اغتيال مرافق اللينو يدخل عين الحلوة في عين عاصفة الانفجار
الإثنين، 19 كانون الأول، 2011
بلغ التوتر الامني في عين الحلوة ذروته وبات قابلا لانفجار في اي لحظة بعد اغتيال مرافق قائد "الكفاح المسلح الفلسطيني" في لبنان العقيد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو" الملازم رمزي ابو ستيه الملقب "عامر الفستق" في وضح النهار في سوق الخضار في المخيم وهو المرافق الثاني الذي يتم اغتياله في غضون اربعة ايام.. بعد اشرف القادري، والثالث بعد محاولة اغتيال مرافق قائد قوات الامن الوطني اللواء صبحي ابو عرب الملازم اول عدي عثمان.
وكشفت الحوداث الامنية المتنقلة عن سقوط معادلة "الامن بالتراضي" التي كانت سائدة بين مختلف القوى الفلسطينية عاصمة الشتات الفلسطيني وتحديدا بين حركة "فتح" و"القوى الاسلامية" لتحل مكانها معادلة جديدة "المربعات الامنية" في اعقاب الحرب المفتوحة الباردة والحامية بين حركة "فتح" وما تبقى من "جند الشام" و"فتح الاسلام" ترجمة لتضاؤل الثقة بين "فتح" من جهة و"القوى الإسلامية" من جهة اخرى، وتحديدا "عصبة الأنصار" بعد فترة شهدت العلاقة بينهما نوعا من الاستقرار والاطمئنان، ما يبقي الوضع الأمني هشاً وقابلا للإنفجار في أي لحظة.
على ان الاخطر القناعة التي ترسخت لدى القوى الفلسطينية والتي تزداد يوما بعد آخر ومع كل حادث امني، بأن ثمة مخططا مشبوها ومدروسا وراء الأحداث المتنقلة بدقة لجهة اختيار الاشخاص والزمان والمكان ما يؤكد ان الاصرار على ضرب الاستقرار وجر القوى الفلسطينية وخاصة الاسلامية وتحديدا "عصبة الانصار" الى الوقوع في فخ الاشتباك ومعركة عبثية مع "فتح" تعيد خلط الاوراق تزامنا مع أو بعد احداث أمنية شهدتها مناطق لبنانية ولاسيما حادثتي إطلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني نحو فلسطين المحتلة واستهداف الكتيبة الفرنسية العاملة في إطار القوات الدولية "اليونيفل" شرقي صور، إضافة إلى التوترات المذهبية والاعمال التخريبية التي تعرضت لها مدينة صيدا في الآونة الاخيرة، من دون إغفال ما يجري من احداث في سورية.
وتؤكد المصادر الفلسطينية، ان مشهد عين الحلوة اليوم "سوداوي" و"قاتم" ان المخيم الذي يقطنه اكثر من 80 الف فلسطيني وضع على سكة "التوتير المقصود" وصولا الى "التفجير الداخلي" وان الاحتقان الذي يسوده لم يسبق له مثيلا ما يجعله قابل للاشتعال في اي لحظة سيما وان محاولات "لجنة المتابعة الفلسطينية" في ضبط الامور ومنع تفاقمها لم تهدأ ولكنها بالمقابل لم تؤتي ثمارها المرجوة وان كانت تبلسم بين الحين والاخر الجراح وتعمل على تأجيل موعد الانفجار.
واذا كان البعض يعتقد ان حرص القوى الفلسطينية ما زال يحول دون فتح معركة خارجة الاجندة الفلسطينية وفي التوقيت الخاطىء مع احداث سوريا واستفحال الخلاف السياسي اللبناني الداخلي والاهم مع اتمام المصالحة الفلسطينية في القاهرة بين حركتي "فتح" و"حماس" بمشاركة كافة القوى الفلسطينية، فان البعض الاخر يرى ان "الحرب الامنية" والمفتوحة التي اشارت اليها "صدى البلد" في عددها السابق هي التي ستحكم المخيم بعد اليوم الى حين ايجاد حلول ناجعة ابرز عناوينها رفع الغطاء السياسي عن مفتعلي المشاكل وبالمخلين بالامن والاستقرار واعتماد مبدأ تسليمهم الى السلطات اللبنانية دون اي تسويف او مماطلة او تشكيل لجان تحقيق لانها "مقبرة الحقيقة" وفق ما يقول لـ "صدى البلد" مصدر فلسطيني مسؤول في لجنة المتابعة التي تشكل حت ىالان المرجعية السياسية والامنية والاجتماعية والتي هي على المحك بعد الان.
وتوقفت اوساط فلسطينية باهتمام بالغ امام سيل الشائعات التي انتشرت في المخيم على مدى الساعات الماضية كادت تحدث اشتباكا بعدما تحدثت حينا عن مقتل احد عناصر حركة فتح ثم اختطافه وحينا اخر عن مقتل احد عناصر جند الشام وسرعان ما تبين عدم صحتها على الاطلاق.
