اعتقالات
السلطة بالضفة.. دعوى المقاومة ومبرر الفوضى
الأربعاء، 08 تموز، 2015
شكلت
الاعتقالات التي شنتها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، ضد نشطاء حركة
"حماس" انتكاسة جديدة في فرص إنهاء الانقسام، بينما يعود الجدل مرة أخرى
على الساحة الفلسطينية خاصة بين حركتي "حماس" و"فتح"، حول الأسباب
الحقيقية وراء الاعتقال السياسي، والنفي من السلطة لوجود معتقلين على خلفية سياسية
بالضفة.
صحيفة
"يديعوت أحرونوت" العبرية نقلت أمس الثلاثاء (7|7) عن مصدر أمني تابع للسلطة
الفلسطينية، تأكيده أن اﻻعتقاﻻت في صفوف عناصر "حماس" في الضفة جاءت على
خلفية العمليات الأخيرة، والتي يوجد مؤشرات على علاقة الحركة بها، وخاصة العمليتين
قرب مستوطنة "شفوت راحيل" وقرب مستوطنة "بيت ايل".
اعتقالات
أمنية أم سياسية؟!
ويؤكد
الناطق باسم الأجهزة الأمنية عدنان الضميري خلال تصريحات صحفية أدلى بها خلال الأيام
الماضية أن الاعتقالات التي استهدفت نشطاء وأنصار "حماس" في الضفة الغربية
هي "أمنية، وأن المعتقلين ستوجّه لهم تهمة الإخلال بالأمن العام، وأي شخص يحمل
سلاحاً غير شرعي سيطبق عليه القانون"، نافياً أن تكون هذه الاعتقالات قد جرت على
خلفية الانتماءات السياسية لأصحابها.
واتهم
الضميري حركة "حماس" بـ"العمل على زعزعة الاستقرار في الضفة، في الوقت
الذي تقيم فيه السواتر وتطارد المقاومين ومطلقي الصواريخ لتثبيت التهدئة في غزة، فإنها
ترسل خلاياها من جديد لتدمير الضفة"، كما قال.
ورغم
تصريحات الضميري بكشف خلايا لـ"حماس" سعت للمسّ بأمن السلطة، إلا أن مصدرًا
أمنيًّا فلسطينيًّا مطلعًا أبلغ "قدس برس" بأنه "لم يثبت منذ سنوات
وجود مخططات، أو توجه لدى من جرى اعتقالهم ممن ينتمون لحركة حماس بالضفة تهم المسّ
بأمن السلطة، أو تنفيذ عمليات ضد عناصرها أو مؤسساتها".
ويعدّ
القيادي في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" زاهر الششتري، أن الاعتقالات
السياسية التي نفذتها أجهزة السلطة الفلسطينية مؤخرا "تأتي في سياق التنسيق الأمني
المستمر بين السلطة والاحتلال، بخلاف قرار المجلس المركز الفلسطيني وقف هذا التنسيق".
ويربط
الششتري في تصريحات لـ"قدس برس" حملة الاعتقالات المذكورة بعمليات المقاومة
الأخيرة في الضفة، والتي جاءت كرد طبيعي على اعتداءات المستوطنين، وجيش الاحتلال المستمرة
في الضفة الغربية.
تنسيق
أمني
وطالب
القيادي في "الشعبية" منظمة التحرير بموقف "جدّي وواضح مما يجري على
الساحة الفلسطينية من اعتقالات سياسية، واستمرار التنسيق الأمني، والذي يؤكد الاحتلال
بأنه في أقوى مراحله"، عادًّا أن التهدئة والتنسيق الأمني "لا يخدمان سوى
الاحتلال".
وتنظر
سميرة حلايقة، النائب في المجلس التشريعي عن حركة "حماس" في الخليل، إلى
الحملة الأخيرة، على أنها "تأتي في إطار التنسيق الأمني، للوصول إلى منفذي العمليات
التي وقعت في شمال الضفة، لذلك تركزت أغلب الاعتقالات السياسية هناك، وهي إصرار على
اجتثاث المقاومة التي ارتفعت نسبتها في موجة عمليات ضد الاحتلال منذ بداية الشهر الفضيل"،
بحسب ما ترى.
وأضافت
حلايقة في حديث مع "قدس برس" إن عدنان الضميري الناطق باسم الأجهزة الأمنية
التابعة للسلطة الفلسطينية "أشار في تصريح واضح لتبرير الاعتقالات السياسية، إلى
أنه لا يريد أن يحول الضفة إلى ساحة حرب وفوضى، فيما تعقد في غزة هدنة".
وتشير
حلايقة إلى أن ادّعاءات السلطة بعدم وجود معتقلين سياسيين "فقدت المصداقية؛ حيث
إن كافة المعتقلين هم أسرى محررون ومعتقلون سابقون لدى الأجهزة الأمنية، ومعظمهم حاصلون
على قرارات من محاكم السلطة بالتهم الموجهة إليهم، ولم يثبت أنهم نفذوا عمليات ضد أجهزة
أمن السلطة بل ضد الاحتلال".
مراسل
"قدس برس" خلدون مظلوم أحد من طالهم الاعتقال السياسي في الحملة الأخيرة،
أكد على أن احتجازه لعدة أيام جاء على خلفية عمله في الإعلام، ورأيه الشخصي عبر موقع
التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث إن النائب العام الفلسطيني وجه له وللمعتقلين
الآخرين تهمة إثارة النعرات الطائفية، وهو ما يخالف ما صدر عن اللواء عدنان الضميري
عن اتهامات للمعتقلين.
وثمنت
حركة "فتح" ما تقوم به الأجهزة الأمنية بالضفة، ووصفت ما يجري من اعتقالات
بحق الفلسطينيين بأنه "تصدٍّ للمتآمرين والانقلابيين والخارجين على القانون الذين
التقت مصالحهم مع مصالح اليمين المتطرف في إسرائيل".
وعدّ
أحمد عساف الناطق باسم "فتح"، أن "مشروع حماس الوحيد هو الوصول للسلطة
بأي طريقة كانت، سواء بالانقلاب أو التآمر أو التستّر بالدِّين والمتاجرة به، أو ما
تسميه حماس بالمقاومة"، وفق ما يعتبر.
التبرير
أقرب للواقع
من جانبها
تعدّ الكاتبة والناشطة في متابعة شأن الاعتقالات السياسية بالضفة لمى خاطر، أن تبرير
أجهزة السلطة لحملتها الأمنية الواسعة في الضفة "أقرب لدوافعها الحقيقية من أي
وقت مضى، رغم أن خطاب ناطقيها اكتنفه شيء من المراوغة والتضليل كالعادة، أو التلاعب
بالمفردات، كمفردة: فوضى التي استخدمت بديلاً عن: مقاومة".
وترى
خاطر في مقال لها أن حركة "فتح" والسلطة أقرّتا هذه المرة أن "استهداف
كوادر حماس في الضفة سببه سعي الأخيرة للتصعيد، أي تصعيد مقاومة الاحتلال، وهو أمر
تراه السلطة ضاراً بمصالحها ومهدداً لوجودها"، وأضافت تقول "تذكرنا هذه الحملة
التي طالت المئات من عناصر حماس ما بين اعتقال واستدعاء بحملة الاحتلال عقب عملية أسر
المستوطنين الثلاثة في الخليل، حيث الاستهداف الشامل لجميع مظاهر نشاط حماس".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام