2012 ومعاناة العائلة الفلسطينية الممتدة التشتيت.. وإعادة التشتيت
الإثنين، 07 كانون الثاني، 2013
الأعوام تطوي أحداثاً من زماننا لكن أثارها تظل عالقة تمضي معنا أينما حللنا، لم يكن العام 2012 أفضل حالاً من غيره بالنسبة للعائلة الفلسطينية. الثابت الوحيد منذ النكبة هو حال اللا استقرار ومزيد من التفكك والتشريد حيث باتوا سمة ملاصقة للعائلة يقضون مضاجع أفرادها.
البداية جاءت سيئة حيث صادقت المحكمة الاسرائيلية العليا مطلع العام المنصرم على قانون المواطنة العنصري الذي يمنع الفلسطينيين مواطني "إسرائيل" من لمّ شمل الاسرة ومن ممارسة حياتهم العائليّة في مناطق الـ 48 في حال تزوجوا من فلسطينيين من سكان الأراضي المحتلّة أو مواطني الدول التي يعرّفها القانون الإسرائيلي كـ "دولة عدو" وهي العراق وسورية ولبنان وإيران.
أما الفاجعة الأكبر في الجسم الفلسطيني فكانت بتشريد جديد لآلاف العائلات الفلسطينية من المخيمات الفلسطينية في سوريا عموماً، ومخيم اليرموك في دمشق خصوصاً، بعيد انتقال الاشتباكات بين الجيشين النظامي والحر إلى ساحاته. وأدت الاشتباكات والقصف الى استشهاد العشرات من أبناء المخيم المدنيين والذين لا دخل لهم، وهي مازالت مستمرة حتى يومنا هذا. ودفع القتال الى هجرة غالبية سكان المخيم (80 الف)، الى المناطق المجاورة والى لبنان.
كان يظن أبناء اليرموك أن الانتقال الأخير سيكون إلى فلسطين بعد ما استقر بهم الحال نسبياً على الأراضي السورية وأن لا تشريد بعد اليوم ولا ترحيل، ظنوا أن لا فراق لأحدهم قسراً إلا إذا افترقت الروح عن الجسد.
في حرب غزة الأخيرة كان صوت عائلة الدلو المكلومة أقوى من صوت قذائف العدو وصواريخه، فالتضحية جاءت جماعية ومكلفة لهم بعدد الأرواح التسعة التي ارتقت، لكنها رخيصة في سبيل الصمود وصدّ العدوان.
انتهت الحرب القصيرة ذات الأيام الثمانية، لكن الأوجاع الصامتة الطويلة لم تنتهي لعائلات الأسرى في السجون الإسرائيلية. فشهد العام الفائت صولات من معركة الأمعاء الخالية أفرجت عن بعضهم وخففت عن آخرين رفاق لهم. إلا أن أمهات من بقي خلف القضبان لا زلن يذرفن دمعاً أحمر من بين جفونهن، عسى أن لا ينقضي عام آخر لا تحتضنّ فيه حبات عيونهن.
عجلة الزمن ماضية ومسرعة وعجلة الهدم والتشريد في النقب تدور معه، في العراقيب وأم بطين والزرنوق وبير هداج يطالب الاحتلال عائلات القرى بالمغادرة بعدما منعوا عنها الخدمات وارهقوها بالاجراءات والمضايقات اليومية.
أما في القدس فيتعاون الفقر مع الاحتلال ليضيق الخناق على من بقي في منزله يقاوم سياسات المحتل العنصرية والقمعية لتفريغ المدينة من سكانها. فقد أفادت دراسة نشرت نتائجها الشهر الماضي (نهاية العام) أن 79% من الفلسطينيين في القدس يعيشون تحت خط الفقر. وأن سياسة الضرائب الباهضة أنهكت كاهلهم، وتشير الدراسة أيضا الى أهمية عمل المرأة في إعانة عائلتها للخروج من مستنقع الفقر.
حتى في نهاية العام الموجع الذي أبى أن ينسلّ بهدوء، تسلمت عائلات قرية بيت إكسا في ضواحي القدس إخطارات تبلغهم فيها بقرار مصادرة جميع احواض الاراضي في القرية بهدف اقامة جدار يعزل بيوت القرية عن الاراضي التي قرر مصادرتها.
يفنى العام 2012.. والعام تلو العام يحصد معه كبار السن وجيل الأجداد الذي ذاق ألم النكبة وشرب مرارة اللجوء، لم يبق الا القليل القليل من شهود النكبة والذاكرة الحية لتاريخ الأرض الفلسطينية وشعبها العظيم. وتحاول "هوية" أن تسابق الزمن وتقابلهم وتسجل من أمكن لها أن تفعل لتحفظ كلماتهم وأصواتهم وصورهم الى الأبد.
المصدر: المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية