الإثنين، 11 تشرين الثاني، 2024
تدخل حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
يومها الـ400 وسط ظروف معيشية وإنسانية وصحية غير مسبوقة يعيشها نحو مليون نازح في
جنوب ووسط القطاع، بينما يعيش شماله مجاعة حقيقية مع استمرار منع الاحتلال وصول
المساعدات إليه، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
ويعيش السكان في قطاع غزة تحت وطأة حرب
ومعاناة متعددة الجبهات لم يفلح العالم في إنهائها أو حمل الاحتلال الإسرائيلي على
تخفيف حدة الاحتياجات الإغاثية في قطاع غزة دمرت بنيته التحتية تماما فأصبح بلا
مدارس وجامعات ومستشفيات وشبكات كهرباء وصرف صحي.
4650 مجزرة
ووفقا للهيئة الدولية للدفاع عن حقوق
الشعب الفلسطيني (حشد)، ارتكب الاحتلال خلال الحرب أكثر من 4650 مجزرة بحق
المدنيين، الذين تم استهداف معظمهم داخل منازلهم، أو في مراكز الإيواء، أثناء حملة
تهجير قسرية، أرغم عليها مليونا إنسان، بنسبة بلغت 90% من المجموع الكلي لسكان
القطاع.
وارتكب الاحتلال جرائم حرب وانتهاكات
لحقوق الإنسان، بما فيها استخدام الأطفال الفلسطينيين وعائلاتهم بانتظام دروعا
بشرية أثناء المعارك، بحسب وثائق جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.
وقد اعتقلت سلطات الاحتلال 5 آلاف أسير
من القطاع، بمقتضى قانون "المقاتلين غير الشرعيين”، ووضعتهم تحت ظروف قهرية بدنية
ونفسية قاسية، ومارست عليهم شتى أنواع التعذيب والتنكيل، وواجه بعضهم عمليات
اغتصاب وتحرش جنسي.
ولم يسلم العاملون في المنظمات الدولية
والإنسانية من نيران الاحتلال، التي قتلت نحو 200 موظف، كما هاجم قوافل الإغاثة
ودمر العديد منها، وقتل ما لا يقل عن 184 صحفيا، كان استهداف العديد منهم مباشرا
ومتعمدا، كما خرّب البنية التحتية لمعظم المؤسسات الإعلامية، لمنع تغطية
الانتهاكات وجرائم الحرب التي يرتكبها.
وسجلت معطيات المكتب الإعلامي الحكومي
10 آلاف مفقود لم تعرف أحوالهم إذا كانوا من الشهداء أو الأسرى، أو مفقودين تحت
الأنقاض.
وكشف تقرير للأمم المتحدة الجمعة أن
النساء والأطفال يشكّلون قرابة 70% من ضحايا حرب الإبادة الذين تحققت الهيئة
الدولية من استشهادهم في الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وإبريل/نيسان 2024. ووفق
آخر إحصائية أعلنتها وزارة الصحة في غزة يوم الجمعة، بلغت حصيلة العدوان
الإسرائيلي 43552 شهيداً و102765 إصابة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
انعدام الأمن الغذائي
وفتكت المجاعة بأهالي قطاع غزة ومات
العشرات من أطفاله ومسنيه من شدة الجوع، وبعضهم بسبب انعدام مقومات الحياة
والرعاية الصحية، بينما لم يزل الأهالي يعيشون بلا وقود أو غاز يعينهم على طهو
القليل من الطعام لأبنائهم، فلجأوا إلى الحطب والبلاستيك بالرغم ما يسببه من أمراض
صدرية وسرطانية. فيما تقول تقارير إن العديد من الأطفال ولدوا بتشوهات من سوء
التغذية.
ونقلت "رويترز” عن خبراء في الأمن
الغذائي العالمي، قولهم إن الوضع الإنساني في غزة خطير للغاية ويتدهور بسرعة.
وأضافوا أنه "يوجد احتمال قوي بأن مجاعة على وشك الحدوث في مناطق بشمال قطاع غزة”.
وشدد الخبراء على أنه يلزم القيام
بتحرك فوري خلال أيام وليس أسابيع من كل الأطراف المعنية بحرب غزة أو أولئك الذين
لهم نفوذ من أجل تخفيف هذا الموقف الكارثي، مؤكدين أنه "إن لم يتم اتخاذ إجراء
فعال فإن نطاق هذه الكارثة الوشيكة سيفوق بكثير أي شيء آخر رأيناه في غزة حتى الآن
منذ 7 أكتوبر 2023”.
قصف مراكز النزوح
ولم يوفر الاحتلال طيلة 400 يوم من
الإبادة مراكز إيواء النازحين، فاستشهد أكثر من 1200 مواطن جراء قصف مراكز للنزوح
والإيواء بالقطاع منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ووفق معطيات الإعلامي الحكومي، استهدف
الاحتلال أكثر من 185 مركزًا للنزوح والإيواء، بينها 163 مدرسة تؤوي مئات آلاف
النازحين. ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان استهداف جيش الاحتلال
الإسرائيلي مراكز إيواء 39 مرة في أكتوبر الماضي، استشهد خلالها 188 فلسطينيًّا
وأصيب مئات آخرين.
