القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

اعتداء السلطة على المتظاهرين بالضفة.. التداعيات والنتائج

اعتداء السلطة على المتظاهرين بالضفة.. التداعيات والنتائج


الأربعاء، 23 أيلول، 2015

تتصاعد المواقف المنددة بسلوك الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية، خاصة بعد حادثة الاعتداء بالضرب على المتظاهرين الفلسطينيين المحتجين على الاعتداءات الإسرائيلية بحق مدينة القدس المحتلة.

وتعمل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة، على منع تنامي الاحتجاجات التي وصلت إلى حد إلقاء المحتجين الحجارة على المقرات الأمنية في مدينة بيت لحم، حيث ردت الأخيرة بإطلاق الرصاص الحي، وكان هناك تبادل لإطلاق النار في مخيم جنين الأسبوع الماضي.

الاعتداءات أنتجت حالة من الغليان

وعلى الرغم من تقليل خبراء في الشأن الفلسطيني من حجم تلك المظاهرات وتأثيرها على القرار الإسرائيلي، إلا أنهم ثمنوا الحراك الشبابي المتصاعد، الذي أدرك أنه محاصر من قبل أمن السلطة في الضفة المحتلة.

وقال الخبير في الشأن الفلسطيني فايز أبو شمالة، في حديث خاص لـ"عربي21"، إن أهم حدث في عام 2015 هو تحرك الشباب وخروجهم في مسيرات جماهيرية، تطالب برحيل الرئيس عباس"، مؤكدا أنها وإن خرجت احتجاجا على حادثة اعتداء الأمن الفلسطيني على المتظاهرين، لكنها "تعكس حجم الإحباط والغضب، الذي يملأ صدور الشباب تجاه السلطة ورئاستها"، بحسب تقديره.

ويرى أبو شمالة أن اعتداءات أمن السلطة المتكررة أثمرت "حالة من الغليان" لدى الفلسطينيين الذين خرجوا رغم اتفاق قوات الأمن بالضفة مع الفصائل الفلسطينية على التهدئة، مشيرا إلى اهتمام الإعلام الإسرائيلي بالمظاهرات التي "ارتجت لها أجهزة الأمن الإسرائيلية، خشية خروجها عن السيطرة".

وأكد أن ما يحدث في الضفة هو "غضب شعبي غير منظم؛ سببه ممارسات الأجهزة الأمنية وحالة الفشل السياسي للرئيس عباس"، على حد قوله

السلطة متخوفة من اندلاع انتفاضة

وفيما يتعلق باستدراك القيادة الفلسطينية الأمر، وتشكيل لجنة تحقيق، وإنزال العقوبات على أفراد الشرطة المتسببين في الاعتداء، أوضح أبو شمالة أن العقوبات جاءت "لذر الرماد في العيون، وهي حيلة لامتصاص غضب الجماهير، الذي سيمتد إلى كل مدن الضفة"، منوها إلى أن حوادث اعتداء أجهزة أمن السلطة، في جنين ونابلس وقلنديا وبيت لحم، دفعت بالشعب الفلسطيني كي "ينتفض في وجه جلاديه، من أجهزة السلطة التي أحسنت التنسيق مع الاحتلال"، وفق تعبيره

وكان المتظاهرون في الضفة قد رددوا هتافات تطالب عباس بالرحيل بقولهم: "يا عباس يا جبان يا عميل الأمريكان... ارحل ارحل يا عباس"، بعدما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يظهر عددا من عناصر أجهزة أمن السلطة في مدينة بيت لحم، على شاب فلسطيني سقط أرضا، حيث انهالوا عليه بالضرب المفرط بالعصى، وذلك خلال تفريق مسيرة انطلقت بعد صلاة الجمعة الماضية نصرة للمسجد الأقصى المبارك.

ورأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، ناجي شراب، أن أساليب تعامل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة مع المتظاهرين، كانت "نتيجة اختلاط الصورة وتناقضاتها"، موضحا أن أجهزة أمن السلطة كانت "متخوفة من اندلاع انتفاضة، تخرج عن الحدود المرسومة لها، كونها لن تستهدف إسرائيل فقط، وإنما السلطة بشكل أساسي"، بحسب قوله.

الحالة الفلسطيني تعاني من التناقض

وأضاف شراب في حديثه لـ"عربي21": "هناك تخوفات من دور متزايد لحركة حماس في الضفة الغربية، وتكرر ما حدث في غزة (طرد السلطة)"، مستهجنا أن تكون تلك "التخوفات مبررا للاعتداء على المتظاهرين".

وانتقد شراب الحالة التي تعاملت بها السلطة مع المتظاهرين، مؤكدا أن المظاهرات التي خرجت في الضفة "لم تكن على مستوى عال لتحدث انتفاضة تسري بين الشباب الفلسطيني".

