القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

أبو عصام أقدم حرفي في مخيم برج الشمالي يناضل من أجل البقاء

أبو عصام أقدم حرفي في مخيم برج الشمالي يناضل من أجل البقاء
 
 
الثلاثاء، 13 تشرين الثاني، 2012
فاطمة الحداد، خاص/ لاجئ نت

رجل في العقد السابع من عمره، يجلس أمام دكانه متأملاً ما بقي ألواحها المعدنية المهترئ (الصفيح) ومياه الشتاء تخرقه، فتبلل ما بداخله... دكان يخفي الكثير من أسرار الحرفة، بل ويخفي الكثير من أسرار المخيم، ورجل يتألم على ما فات وعلى آماله التي بقيت آمال. هو أبو عصام والمعروف وسط مخيم البرج الشمالي بـ فوزي. إسكافي منذ القدم ويعتبر الحرفي الوحيد داخل المخيم في هذا المجال.

مشواره الحرفي...

المشوار الطويل استمر 64 عاماً من عمره، بدأ رحلته الحرفية بعد نكبة عام 1948، كان في العاشرة من العمر عندما هاجر وعائلته من قريته لوبية في فلسطين ليستقر في عنجر وهناك كانت البداية في تعلم الحرفة، حيث استمرت الفترة التعليمية سنة كاملة لينتقل بعدها وعائلته للعيش في مخيم البرج الشمالي. ومشواره الحرفي بدأ في المخيم بصعوبة كبيرة فهذا الرجل لم يملك مقومات البدء بمهنته بالرغم من تواضعها غير أن المساعدة التي قدمتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ساعدته بالاستمرار، حيث قدمت الوكالة له المواد اللازمة للبدء بعمله الذي سيعتاش منه بالإضافة الى الدكان.

عطاؤه امتد إلى الشهادة

اعتاش أبو عصام من مهنته تزوج وأنجب أربعةً من الأبناء، قدَّم ابنه البكر عصام شهيداً في الناعمة بعد دخول القوات الصهيونية إليها، لم تقف هذه الحادثة عائقاً في طريقه مصراً على تعليم أبنائه ليس مهنته وحرفته وإنما تسجيلهم في المدارس ليدرؤوا عن أنفسهم غدر الزمان. سعى وراء رزقه وتفانى طيلة حياته فعلم ابناؤه من المهن ما تيسر.

يتمنى هذا الرجل أن تكون نهايته كما بدايته بين أدوات حرفته التي أحبها وأخلص لها ولم يخجل قط منها، فحال دكانه اليوم يغيب حلمه في المستحيل، فقد اضطر إلى نقل أدواته إلى منزله بعيداً عن الدكان بسبب مياه الشتاء التي لم تترك مكاناً إلا وبلَّلته لتتحول الدكان إلى خرابة. والمفارقة هنا أنها وبالرغم من حالتها السيئة فإنها لا تزال مقصداً لأبناء المخيم، مهمم بقصد مهني وآخر للوقوف على أطلال الماضي. فحديثة يستحضر الماضي، وينبؤ بغدٍ مشرق، وأحلام تتحقق، وربيع مزهر... كل ذلك لا وصفاً للحال ولكن استذكاراً لماضيه...

تواضعه امتد حتى أمنياته

جل ما يتمناه أبو عصام هو بناءٌ بسيط لدكانٍ يمكنه من قضاء آخر أيام حياته في المكان الذي أحب، فيصنع منه دكاناً ومنزلاً لا يبارحه ليلاً أو نهاراً يجمع بها ويستقبل فيها كل من أحب وكل من أحبوه، فدكانه المتواضعة لا تزال مقصداً من أهالي المخيم غيرأن حالها جعله يتوقف عن صناعة الأحذية التي لطالما أحبها مقتنوها. يقف أبو عصام متأملا ما أبقاه الزمان له قائلا "ليتني أمتلك القليل من المال لأبنيها من جديد وكي أتمكن من شراء المواد الأولية اللازمة للاستمرار... فهذا الشيء الوحيد الذي يريحني ويفرحني".

هي الأيام مرت لكنها لم تمح بسمة أبو عصام ولا بريق عينيه الغائرتين، هي الأيام أخذت منه شبابه وعمره لكنه يرفض أن تأخذ منه ما حرفته التي لا يعلم أسرارها أحد غيره في المخيم. والسؤوال هنا هل ستفتح الحياة ذراعيها له فترسل له من غيبها من يساعده في بناء فرحه وحلمه الأخير في هذه الدنيا التي منحها ريحانة عمره؟