابل، لجأت الولايات المتحدة وحلفاؤها وأتباعُها إلى الدخول على خط الثورات بهدف احتوائها وحرفِها عن مسارِها الوطني التقدمي. وبعد أن كانت الولايات المتحدة تقدم كل وسائل البقاء والاستمرار للأنظمة البائدة في مصر وتونس واليمن وغيرِها، نراها اليوم تتخلى عن عدد من أتباعِها وصنائِعها، وتسعى إلى استيعاب الثورات الشعبية في عدة أقطار عربية. غير أننا على ثقة بقدرة الشعوب العربية على التمييز بين العدو والصديق، وهي التي ناضلت وكافحت طويلاً ضد الهيمنة الأميركية، وضد الأنظمة التابعة لها ".
ودعا سعد إلى حماية سوريا من التآمر من خلال الاصلاح والحوار السياسي:
" في سوريا، وبعد أن تبنَّت القيادة السورية المطالب الإصلاحية التي طرحتها جماهير الشعب السوري، تدخلت الولايات المتحدة وأعوانُها واتباعُها من أجل تخريب مسار الإصلاح والحوار. فلجأت إلى فرض العقوبات على سوريا، كما لجأت إلى شن حملات شرسة ضد الحكم السوري على جميع المستويات.
يستخدم الحلف الأميركي الصهيوني الرجعي في حربه على سوريا شعارات براقة منافقة ، مثل الحرية والديمقراطية، غير أنه لا يريد في الحقيقة سوى تغيير السياسة السورية الداعمة للمقاومة في لبنان وفلسطين، كما لا يريد سوى أن يفرض على سوريا اتفاق استسلام مع إسرائيل على غرار الاتفاقات المعقودة مع دول أخرى.
في المقابل، نحن على ثقة بحكمة الشعب السوري، وبقدرة القيادة والقوى السياسية في سوريا على التوصل إلى التجديد والتحديث والإصلاح بواسطة الحوار، وفي الوقت ذاته مواجهة الضغوط الخارجية والمؤامرات المعادية وأدواتِها المحلية ".
وعن الأزمات التي يشهدها لبنان والتأخر المتمادي في تشكيل الحكومة قال سعد:
" في لبنان، الأزمات المعيشية والاقتصادية، وتصاعد حدة الانقسامات والتوترات الطائفية والمذهبية، كلُها مظاهر للأزمة المستفحلة التي وصل إليها النظام الطائفي القائم. والإضرابات والتظاهرات المطلبية، وتحركات الشباب تحت راية إسقاط النظام الطائفي، ما هي إلا تعبير عن ضرورة التغيير وإلحاحه. الأمر الذي يفرض قيام حكومة قوية وقادرة على تطبيق برنامج للإصلاح على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
في المقابل تتصاعد الضغوط الأميركية والرجعية الهادفة إلى منع قيام مثل هذه الحكومة. أما المستهدف من وراء ذلك فهو لبنان العربي الحر المستقل، والمقاومة ونهجُها وسلاحُها. وما زيارة عرَّاب الفتن والمؤامرات "فيلتمان" إلى لبنان إلا دليل على ما نقول.
لذلك ندعو فخامة رئيس الجمهورية، ودولة الرئيس المكلف، وقوى الأكثرية الجديدة، ندعوهم إلى بذل كل الجهود لإنجاز تشكيل الحكومة من أجل إقفال الباب في وجه المؤامرات ومحاولات التخريب الخارجية والداخلية ".
وختم سعد بالقول:
" نكرر توجيه تحية الإجلال والإكبار إلى شهداء مسيرات العودة في مارون الراس والجولان، وإلى سائر الشهداء.
كما نوجه تحية الفخر والاعتزاز إلى المناضلين الجرحى، ونتمنى لهم الشفاء العاجل.
ألف تحية إلى أبطال مسيرات العودة "
أمين سر حركة فتح في لبنان فتحي أبو العردات ألقى كلمة وجه خلالها التحية إلى دماء شهداء وجرحى مواجهات مارون الراس في ذكرى النكبة، مثمناً تمسك الشباب بالوطن. وأكد أن الشعب الفلسطيني في كل الشتات هو شعب يريد العودة إلى فلسطين، وهو متمسك بحقوقه الثابتة غير القابلة للتصرف، فالعودة هي من الحقوق الثابتة التي سنستمر بالنضال من أجلها حتى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
كما طالب أبو العردات بإعطاء الفلسطينيين في لبنان حقوقهم. فالفلسطيني يعاني في المخيمات البؤس والحرمان، فهي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية. هو يريد أن يعيش بكرامة في لبنان، وهو يتطلع إلى حياة فيها امل، وأبسط حق له هو تملك منزل. لذلك علينا واجب دعم نضال هذا الشعب، لأن نضاله هو جزء من نضال الامة العربية والإسلامية.
وبارك أبو العردات المصالحة التاريخية مع الإخوة في حركة حماس، واعتبر أن هذه المصالحة االفلسطينية تعني كل الشعب الفلسطيني وكل الفصائل الفلسطينية، وانها أمام تحديات كثيرة، مؤكداً أنها ستصمد بإصرار كل القوى على إنجاز الوحدة الوطنية تحضيراً للاستحقاق القادم وإعلان الدولة الفلسطينية. وقدم الشكر لكل من سعى من أجل إنجاز هذه المصالحة خصوصاً مصر 25 يناير.
ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة ألقى كلمة وجه فيها التحية إلى شهداء وجرحى انتفاضة العودة. فالشعب الفلسطيني رسم بدماء الشهداء طريق العودة، وهو متمسك بحقه في العودة إلى أرضه ومواجهة الاحتلال بكل الوسائل من خلال المقاومة المسلحة، والمسيرات الشعبية، والتحرك الدبلوماسي. وما حصل يؤكد أن الشعب الفلسطيني اللاجىء لا يقبل بوطن بديل عن فلسطين والمسيرات التي حصلت تشكل تحدياً للاحتلال الصهيوني.
وطالب بركة الأشقاء العرب بوضع استراتيجية عربية فلسطينية لدعم حق عودة اللاجئين إلى فلسطين، عبر تحرك كل اللاجئين باتجاد حدود فلسطين سلمياً للتأكيد على التمسك بالأرض.
واستنكر بركة تدخل اوباما بالشؤون الفلسطينية مؤكداً أن الادارة الأميركية تحاول تضليل الشعب الفلسطيني.
ودعا بركة إلى حماية المصالحة الفلسطينية من مشاريع أميركية وصهيونية تحاول ضربها، مؤكداً ان هذه المصالحة ضرورية . واعتبر ان الوحدة الوطنية هي الطريق الوحيد لإنجاز التحرير والعودة.
وفي ختام المهرجان، قام الدكتور أسامة سعد، وفتحي أبو العردات، وعلي بركة، بتوزيع الدروع التكريمية للجرحى، وأهالي الشهداء، والجمعيات التي شاركت في إنقاذ الجرحى.