القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

«آمال».. أول نجارة فلسطينية

«آمال».. أول نجارة فلسطينية


الأربعاء، 09 أيلول، 2015

بداخل الزقاق المؤدي إلى عالمها الخاص، يتهامس المارّة عن تلك المرأة صاحبة ورشة النجارة التي تصنع التحف والأثاث الخشبي لتكسب رزقها وتعيل ابنتها بعد أن قست عليهما عجلة الحياة.

"آمال أبو ارقيق"، 43 عاماً، أول نجارة فلسطينية كما باتت تعرف، تقطن مخيم النصيرات وتملك مشغلاً صغيراً للنجارة تتردد عليه يومياً ملبيةً طلبات زبائنها من داخل وخارج المخيم.

في العام 2003 بدأت "آمال" صناعة المشغولات الخشبية خلال برنامج تعليم مهني تابع لوزارة الشئون الاجتماعية ضم 20 سيدة لإعالة الأسر الفقيرة لم تصمد فعلياً فيه إلا هي، وقبل 10 سنوات واصلت صناعة المشغولات الخشبية الفنية كهاوية في مركز "تمكين".

وتسمي "آمال" ورشتها الصغيرة "أصالة البيداء"، معتزة بتراث البداوة والصحراء، حيث تصنع، بعد عقد من ممارسة النجارة "مرايا-طاولات-معلقات-ديكورات منزلية-كراسي" ومصنوعات خشبية أخرى للزينة والمناسبات السعيدة.

عمل يومي

بعد لحظات من انقطاع التيار الكهربي عن "المنشار" الآلي، هدأت ثورة الغبار وخرجت "آمال" من خلف جدار خشبي يفصل ركن استقبال الزبائن عن الطاولة المخصصة للعمل والتي ازدحمت بعشرات المشغولات تحت التصنيع ومستلزمات أخرى.

وتقول: "شاركت قبل سنوات في مشروع تابع لمؤسسة SEC عن مشغولات اللاجئين اليدوية فاختاروا 7 من الضفة و7 من غزة وبعد فوزي في التصفيات من خلال ما قدمت من مشغولات مولوا لي مشروع الورشة بالأجهزة فقط فواجهت مشكلة في توفير الخامات حتى استدنت من الأقارب والمعارف وبدأت العمل".

ومنذ سنتين تواصل "آمال" عملها اليومي في ورشة النجارة التي أسمتها "أصالة البيداء"، وتتلقى طلبات الزبائن التي تتركز غالباً في البراويز الخشبية وإطارات الصور والمرايا وديكورات تزيين حجرة الضيافة ومشغولات أخرى .

تبرع بعض المعجبين بشجاعتها، فأقاموا لمشغولاتها صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حتى علم كثير من الصحفيين والمصورين مؤخراً بتجربتها وزاروها ونشروا عن قصتها .

عمل اضطراري

من يعلم بقصة أول نجارة فلسطينية يعجب بتجربتها، لكنه لا يدري أن تلك النجارة مرت بظروف قاسية بعد انفصالها عن زوجها قبل عشرين سنة، وإعالتها لطفلة وحيدة مصابة بضمور في الدماغ، تحتاج لرعاية لا ينوب عنها في غيابها سوى والدتها المسنة.

مهنة الرجال التي وجدت طريقها إلى راحتي "آمال"، تركت ندوباً وجروحا في ساعديها، فكثيراً ما أصيبت خلال قص وتنعيم الأخشاب خاصة في الشهور الأولى حيث لم تكن معتادة على التعامل مع آلات النجارة.

وتتابع: "أقول دائماً الإنسان لابد أن يتحدى الظروف ولا يكون ضعيفا، لازم الحياة تستمر، اليوم أحاول تحدي الفقر وإعالة ابنتي، وبدأ الزبائن يزوروني من كافة أنحاء القطاع بعد أن علموا بمشغولاتي التي قدمتها في المعارض وعبر الإنترنت".

وتواجه "آمال" صعوبات متكررة تحول دون انتظام عملها أهمها انقطاع التيار الكهربي وضعف الطلب على مشغولاتها في الشهور الأخيرة، وندرة الأخشاب بسبب إغلاق المعابر حتى باتت عاجزة عن دفع أجرة محلها الصغير.

وتتمنى أن تطوّر ورشة النجار وتدرّب ذوي الاحتياجات الخاصة على ذات المهنة التي تمارسها، إيماناً منها بأن المعاقين لديهم طاقة كبيرة، وبمقدورهم الاعتماد على أنفسهم والمساهمة في الحياة بشكل إيجابي.

وتضيف: "قلت لكل من علم بقصتي أنني مستعدة للوقوف إلى جانب ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم بالمجتمع وتعليمهم شيئا ينفعهم، وبذلك أكون حملت رسالة ابنتي التي تعاني الإعاقة، لكنني أعاني مشكلة في التمويل ومساحة ورشتي صغيرة جداً" .

وزينت "آمال" جدار ورشتها الصغيرة بصورتين للشهيدين "أحمد ياسين وياسر عرفات" صنعت إطارهما الخشبي بيديها فيما تتناثر في زوايا المكان براويز لمطرزات تصور خريطة فلسطين والمسجد الأقصى، ومشغولات فنية توازي في قيمتها المعنوية روح المثابرة التي تواجه بها صاحبة الورشة قسوة الفقر والإعاقة.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام