"أبو
موسى" يتصدى للاحتلال برائحة قهوته المقدسية
الخميس، 30 نيسان، 2015
يعدّ مقهى
"أبو موسى" في سوق القطانين أو السوق "العتم" كما يحلو للمقدسيين
تسميته أحد معالم البلدة القديمة في القدس، الذي ظل صامداً في وجه آلة التهويد الصهيونية،
ومع مرور العقود والسنوات، تحول هذا المقهى إلى مركز أو محطة إجبارية طوعية.
يبدأ المتوافدون
إلى المسجد الأقصى صباحهم المقدسي بفنجان قهوة في المقهى، أو كأس شاي أو كوب من العصير
الطبيعي، يتناولون رشفاته على أصوات مذياعه القديم المنبعث منه أصوات القرآن الكريم.
يتكون مقهى
"أبو موسى" الصغير في حجمه، الكبير في عدد رواده، من محلين صغيرين؛ الأول
للقهوة والشاي والمشروبات الساخنة، والثاني للعصائر الباردة الطبيعية كعصير البرتقال
والرمان والجزر.
وأمام هذين المحلين
اللذين تفتح أبوابهما مع بزوغ الشمس يضع "أبو موسى" كراسي القش القديمة ويرتبها
على شكل مستقيم ويضع بينها طاولاته الصغيرة ذات الأربعة أرجل، وما هي إلا دقائق معدودة
حتى يبدأ المتوافدون إلى المسجد الأقصى من حراس وموظفين وطلاب وصحفيين وسيّاح بشغل
هذه المقاعد الفارغة.
يقول صاحب المقهى
رياض الحلاق "أبو موسى" لـ"قدس برس": "ورثت هذا المقهى الذي
يزيد عمره عن 45 عاماً عن والدي، وأنا أعمل فيه منذ 20 عاماً، أما مرتادوه فهم في ازدياد
يوماً بعد يوم، رغم كل ما تقوم به شرطة الاحتلال من مضايقات".
في قهوة
"أبو موسى" سرٌّ لا يعرفه أحد، يقول أحد المرتادين، إن قهوته الساخنة
"ساحرة للغاية، طعمها مختلف عن القهوة التي تقدمها المقاهي الأخرى .. ويبدو أن
السر مرتبط بماء القدس العذب وسحر المكان أيضاً، فأنت تجلس على كرسي، وأمامك قبة الصخرة
المذهبة ترى لمعانها عبر باب القطانين الأخضر، في تلك اللحظات تنسى كل شيء في لحظة
استرخاء وصفاء نفسية لا توصف"، حسب وصفه.
أما عن المضايقات
التي يتعرض لها "أبو موسى" من شرطة الاحتلال فيقول: "هي مضايقات ممنهجة
ومتواصلة كحال بقية المقدسيين؛ فبمجرد أي حدث يحصل في المسجد الأقصى، تقوم شرطة الاحتلال
بإغلاق باب القطانين على الفور، ثم تضع حاجزاً في نهاية السوق لمنع دخول جميع المقدسيين
أو السيّاح، وهو ما يعني إغلاق جميع المحال التجارية بما فيها المقهى".
ويلفت "أبو
موسى" إلى أن أكثر المضايقات التي يتعرض لها المقهى هي مسيرة المستوطنين الشهرية
في البلدة القديمة، والتي يتم خلالها إغلاق السوق بأمر من شرطة الاحتلال، مشيراً إلى
أن الأمر إجباري، وكل من لا ينفّذ أمر الشرطة تتم مساءلته من قبل الضريبة أو موظفي
بلدية الاحتلال، وهو ما يعيق عملهم.
وتحدث "أبو
موسى" عما جرى معه يوم الأحد الماضي، حينما خرجت مسيرة للمستوطنين جابت شوارع
البلدة القديمة، قائلاً: "أمرتنا شرطة الاحتلال بإغلاق المحال التجارية عند الساعة
السادسة مساء، لكننا ماطلنا في إغلاقها حتى أصبحت الساعة السابعة إلا ربعًا، فما كان
من شرطة الاحتلال إلا أن عاقبتنا وأغلقت السوق بشكل كامل".
ويوضح أن مسيرة
المستوطنين الشهرية تبدأ من حائط البراق ثم تصل إلى سوق القطانين، وهناك يؤدون صلواتهم
بالقرب من المسجد الأقصى، ثم تصل إلى أزقة البلدة القديمة وشارع الواد، بحماية مشددة
من عناصر شرطة الاحتلال، وهو ما يعيق العمل في السوق.
ويضيف: "رغم
ما تقوم به شرطة الاحتلال من سياسات تعيق من خلالها عملنا، إلا أننا صامدون وثابتون
على هذه الأرض، وستبقى رائحة القهوة المقدسية تنتشر في أرجاء البلدة القديمة المحتلة
رغم أنف الاحتلال".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام