القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

استطلاع «لاجئ نت»: فلسطينيو سورية في مخيم البرج الشمالي المساعدة لا تكفي حاجاتهم

استطلاع «لاجئ نت»: فلسطينيو سورية في مخيم البرج الشمالي
المساعدة لا تكفي حاجاتهم وبعضهم عاد إلى سورية بسبب الغلاء
 
فاطمة حداد
خاص، لاجئ نت

1837 عائلة، هو مجموع العائلات الفلسطينية النازحة إلى لبنان نتيجة الأحداث في سورية، 235 عائلة عدد العائلات التي نزحت إلى مخيمات صور وتجمعاتها، 80 عائلة استقرت في مخيم البرج الشمالي بحسب التقارير الصادرة عن مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان.

وجدناهم في أشباه منازل سكنوها، قطع من القماش ستروا فيها عيب تقصيرنا معهم، فكانت زيارتنا والدردشة معهم بلسمٌ دهن على جراحاتهم أشعرهم بأن لهم أهلاً في مخيمنا، قمنا نحن مندوبي «لاجئ نت» بزيارة عدد من العائلات التي تسكن في المخيم..

أسباب اللجوء الفلسطيني من سورية

طالت الأحداث في سورية المخيمات الفلسطينية وأدّت إلى نزوح أعداد كبيرة من عائلات اللاجئين الفلسطينين. العائلات التي ينحدر معظمهم من مخيم اليرموك في دمشق كعائلات ياسين وشهابي وعبودي وأبو العلا ومبدي وغيرها سألناهم عن سبب النزوح، فتراوحت إجاباتهم على اختلاف مشاربهم بين:

1. تعرّض المخيمات والتجمعات الفلسطينية في سورية إلى القصف الثقيل وسقوط عدد من الشهداء والجرحى.

2. إجبار الشباب المعفي عنهم من الخدمة العسكرية والقاصرين على الالتحاق بصفوف جيش التحرير.

3. ضعف التموين والإمداد الغذائي للتجمعات الفلسطينية، وبالتالي التخوف من تأمين الغذاء لأفراد الأسرة.

4. مداهمة مجموعات المعارضة منازل بعض الفلسطينيين المحسوبين على القيادة العامة.

5. اعتقال وافتقاد بعض الشباب الذين شاركو في المظاهرات.

6. سعي بعض العائلات إلى الهجرة عن طريق لبنان، خصوصاً بعد أن أشيع أن بعض السفارات باشرت بتسهيل هجرة العائلات السورية.

7. غلاء المعيشة وانعدام فرص العمل وخطورة التنقل.

كل هذه أسباب دفعت اللاجئين الفلسطينين في سورية إلى النزوح متوجهين إلى لبنان ومخيماته، سعياً منهم من درء فرصة الموت المحتم هناك، ويبقى السؤال: هل هذا النزوح سيحقق فرصة النجاة من الموت المحتم أم لا؟

المسكن الجديد

اختلفت مسميات المساكن الجديدة للعائلات الفلسطينية النازحة إلى مخيم البرج الشمالي، ولكنها في نهاية المطاف حيزٌ جغرافي يأوون إليه من برودة الشتاء. توزعت العائلات في المخيم على الأقرباء، ومن لم يجد منزلاً يأوي إليه، اضطر إلى أن يستأجر منزلاً له ولعائلته مما شكل عبئاً جديداً حيث تبدأ كلفة الإيجار من 200,000 ليرة. أي نحو 133$ وترتفع هذه التكلفة كلما كان وضع المنزل أفضل، إلا أن عدم وجود منازل تكفي حاجة النازحين الجدد اضطرهم إلى القبول بأي سكن مهما كانت رداءته. وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض العوائل التي لجأت إلى منازل أقارب لها اضطرت للبحث عن منزل واستئجاره بسبب ضيق منازل مستضيفيها وعدم شعورها بالراحة، وشعورها بأنها تشكل عبئاً حياتياً عليها لتتحمل عبء دفع تكاليف الإيجار الذي يجمعه أهل الخير في معظم الأوقات.

وكان لحركة النزوح أثرٌ بالغ على كلٍ من:

الأسرة المضيفة/ المستقبلة: عانت هذه الأسرة بعد فترة من استضافة العوائل اللاجئة من ضغط معيشي فوق الضغط الذي تعيشه في لبنان، وفقراً مركباً على الفقر الذي يرافقها أصلاً، إضافة لضيق المنازل التي تتكون في غالبيتها من غرفتين فقط، هذا وقد استقبلت بعض العوائل عائلتين من المهجرين وما فوق ما دفع بالبحث عن منازل للإيجار، إلا أن المنازل الموجودة في المخيم لا تكفي أعداد النازحين المتزايد.

الأسرة المستضافة/ النازحة: تعاني الأسر النازحة وضعاً معيشياً بائساً وصعباً، فعلى الرغم من الترحيب والحفاوة التي لاقتها هذه الأسر من الأقارب في المخيم والعموم، إلا أنها لا تزال تشعر بالقلق وبعدم الرضى عن وضعها الحالي بالرغم من الشعور بالأمان النسبي داخل المخيم، الأمر الذي يفرض عدم توازن نفسي عند أفراد تلك العائلات والشعور بالتهديد حتى لو لم يكن له وجود أصلاً، إلا أن معظمها اتخذ القرار بالبحث عن منزل خاص كي تتمكن من الشعور براحة أكثر. فالأزمة طالت والصعوبات المعيشية تتفاقم، فلا من معين سوى الله، ولسان حالهم «من وجد عملاً اليوم لا يجده غداً، ومن تُقدّم له المساعدة مرة لا تتكرر معه من جديد».

الخدمات الإغاثية المقدمة

لا تزال الخدمات المقدمة إلى العائلات النازحة خجولة جداً فمع بداية الأزمة ساهمت جمعية لوبيا وحركة حماس بتوزيع بعض المواد العينية من مواد غذائية وفرش وبطانيات، وفي الوقت الراهن خلال شهر تشرين الأول (اكتوبر) قام الصليب الأحمر اللبناني بتوزيع مواد عينية من فرش وأغطية لا تدفع برد الشتاء، بالإضافة لبعض حاجات المطبخ القليلة جداً ومواد التنظيف. ولم يتلقّ بعدها أحدٌ من اللاجئين أية مساعدة. في حين أن المساعدات المالية لم تجد لها طريقاً إلى تلك المنازل حتى الآن. ومؤخراً وزعت مؤسسة الصمود منشورات في المخيم تتضمن قيامها بحملة لجمع التبرعات المالية من أهالي المخيم لصالح تلك العائلات تحت شعار «القليل منك يكفينا» والتي تنطلق من 29 ت1 إلى 15 ت2.

الخدمات التربوية والتعليمية

تقتصر الخدمات التربوية المقدمة إلى أبناء العائلات النازحة في مخيم البرج الشمالي على استحداث ثلاثة صفوف داخل مدرسة الصرفند الابتدائية للبنين؛ الأول يضم المراحل التعليمية الأولى الثلاثة، ويحتوي على 18 طالباً، والثاني يضم الصفين الخامس والسادس ويحتوي على 13 طالباً، أما الصف الثالث فقد خصِّص لطلاب صفي السابع والثامن ويحتوي 15 طالباً. تعتمد آلية التدريس على الدمج بين اللعب والدروس البسيطة ضمن مشروع اليونيسيف للتعليم، والذي يستمر مدة شهر قابلة للتجديد وذلك بحسب تطور الأوضاع في سورية.

يُذكر أن اليونيسيف قامت بتوزيع حقائب مدرسية تحتوي على: دفاتر، أقلام رصاص، ممحاة، مبراة، أقلام تلوين. ولدى حديثنا مع الأهل عن رضاهم عن هذه الطريقة في التدريس قالو إن الأونروا غير واضحة في موقفها تجاه مستقبل أبنائهم وقد استنكروا عدم دمج أبنائهم مع طلاب المخيم خصوصاً طلاب المراحل التعليمية الثلاث الأولى القادرين على التأقلم مع المنهج الدراسي اللبناني، ويقول الأهل أيضاً أن إدارة المدرسة قالت بأن المنهج السوري سيدرس ولكن يحتاج لبعض الوقت حتى تؤمن الكتب. وتجدر الإشارة هنا إلى أن للطلاب اللاجئين فترة دوام مدرسي تختلف عن الصفوف العادية في المدرسة فالتدريس للنازحين ينتهي عند الـ 11:30 صباحاً.

ويسأل الأهالي: لماذا لم تؤمّن كتب المنهج المدرسي السوري حتى الآن، علماً أن الطلاب السوريين المنتسبين إلى مدارس الأونروا شمال لبنان يدرسون المنهج السوري منذ بداية العام الدراسي؟

أما فيما يتعلق برياض الأطفال وفي زيارتنا لها، تبين لنا أنها جميعاً فتحت أبوابها لتسجيل الأطفال اللاجئين بالمجان ليشكل إجمالي الأطفال المسجلين 87 طفلاً موزعين كالتالي:

روضة الطفل السعيد: انتسب إليها 15 طفلاً، تتكفل الروضة بالقسط والزي والكتب ويتحمل الأهل تكلفة مواصلات نقل الطفل من البيت إلى الروضة. وتقول الإدارة أن دراسة إمكانية إلغاء تكلفة المواصلات يجري البحث بشأنها، مع قدرتها على استيعاب أكبر عدد ممكن، مع الإشارة إلى أن التكاليف مؤمنة عن طريق جمعية خيرية في صور هي الوقفية الإنسانية للإغاثة والتنمية.

روضة النجدة: وتضم 22 طفلاً، تكفلت بالقسط والكتب والزي الذي تؤمنه جمعية النجدة الإجتماعية عدا المواصلات التي تم حسم نصف قيمتها بعدما طلبت الإدارة من أصحاب الفانات خفض التكاليف. وتفيد إدارة الروضة أن القدرة الاستيعابية للروضة تبقى محدودة.

روضة الكرامة: استقبلت 20 طفلاً انسحب منهم 7، بعدما قررت أسرُهم العودة إلى سورية بسبب الغلاء المعيشي، وتقدم خدماتها باسم الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية من القسط المدرسي ورسوم المواصلات والكتب.

روضة الصمود: لم تستقبل سوى 3 طلاب بسبب اكتظاظ صفوفها، وقد قدمت كافة الرسوم من قسط وزي الروضة والكتب، عدا المواصلات لأنها غير تابعة للمؤسسة.

روضة الهدى: 27 طفلاً، تكفلت جمعية الاستجابة فيها بالقسط والكتب والمواصلات، ولم يُعرف إن كان الزي من ضمن التكاليف المدفوعة بحسب إدارة الروضة.

تجدر الإشارة إلى أن الأيام الدراسية الأولى أظهرت سلوكاً عدوانياً لدى بعض الأطفال، بالإضافة إلى الحركة الزائدة وكثرة الحديث عن مشاهداتهم في سورية، إلا أن هذا الحال يتغير شيئاً فشيئاً مع اندماجهم مع أقرانهم.

خدمات الطبابة والاستشفاء

تقتصر الخدمات الطبية والاستشفائية داخل المخيم للاجئين الفلسطينيين السوريين على الطبابة المتوافرة داخل عيادات الأونروا. أما الحالات المرضية غير ذلك (acute) فتحوَّل إلى المستشفيات ويبرق بشأنها إلى سورية عن طريق مراقب المستشفيات العام ليقتطع بعدها تكلفة العلاج اللازمة من ميزانية الأونروا في سورية فتحول إلى لبنان لتغطية تكاليف العلاج. في حين تقدم العيادات الخاصة داخل مؤسسة الصمود خدماتها بالمجان لهذه الشريحة.

تعاني بعض العائلات النازحة من وجود حالات أمراض مستعصة أو مزمنة أو إعاقة والتي تحتاج بغالبيتها إلى علاج دائم. وقد اضطرت هذه العوائل إلى توقيف العلاج لعدم قدرتها على دفع تكلفة العلاج المرتفعة الثمن مقارنةً معها في سورية.

الاحتياجات الملحة

للعائلة: تعاني العوائل الفلسطينية التي لجأت إلى مخيم البرج الشمالي من نقص شديد في الاحتياجات، فبعض العوائل خرجت فقط بالملابس التي ترتديها هرباً من شدة القصف، والأخرى جلبت بعض الملابس الصيفية معها، لكن جميع العوائل بالإجمال بحاجة إلى الملابس الشتوية، بالإضافة إلى احتياجات المنازل المستأجرة من براد، غاز، غسالة وبساط للأرض وأغطية تبعد برد الشتاء، فالمنازل لا تحتوي شيء غير ما وزعه الصليب الأحمر وأهل الخير.

للأطفال: حاجات الأطفال لا تخفى على أحد، فالأطفال الرضّع بحاجة إلى الحليب والحفاضات، أما الأكبر سناً فبحاجة إلى الألعاب وأماكن للعب، تقول الأسر إن أطفالها في حالة نفسية صعبة، وأنهم بحاجة إلى برنامج يريحهم مما هم فيه.

التنقل وقانونية النزوح

يشير استطلاعنا لعائلات النازحين أن الغالبية العظمى منهم دخلوا بشكل قانوني إلى الأراضي اللبنانية عن طريق تصريح صالح لمدة 15 يوماً، ومن تجاوزت فترة وجوده المهلة المحددة وجب عليه دفع غرامة مالية قدرها 50 ألف ليرة، بعدما عمدت الدولة اللبنانية إلى اصدار قرار يقضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى سورية في مهلة أقصاها 17/11/2012، وعلى من يتخلف عن موعد الخروج دفع الغرامة المالية وتضاعف هذه الغرامة كل ثلاثة أشهر. ما دفع بالعديد من العوائل بالعودة إلى سورية لعدم قدرتها على الدفع، لكن من بقي آثر دفع الغرامة على العودة والبقاء بمأمن وعائلته.