وأرجع عدم قدرة تلك المظاهرات في الضفة على الدفع باندلاع انتفاضة ثالثة، لحالة الخلط في الصورة بين إدانة الرئاسة والسلطة من جهة، ونصرة الأقصى، معتبرا أن الحالة الفلسطينية التي تعاني من الانقسام والتباين والتناقض "لن تسمح إلى حد كبير بانتفاضة ثالثة".

وفيما يتعلق بتصاعد وتيرة المظاهرات إلى حد المطالبة الرئيس بالرحيل، رأى شراب أنها "ظاهرة عادية، إذا ما علم أن أحد مكونات الشخصية الفلسطينية هي المكون الثوري؛ الرافض للظلم والاحتلال والفساد"، لافتا لوجود "حالة من السخط على أداء السلطة، إضافة لوجود معارضة فلسطينية".

إعادة الوضع للمجلس التشريعي

حركة فتح، وعلى لسان القيادي أسامة الفرا، استنكرت، من جهتها، اعتداء الأجهزة الأمنية على المواطنين الفلسطينيين، معتبرة أن التوصيات التي خرجت بها لجنة التحقيق في حادثة الاعتداء "أراحت المواطن الفلسطيني، لأن من يتجاوز الحدود يجب أن يعاقب"، بحسب تعبير الفرا.

وأوضح الفرا في حديث لـ"عربي21"؛ أن "عملية الحساب" لأي تجاوز من قبل عناصر الأمن، هي التي تشكل "رادعا" لضمان عدم تكرار مثل هذه الاعتداءات، داعيا الجميع "لوقف تصيد الأخطاء لهذا الطرف أو ذاك، والعمل على إنهاء هذا الانقسام البغيض".

وشدد على ضرورة "إعادة الوضع للمجلس التشريعي الفلسطيني، بصفته الإداة الرقابية على السلطة التنفيذية"، مؤكدا أن هذا المطلب "مهم جدا إذا أردنا أن نضع حدا نهائيا لكل العبث الذي يصدر عن الجهات التنفيذية"، وفق تعبيره.

بدوره، استنكر سامي أبو زهري، المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"؛ ما أسماها "عمليات القمع" التي تمارسها أجهزة أمن السلطة بحق المتضامنين مع الأقصى في الضفة المحتلة، معتبرا في تصريح صحفي وصل إلى "عربي21"؛ أن ما تقوم به أجهزة السلطة من ضرب واعتداء على المواطنين "جريمة وطنية، ومساهمة في الجريمة التي يرتكبها الاحتلال في المسجد الأقصى".

مخطط تقسيم المسجد الأقصى

وأدان أبو زهري، بشدة، إقدام أمن السلطة في جنين على إطلاق النار باتجاه المسيرة التي خرجت نصرة للمسجد الأقصى، مؤكدا أن هذه الممارسات "دليل على تورط السلطة وأجهزتها في تمرير مخطط تقسيم المسجد الأقصى"، بحسب قوله.

ومن جانبه، شدد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هاني الثوابتة، على أنه "لا يجوز قمع الناس تحت أي مبرر من المبررات"، مؤكدا أن درجة الاحتجاج مهما بلغت "لا تعطي الحق باستخدام القوة، والسلاح والقمع في مواجهة جماهير الشعب".

وأشار الثوابتة، في حديث لـ"عربي21"، إلى أن شعبنا الفلسطيني "ما زال تحت الاحتلال، ويدفع ضريبة بقائه على هذه الأرض"، موضحا أن القانون الفلسطيني، يضمن "حق التظاهر الاحتجاج والتعبير عن الرأي، ويجرم سياسة القمع خاصة في التحركات السلمية"، بحسب تأكيده.

وعلق الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، عدنان الضميري، عقب حادثة ضرب الفتى في بيت لحم، بأن "الضرب واستخدام القوة المفرطة ضد طفل فلسطيني؛ مرفوض ومناف للقوانين الفلسطينية"، فيما أصدر قائد قوات الأمن الوطني، اللواء نضال أبودخان، قرارا بإعفاء أربعة ضباط من الرتب العالية، وحبس خمسة عناصر أمن برتب مختلفة، وذلك عقب تسلمه نتائج لجنة التحقيق في الحادثة.

ولا يقف اعتداء أجهزة أمن السلطة على الضرب فقط، وإنما واصلت تلك الأجهزة حملة الاعتقالات ضد المواطنين الفلسطينيين في كافة مدن الضفة المحتلة.

وكانت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة المحتلة، قد كشفت في بيان لها، أن اعتداءات الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة المحتلة بلغت قرابة 546 اعتداء خلال شهر آب/ أغسطس 2015 الماضي، فقط.

وأوضحت اللجنة أن الاعتداءات تمثلت في 173 حالة اعتقال، و78 حالة تمديد اعتقال، و233 حالة استدعاء لمقرات أجهزة أمن السلطة في مختلف المحافظات بالضفة المحتلة.

المصدر: العربي21