أوساط فلسطينية تحذر عباس: «العودة» أهم من «الدولة»
الأربعاء، 17 آب، 2011
عمار نعمة - السفير
بعيدا عن العناوين الكبرى التي تتخذها زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان والتي يتصدرها الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة ربطا بترؤس لبنان مجلس الأمن في ايلول المقبل، ثمة اسئلة جدية تطرح حول سبب هذا الاستعجال من قبل «أبو مازن» في طلب الاعتراف، في ظل حذر فصائل فلسطينية عدة حيال هذه الخطوة غير المنسقة معها.
لعل نقطة الخلاف الجوهرية تتمثل في اختلاف الأولويات بين السلطة وفصائل المعارضة، اذ بينما يريد ابو مازن «الدولة» سريعا، تتمثل اولوية الفصائل بـ«حق العودة» الذي تقول الفصائل انه اهم بكثير من إعلان الدولة الفلسطينية، الذي لا يخلو بدوره من ايجابيات، لكن شرط «عدم التنازل عن الثوابت» حسب الفصائل.
من دون شك ان خطوة إعلان الدولة سوف «تحشر» أسرائيل في الزاوية، من الناحيتين القانونية والدبلوماسية، حسب اوساط متابعة، اذ ان الدولة العبرية، في حال تم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للامم المتحدة ولم تستخدم الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» في المحطة التالية في مجلس الأمن لمنع قيامها، ستتم ادانتها عالميا كونها ستصبح في هذه الحال محتلة لدولة اخرى معترف بها من قبل المجتمع الدولي. وفي هذه الحال، يقول متابعون للزيارة، سيصبح طلب المساعدة لهذه الدولة الوليدة متاحا، وصولا إلى طلب الحماية لها...
لكن هل من الممكن ان يكون الطريق الذي يسلكه عباس اليوم هو الانسب لتحقيق هذا الامر؟
تنفي أوساط فلسطينية، غير منضوية في «منظمة التحرير الفلسطينية»، في معرض إجابتها على هذا السؤال، أن يؤدي المسار الذي يسلكه «ابو مازن» إلى تلك الإدانة المطلوبة فلسطينيا لأسرائيل. ويدعو المحذرون من التسرع باعلان الدولة، إلى حوار لبناني – فلسطيني، يتسم بالجدية في سبيل بحث ملف الفلسطينيين في لبنان بجوانبه كافة، بهدف «حفظ السيادة والعودة».
ودون إعلان الدولة محاذير يتمثل اهمها بالسؤال عن «الثمن» الذي قد يدفعه الفلسطينيون لاقامة مثل تلك الدولة، في ظل حديث اميركي عن «اثمان» مطلوبة من الشعب الفلسطيني لقاء ذلك، والادارة الاميركية تشير بذلك إلى الاعتراف بيهودية أسرائيل وشطب حق العودة، حسب الفصائل التي تعتبر ان ذلك لا يعني سوى تحويل فلسطينيي الشتات إلى جاليات واسقاط القضية الفلسطينية وحتى انهاء عمل وكالة «الأونروا»!
من هنا، يطالب هؤلاء لبنان بعدم استغلال اعترافه بالدولة الفلسطينية لتقديم اثمان باهظة، وبالتاكيد على التمسك برفض التوطين المطلوب لبنانيا وفلسطينيا.
كما ان البعض يزيد على تلك المخاوف، بالتحذير من امكان إلغاء «منظمة التحرير الفلسطينية» نفسها! ومن المعروف ان المنظمة تعتبر حكومة المنفى بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني في الشتات، ومن شان إعلان الدولة ان يلغي مهمة المنظمة ذلك ان الدولة ستكون حينئذ مسؤولة عن سكانها في مناطق «سيادتها»، وستنتفي بالتالي مسؤولية المنظمة عن مستقبل هذا الشعب «وهذا الامر خطير جدا» حسب البعض الذي يرفض «تحويل الفلسطينيين في لبنان إلى جالية» مثلما يرفض الحصول على «أية جوازات سفر، اذ اننا نريد ابقاء المسؤولية عن تشتيت الشعب الفلسطيني على أسرائيل ولا نريد اعفاء الامم المتحدة من مسؤولياتها ومهامها».
ويزيد هؤلاء بالتوجس من «تجاهل» عباس المستمر لجوهر قضية حق العودة ويقول احد المتابعين لزيارة ابو مازن اللبنانية تعليقا على موقف السلطة من حق العودة: لم نسمع من عباس أية توضيحات حول تصريحاته المتكررة حول «الحق العادل لقضية اللاجئين» بدلا من التكلم بوضوح عن عودة الشعب الفلسطيني إلى ديارهم الاصلية في فلسطين التاريخية العام 1948.
بالنسبة إلى المحذرين من الاثمان التي قد يدفعها الفلسطينيون لقاء إعلان الدولة، فإن «لا احد مخول التنازل عن حق العودة المقدس فرديا وجماعيا»، ويسأل هؤلاء: ماذا لو استخدمت الإدارة الأميركية حق النقض في مجلس الامن، ما هو البديل؟ هل سيقبل عباس باستئناف الانتفاضة ام انه سيستمر في تكرار «اننا نريد المفاوضات اولا وثانيا وثالثا ورابعا ولكن».
ويشير البعض إلى ان عباس والسلطة قد انفردا بمسعى الدولة، من دون التنسيق مع الاخرين، مع العلم أن اتفاق القاهرة (المصالحة) لم يطبق حتى اليوم، اذ كان من المفترض ان يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية والشروع في بناء منظمة التحرير.
المصدر: جريدة السفير اللبنانية