التفاصيل الميدانية
وفي التفاصيل الميدانية، كاد الوضع الامني في عين الحلوة ينفجر بعد اغتيال "الفستق" في سوق الخضار حيث روى شهود عيان لـ "صدى البلد" ان مسلحا مقنعا اطلق النار عليه من احد الازقة قبل ان يلوذ بالفرار، فأصابه في سبع طلقات في صدره وانحاء متفرقة في جسده، نقل على اثرها الى مستشفى "النداء الانساني" داخل المخيم ومنها الى "مركز لبيب الطبي" في صيدا ولكنه سرعان ما فارق الحياة في وقت اصيب فيه مدنيان اضافة الى عسكري كانوا يتواجدون في المكان.
وأعقب ذلك اطلاق نار متبادل بين عناصر من حركة "فتح" وبعض الاسلاميين في الشارع الفوقاني في وقت نجا قائد كتيبة يونس عواد في حركة "فتح" العقيد طلال الاردني من الاغتيال واصيب بيده أثناء محاولته الاطمئنان على صحة "الفتسق"، فأدخل الى مستشفى "النداء الانساني" للمعالجة فيما اصيب احد مرافقيه بجروح خطرة وسط استنفار عام واقفال تام، وتدخل للتهدئة قائد المقر العام لحركة "فتح" اللواء منير ولجنة المتابعة الفلسطينية التي حملت مسؤولية ما يجري لجماعة تعمل خارج الأجندة الفلسطينية وتسعى لضرب الأمن والاستقرار في عين الحلوة، مشددة على عدم السماح للمخلين بالأمن وتكرار تجربة نهر البارد، وأبقت اجتماعاتها مفتوحة للجم أي تدهور أمني في المخيم.
وحتى المساء كانت تسمع بين الحين والاخر طلقات نارية دون أن تصل الى حد الاشتباك المباشر على قاعدة "أضرب واهرب" وقد ترافقت في بعضها مع قذائف "ار بي جي" في الشارع الفوقاني - مفرق سوق الخضار ـ حي الطيرة، ما يشير بوضوح الى مدى التوتر الشديد وسجل حركة نزوح من المخيم والتعمير.
محاولة اغتيال
وكان الوضع الامني قد توتر قبل ذلك عندما حاول مسلحون يستقلون سيارة اغتيال احد عناصر جند الشام سابقا (احمد. ع) في المنطقة المتداخلة بين المخيم وتعمير عين الحلوة ما ادى الى اصابته في ساقيه بجروح طفيفة وتضرر عدد من السيارات.
وسادت حال من الحذر والترقب شوارع المخيم في وقت نجحت مساعي التهدئة التي قامت بها لجنة المتابعة الفلسطينية في نزع فتيل التوتر وسحب المسلحين من الشوارع بالتنسيق مع قيادتي فتح والقوى الاسلامية واعاد الجيش اللبناني فتح مدخل الشارع التحتاني للمخيم من جهة التعمير بعدما كان اغلقه تحسبا لأي طارئ وحفاظا على سلامة المواطنين وسجل اثر ذلك حركة نزوح جزئية من منطقتي التعمير والمخيم، وتوقفت الدروس في مدارس الأونروا تحسبا لتدهور الوضع الأمني.
أوضح العميد اللينو "الحالة في منطقة التعمير في حي الطوارىء في المخيم فيه لبس لجهة ما حصل من أحداث داخله ولدينا معلومات تؤكد وقوع جرحى في صفوف فتح الإسلام"، مشيرا الى أن "المجموعات المسماة "جند الشام" و"فتح الإسلام" و"عبدالله عزام" جماعات معروفة لدينا وسوف نأخذ إجراءاتنا للوقوف في وجه محاولاتها لتخريب أمن المخيم".
بهية الحريري
وتابعت النائب بهية الحريري تطورات الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة فأجرت لهذه الغاية اتصالا هاتفيا بالقائد العام للكفاح المسلح الفلسطيني العميد محمود عيسى " اللينو " واطلعت منه على صورة الوضع في المخيم وتفاصيل عملية اغتيال احد مرافقيه وما سبقها ورافقها من احداث أمنية . واكدت الحريري على ضرورة التحلي بالحكمة في هذه المرحلة الدقيقة والخطرة التي يمر بها لبنان وقطع الطريق على من يريد جر المخيم وصيدا الى اتون الأحداث الأمنية والى حالة دائمة من التوتر واللاإستقرار .
وأدانت الحريري في تصريح لها الأحداث الأمنية المتكررة في المخيم معتبرة ان هذه الأحداث تأتي في سياق واحد وهدف واحد ، وان تكرارها واستهدافاتها المباشرة ، توحي بأن هناك من يريد جر المخيم الى مشكل امني كبير واستدراجه الى اتون صراع داخلي يدفع ابناء المخيم وصيدا ولبنان كله ثمنه، داعية جميع القوى والفصائل الفلسطينية في المخيم الى تفويت الفرصة على من يقف وراء هذا المسلسل الأمني المتلاحق في عين الحلوة من ان ينفذ مخططه، منوهة بحكمة قيادتي الكفاح المسلح وحركة فتح في التعاطي مع هذه الأحداث، وبجهود كافة القوى والفصائل الممثلة في لجنة المتابعة الفلسطينية من اجل نزع فتيل التوتر.
المصدر: محمد دهشة - البلد