«أنامل».. تحف «تنبض» بالإبداع والوطنية
الخميس، 16
نيسان، 2015
بطريقة عرض إبداعية، تصطف عشرات التحف واللوحات
الفنية، فيما تضفي الإضاءة التي يتسلل إشعاعها بين ثنايا المصنوعات وهجا جماليا صنعته
يد فنان، معرض الفنانة التشكيلية سهير نصار، ينبض كل جزء فيه بالوطنية والهوية الفلسطينية،
ليشكل حالة استثنائية في غزة.
ويروي معرض« أنامل» حكاية امرأة فلسطينية أبت
أن تعيش على الهامش، فرأت التميز هو طريقها وأنها بحاجة لعمل مختلف يضمن لها ذلك، فتسللت
بإبداعها نحو القمة، وأذهلت الجميع بفنها التشكيلي لتثبت أن المرأة حاضرة في المشهد
رغم صعوبة الظروف.
طفولة مفعمة بالفن
حكاية سهير نصار مع الفن والرسم بدأت وهي طفلة
صغيرة فأحبت الرسم والأشغال الفنية اليدوية إلى درجة الولع، وكانت تنتظر حصة الرسم
المدرسية بفارغ الصبر لترسم وتلون.. وشجعها والدها حتى باتت غرفتها أشبه بالمعرض الدائم
المتجدد»
وتقول نصار لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"
إنها كانت تتوق حبًا في الأشغال الفنية اليدوية كتصميم بطاقات المعايدة لكل المناسبات،
فمنذ صغرها وهي تجمع بطاقات المعايدة وتعكف بعد ذلك على تصميمها بطابع جديد ومميز لا
يحاكي المتداول في الأسواق، أحبت تنسيق الزهور وعمل باقات مميزة من الزهور المجففة
أو الاصطناعية وتضيف: «كانت دائماً هداياي التي أقدمها لأقربائي وصديقاتي مدهشة لهم
لأنها مميزة وغير تقليدية».
بداية يحالفها الحظ
وشكل عام 2012، محطة تحول في حياة الفنانة نصار،
خريجة اللغة الإنجليزية من الجامعة الإسلامية في غزة، عندما فازت بمسابقة أطلقتها مؤسسة
"ميرسي كور" لتدوير خامات البيئة، حيث فازت أفكارها الفنية الثلاث التي طرحتها
باسم «أنامل» لتدوير «الزجاج، الورق، القماش»
من مجمل عشرة مشاريع فائزة.
وتتابع حديثها وملامح الفخر ترتسم
على وجهها: «كان الفوز بمثابة المحرك الذي دفعني للاستمرار نحو الفن دون توقف، حتى
أصبح الفن رحلتي وعالمي».
وتكمل «كل مرحلة في حياتي، كانت تشدني وتجذبني
نحو أنواع معينة من الرسم، فقبل سنوات كنت
مولعة برسم الوجوه بقلم الرصاص 6B، فكثيراً ما كانت توقفها تعابير الوجوه المعقدة، وكذلك
مشاهد كبار السن والخطوط والعلامات التي تتربع على وجوههم».
وعن أقرب أعمالها إلى قلبها، تستذكر بائع السوس،
والمرأة العجوز، التي تعتصر أمام الخيام في انتظار العودة، كما تحب رسم الطبيعة والزهور
وتلوينها بألوان الجواش، أما الرسم على الفخار وتزيينه وتلوينه فمن الفنون المحببة
إليها جداً، ومنذ أعوام اتجهت للرسم على الزجاج فأحبته بدرجة لا توصف وكما تقول: «لي مع ألوان الزجاج حكايات وحكايات!».
وتتابع «بالنسبة لي الرسم على الزجاج و المرايا
من الفنون الجميلة الراقية وألوان الزجاج من الألوان الرائعة الوهاجة، خصوصا عندما
يتخللها الضوء»، وأوضحت أنه يتوقف سهولة وصعوبة الرسم على الزجاج على مدى سهولة أو
صعوبة الرسمة المراد رسمها، حيث هناك رسومات دقيقة أو ذات تفاصيل، فبالتأكيد مثل تلك
اللوحات تحتاج إلى درجة عالية من التركيز والحضور والإحساس.
فلسطين العشق الدائم
ما يحرك ريشتي هي أحاسيسي والتي تتأثر بالمناسبات
والأحداث من حولنا، وتتابع سهير: «فمثلاً كثيراً ما رسمت مفتاح العودة الذي أحبه وأعتز
به كثيرا، وكأنني أقف مع من يقفون أمام لوحتي التي تذكرنا أننا كفلسطينيين لنا حق مسلوب
وسنستعيده عما قريب».
وتشرح عن إحدى لوحاتها، قائلة: «مثلاً عن لوحتي
"فلسطين عربية" التي رسمتها مؤخراً، والتي لونتها بلقاء مع قناة الكتاب،
فشعرت أنني أريد أن أرسم لوحة تجسد مدى حبي لهذا الثرى فرسمت خارطة فلسطين بأحرف عربية».
وأما عن الصعوبات التي واجهتها في الرسم والأشغال الفنية، قالت: «بصراحة أنني كموظفة
لا أجد متسعا من الوقت لممارسة الرسم والأشغال الفنية بشكل دائم، وأيضاً إغلاق المعابر
بشكل مستمر يقلل من فرص وجود الأدوات والألوان التي أحتاجها بشكل مستمر مما يشكل عائقا
أمام موهبتي».
لن ينام الحلم
امتزجت أناملها برونق الإبداع فسطرته حقيقة على
أرض الواقع فأقامت معرضها الدائم "أنامل" حيث العيون مذهولة من حكايات الروعة
وكأن رائحة الإبداع هناك تنسمت.
وتقول إن فكرة المعرض جاءت بعد مشاركتها بعدة
معارض محلية حظيت فيها أعمالها بإعجاب الجمهور والمهتمين، الذين رأوا في أعمالها، خاصة
تحويل أطباق البورسولين إلى لوحات فنية، بأنه بصمة مميزة في الرسم اليدوي، فكان هذا المعرض ليكون أول معرض يجمع الكثير من
الأعمال الفنية اليدوية من رسم على الزجاج والبورسولين، ورسم بألوان الأكريليك، إضافة
إلى تصميم بطاقات معايدة يدوية ومطرزات مختلفة.
وتتابع، وهي مفعمة بالأمل، «أحلم أن تنتشر الأنامل
الفلسطينية عربياً ودولياً، وأن تكون لوحاتي في معرض اللوفر، ليرى العالم أننا رغم
كل الصعاب، شعب متحدِ يتوق إلى التميز والإبداع».
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام