
بيروت – لاجئ
نت|| الخميس، 09 تشرين الأول، 2025
في خضم الأزمات
المتفاقمة التي تضرب لبنان، يواجه قطاع التعليم للاجئين الفلسطينيين، الذي تديره
وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، تحدياً وجودياً جديداً ينذر
بـ "كارثة تعليمية". فمع انطلاقة العام الدراسي الجديد، كشف تقييم
للواقع الميداني في المخيمات الفلسطينية عن فجوة واسعة بين الأرقام الرسمية التي
تعلنها الأونروا والواقع التعليمي القاسي على الأرض.
الواقع مقابل
الأرقام: فصول دراسية "غير صالحة للتعلم"
أشار بيان
الأونروا الأخير إلى أن نسبة ملحوظة من صفوفها الدراسية تعاني من الاكتظاظ، حيث
تضم 30.37% من الصفوف ما بين 40 و 44 طالباً، و 1.68% بين 45 و 47 طالباً. ورغم
صراحة هذه الأرقام، يؤكد الأهالي والنشطاء أن هذه النسب لا تعكس عمق الأزمة في
المخيمات الرئيسية المكتظة.
"هذه الأرقام مجرد تجميل للواقع،"
يقول أبو خالد، وهو ولي أمر وطني في مخيم البداوي. "في مدرسة ابني، يتجاوز
عدد الطلاب الخمسين في بعض الصفوف. كيف يمكن لمعلم واحد أن يعطي خمسين طالباً حقهم
في شرح الدرس أو المتابعة الفردية؟ هذا تحويل للصف إلى مخزن بشري، وليس بيئة
تعليمية."
المعطيات
الميدانية التي حصل عليها "شبكة لاجئ نت" من داخل مخيمات مثل عين
الحلوة، والبداوي، والبرج الشمالي، والبص، وصور تؤكد أن الاكتظاظ المفرط يحوّل
البيئة الصفية إلى مكان غير صالح للتعلّم، مما يؤدي إلى:
1- تدهور
جودة التعليم: حيث يصبح من المستحيل على المعلم توفير متابعة فردية.
2- خطر
على الصحة: تزايد احتمالات انتشار الأمراض في بيئات مغلقة ومكتظة.
3- تأثير
سلبي على المعلمين: زيادة الضغط النفسي والمهني على الكادر التعليمي.
تقليص الخدمات:
"تهرُّب من مسؤولية حق اللاجئ"
تتعقد الأزمة
أكثر مع ما يُوصف بـ "سياسة التقشف غير المبررة" التي تتبعها إدارة
الأونروا، والتي وصلت حد إغلاق ودمج عدد من المدارس بدلاً من فتح صفوف إضافية
لمواجهة الاكتظاظ.
في هذا السياق،
صرح ناشط حقوقي فلسطيني بارز في صور (فضّل عدم الكشف عن اسمه): "إن قرار
إغلاق وتجميد المدارس، بالتزامن مع توقيف نحو 100 معلم يومي، هو ضربة مباشرة لجوهر
حق اللاجئ الفلسطيني في التعليم. هذا ليس تقشُّفاً بل تهرُّب إداري من المسؤولية.
الأونروا تتخلى عن التزاماتها في وقت يواجه فيه اللاجئون أصعب ظروف معيشية."
ويطالب الأهالي
واللجان الشعبية بـ التثبيت الفوري لهؤلاء المعلمين اليوميين، مشيرين إلى أن
توقيفهم يزيد النقص الحاد في الكادر التعليمي، ويقوّض أي محاولة لتحقيق الاستقرار
في العملية التعليمية.
النتائج
الكارثية: جيل على حافة التسرب
النتيجة
المباشرة لهذه السياسات هي تدهور نوعية التعليم بشكل لا يمكن التغاضي عنه. ضعف
المتابعة الفردية يُعَد ضربة قاصمة لـ الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة والفئات
الأكثر هشاشة، مما يرفع بشكل كبير من خطر التسرب المدرسي.
وبدوره حذر أحد
المعلمين في مدارس "الأونروا" في مخيم البرج الشمالي قائلاً: "إذا
استمر الوضع على ما هو عليه، فإننا نتحدث عن كارثة تعليمية تهدد جيل كامل.
الاكتظاظ يقتل الرغبة في التعلم، خاصة لدى الأطفال الذين يعانون أصلاً من الضغوط
المعيشية. الأونروا بهذه الإجراءات تدفع أطفالنا للتسرب والمساهمة في دائرة الفقر
التي تحاصرهم."
مطالب فلسطينية
موحدة: خطة إنقاذ فورية
في مواجهة هذا
التحدي، تتفق الجهات الفلسطينية العامة والأهلية على ضرورة تحرك الأونروا بخطوات
عملية وعاجلة لإنقاذ العام الدراسي، أبرزها:
1- الوقف
الفوري لسياسة الدمج والإغلاق، وإعادة فتح المدارس المدمجة.
2- تثبيت
المعلمين اليوميين وتوظيف كادر تعليمي وإداري إضافي.
3- تأمين
صفوف إضافية أو مبانٍ بديلة بشكل عاجل في المخيمات المكتظة.
4- إشراك
اللجان الشعبية والأهلية بشكل جدي وفعال في عملية صنع القرار ورسم خطة تعليمية
عادلة ومستدامة.
المراقبون
يؤكدون أن مسؤولية الأونروا تتجاوز مجرد تقديم أرقام، إلى ضمان بيئة تعليمية كريمة
ومستقرة تضمن حق آلاف اللاجئين في مستقبل أفضل.