الأسير محمد علان.. محامٍ يواجه الاحتلال
بأمعائه الخاوية
الإثنين، 17 آب،
2015
عندما تغيب الابتسامة عن وجهه، ويتلاشى إحساسه بالحياة،
ولا يبقى أمامه سوى مواصلة التحدي الذي بدأه قبل شهرين، تصبح الساعات التي يتنفس بها
عبارة عن عدٍّ تنازلي بطيء، ربما لرحيله للأبد، أو تسجيل انتصار جديد ضد عدوه، وترديد
عبارة "اللهم سلمتك نفسي".
تلك هي الحالة التي يبدو عليها الأسير محمد علان
(31 عاماً)، المضرب عن الطعام، منذ شهرين؛ احتجاجاً على اعتقاله الإداري في السادس
من نوفمبر/تشرين ثان الماضي.
علان الذي يرقد في مستشفى "برزلاي" بالأراضي
المحتلة عام 48، إثر تدهور وضعه الصحي بشكل كبير "إنسان مرح، متواضع، ناجح في
حياته وعمله كمحام يدافع عن حقوق المظلومين، ويحظى بعلاقات اجتماعية واسعة، ولا يجامل
بالحق حتى أقرب الناس عليه، ويصر على موقفه إن كان متيقنا أنه على صواب"، هكذا
يصفه شقيقه عميد، في حديثه للأناضول.
عنجهية الاعتقال الإداري
يقول عميد: "لقد قرر محمد أن يخوض إضرابه عن
الطعام بعد أن تم تمديد اعتقاله إدارياً للمرة الثانية قبل نحو شهرين، فهو يعدّ سياسة
الاعتقال الإداري عنجهية وهمجية إسرائيلية لا تستند لأي قانون، حتى إأنه كان قبل اعتقاله
يشعر بالضيق عندما يعلم عن تحويل أي أسير للاعتقال الإداري، لذلك قرر أن يخوض الإضراب
حتى لو أن ذلك سيكلفه حياته".
ويضيف "الوضع الصحي لشقيقي ازداد خطورة خلال
الأيام الأخيرة، وبدأ يفقد نظره جزئياً، حتى إن أمر وفاته بات متوقعا في أيّ لحظة،
الأمر الذي دفعه للطلب من والدتي التي تعتصم في باحة المستشفى التي يتواجد بها، أن
تعود للمنزل لتكون مع أفراد العائلة عندما يصلهم نبأ استشهاده".
لم تكن كلمات محمد هيّنةً على والدته، كما يقول عميد،
إلا أنها "أخذت ترفع من معنوياته، وطلبت منه أن يصمد، وتقول له إننا جميعاً معك،
وإنك ستنتصر".
وعن ذلك الموقف، يشير شقيق الأسير، إلى أن
"السلطات الإسرائيلية سمحت لوالدته أن ترى محمد مرتين خلال الأسبوع الماضي، كل
مرة استغرقت ربع ساعة فقط".
وبدأت والدة محمد اعتصاماً مفتوحا أمام مستشفى
"سوروكا" حيث كان يرقد محمد، قبل نقله لمستشفى "برزلاي" في عسقلان،
بعد أن رفضت الطواقم الطبية في المستشفى الأول تنفيذ التغذية القسرية له، وإلى جانب
عشرات المتضامنين تطالب الأم بإلإفراج عن نجلها.
وكانت مصلحة سجون الاحتلال قد لوحت بنيتها تنفيذ
التغذية القسرية للأسير محمد علان، لإجباره على كسر إضرابه، بعد التدهور الكبير الذي
طرأ على صحته، وإصراره على مواصلة الإضراب لتحقيق مطلبه.
وصاحب ذلك التلويحَ، استنكارٌ حقوقي وشعبي واسعان؛
لما في ذلك خطر على حياة الأسير، وانتهاك واضح لحق الأسير بالإضراب عن الطعام، بحسب
حقوقيين.
احتمالات الوفاة
مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى (غير حكومي)، فؤاد
الخفش، أوضح أن التغذية القسرية قد تؤدي لوفاة الأسير خلال تنفيذها، مشيراً إلى أن
تطبيقها يعني أن إسرائيل "تضرب القوانين الدولية التي تحرم هذا العمل بعرض الحائط".
وقال الخفش للأناضول: "خلال ثمانينيات القرن
الماضي، نفذت إسرائيل التغذية القسرية بحق مجموعة من الأسرى الفلسطينين المضربين عن
الطعام، وقد استشهد منهم ثلاثة خلال تلك العملية".
وأضاف: "إسرائيل تسعى لوأد أيّ محاولة لخلق
انتصار للأسرى الفلسطينين في سجونها، ولذلك تحاول أن تلجأ للتغذية القسرية لكسر إضرابهم،
وقد استغل بعض نواب اليمين المتطرف الإسرائيلي التغذية القسرية في دعايته الانتخابية،
ومع توالي إضرابات الأسرى داخل السجون بدأت الترجمة العملية لمحاولة سن قانون يبيح
لمصلحة السجون هذا الإجراء، على الرغم من أنه يخالف القانون الدولي والأممي".
وتابع: "لا يحق لدولة أن تسن قانوناً خاصاً
يخالف القانون الحقوقي العام؛ فالمواثيق الدولية والقانون الدولي يحرم التغذية القسرية،
فلا يصح لإسرائيل كونها جزءًا من هذه المنظومة الدولية أن تخالف قانونا عاما، ولذلك
فأي قانون ستتخذه إسرائيل فهو غير شرعي".
أما عن الطريقة التي تتم بها التغذية القسرية؛ فلفت
الحقوقي الفلسطيني إلى أنها "تتم من خلال إدخال أنبوب عن طريق الأنف ليصل للمعدة"،
مبيناً أن هذا الأنبوب "يصطدم بكل الأجزء التي يمر بها داخل الجسم، ما يتسبب بجروح،
ويحدث نزيفاً، ويعرض حياة الأسير للخطر".
وبحسب الخفش؛ فإن الأسير في هذه الحالة "يكون
قد تم تثبيته وتخديره حتى لا يقاوم هذا الإجراء".
ووفق ما قاله نصر الدين، والد الأسير محمد علان،
للأناضول، فإن نجله هدّد بكتم أنفاسه في حال تعرضه للتغذية القسرية.
وفي نهاية يوليو/ تموز الماضي، وافق الكنيست الصهيوني
(البرلمان)، بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون التغذية القسرية للأسرى الفلسطينيين
المضربين عن الطعام.
وينص القانون على أن يقوم الاحتلال بالتغذية القسرية
للأسرى في حال تعرض حياتهم للخطر.
وكان الأسير محمد علان، وهو من سكان قرية عينبوس
بنابلس، شمالي الضفة الغربية، والمعتقل منذ 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، أعلن الدخول
في إضراب مفتوح عن الطعام منتصف يونيو/حزيران الماضي؛ رفضا لاستمرار اعتقاله الإداري،
دون محاكمة.
المصدر: المركز
الفلسطيني للإعلام