وعجزت المنظومة الدولية خلال 400 يوم
من الإبادة عن تحقيق المبادئ التي قامت عليها، فأظهرت فشلًا ذريعا في وقف الحرب،
أو دفع جيش الاحتلال عن تطبيق خطة الجنرالات في شمال قطاع غزة، حيث يعيش الأهالي
منذ 36 يوماً تحت حصار ناري جوي ومدفعي، وتجويع ممنهج لتهجيرهم قسرياً، من غير أن
يتوانى عن قصف مستشفياته الثلاث.
وأكد المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة
للطفولة "يونيسيف”، كاظم أبو خلف، أن الآلاف من أطفال شمال قطاع غزة حرموا من حقهم
في التطعيم ضد فايروس شلل الأطفال، بسبب الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي
على المناطق الشمالية والعدوان الذي منع كافة المنظمات من دخول تلك المناطق.
وبين أبو خلف، أن "التأجيل يعني ازدياد
الفاصل الزمني بين الجولة الأولى والثانية من التطعيم وهذا من شأنه أن يؤثر على
الفائدة المرجوة من إتمام التطعيم على جولتين”، مشيرا إلى أن أكثر من 105 ألف طفل
حرموا من المرحلة الثانية من جرعة شلل الأطفال.
انهيار المنظومة الصحية
ومن أصل 3 مستشفيات (الإندونيسي،
العودة، كمال عدوان) في شمال القطاع خرجت اثنتين منها عن الخدمة.
وأكد مسؤول المستشفيات الميدانية في
قطاع غزة د. مروان الهمص، خروج المستشفيات الشمالية عن الخدمة تماما نتيجة التدمير
الممنهج، بالقصف ومنع المياه والطعام، واعتقال الأطباء والممرضين، وقصف سيارات
الإسعاف، ومنع خدمة الدفاع المدني من الوصول إلى الجرحى.
وأوضح الهمص في حديث للجزيرة مباشر، أن
جيش الاحتلال أجبر العشرات من الأطباء على النزوح إلى مدينة غزة، ويرفض عودتهم
لممارسة مهامهم الطبية في المستشفيات شمال قطاع غزة، كما يرفض تزويد المستشفيات
بالوقود والمستهلكات الطبية.
ووصف الوضع في مستشفى كمال عدوان
الوحيد الذي يعمل بعدد محدود من الكوادر الطبية، بأن كارثي حيث تصلهم حالات سوء
تغذية وموت من الجوع، مؤكدا عدم قدرة المستشفى على تقديم الرعاية الطبية للأعداد
المتزايد من الجرحى، حيث لا يوجد سوى 5 أطباء لا يوجد بيهم جراحين أو أصحاب مهارات
جراحية.
وشدد الهمص على أن الوضع الصحي في
مستشفيات وسط وجنوب قطاع غزة لا يختلف كثيراً، "ففي مدينة رفح لا يوجد أي مستشفى،
ويتلقى الجرحى هناك العلاج في مستشفى ميداني للصليب الأحمر في مواصي رفح. أما
مدينة خان يونس فمجمع ناصر الطبي، ومستشفى غز الأوروبي، وشهداء الأقصى في دير
البلح، فجميع المستشفيات ممتلئة بالجرحى ولديها نقص شديد في المستهلكات الطبية
وحاجة ماسة للوقود”.
ويقول الإعلامي الحكومي، إن جريمة
التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في شمال قطاع غزة، راح
ضحيتها أكثر من 1800 شهيد و4 آلاف جريح ومئات المفقودين، إلى جانب تدمير الأحياء
السكنية والمستشفيات والبنية التحتية.
وحول الاحتلال الكثير من الأحياء
السكنية والتجمعات في شمال قطاع غزة لاسيما مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا إلى صحارى
قاحلة وأكوام من الركام، مستنداً إلى في هذا الأسلوب العسكري إلى استراتيجية تقوم
على نسف المربعات السكنية والتجمعات بهدف إعادة تحويل الشكل الديمغرافي والجغرافي
للمنطقة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية المتواصلة للعام الثاني على التوالي، ومنع
المقاومة من إعادة التجمع في نطاق جغرافي متقارب.
وتُظهر عشرات المقاطع المصورة المنشورة
من قبل جنود الاحتلال في صفحاتهم وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لحظات
نسف مربعات سكنية ومنازل ومساجد، وسط احتفالهم بهذه الأعمال، فيما لم يوقف
الاحتلال الإسرائيلي لغاية الآن هذا الأسلوب، ما يعني أنه تكتيك عسكري متبع في
العمليات العسكرية المتواصلة للعام الثاني على التوالي.
وبحسب التقديرات، فإنّ حصيلة تدمير
الاحتلال للمباني والتجمعات السكنية تتراوح بين 65% و80%، ما بين دمار كلي وجزئي
بليغ غير صالح للسكن، وجزئي يمكن إعادة ترميمه من جديد، ما يعني أن القطاع يحتاج
لعشرات السنوات من أجل إعادة الإعمار والعودة لحالة ما قبل الحرب على غزة.