الأعراس الفلسطينية تراث متجدد في مخيمات الشتات
أحمد ديوان – مخيم البداوي
رغم كل المعاناة والظروف الصعبة والقاسية التي يمر بها شعبنا الفلسطيني في مخيمات الشتات ما زال أهلنا يحافظون على التراث الذي توارثوه عن الآباء والأجداد حول العرس الفلسطيني، رغم كل المتغيرات المحيطة التي من المفترض أن يكون لها التأثير الكبير على أمورنا الحياتية.
قبل يوم من العرس يجتمع الأهل والأصحاب في بيت العريس ويحتفلون مساءً، ومثل ذلك يتم في بيت العروس مع صاحباتها والأهل ويقال لهذه الحفلة ((السهرة))، تمارس في هذه السهرة عادة تراثية قديمة تحمل فيها العروس شمعتين كبيرتين وتؤدي بعض الحركات التي تقوم إحدى النساء الكبيرات بإرشادها إليها (تجلّيها)، ويغنون لها الأغنيات الخاصة بها.
الحلاق
يوم العرس يكون حافلاً بالأحداث، ففي الصباح يجتمع أهل العريس وأصحابه أمام منزل أهله ويبدأون طقوس الزفة، حيث يجولون بالعريس في شوارع المخيم وهو محمول على الأكتاف تتقدمهم فرقة الزفة وهي تتألف من ستة أشخاص من شباب المخيم وهم يعزفون على آلات تراثية مثل ((القربة والطبل والدف الطبلة))، فيقوم أصحاب العريس بشبك الأيادي ونصب الدبكة التراثية وتعلو أصوت الزغاريد من النساء، فيذهبون به إلى البيت الذي يقام فيه حمام العريس، وهو بالعادة يكون لأحد أصحاب العريس أو من أقاربه يتحمل فيها الداعي نفقة الحمام والزفة وأجرة الحلاق.
في هذه اللحظة أيضا يقوم أهل العريس بتحضير طعام الغداء وهو عبارة عن مناسف باللحم والأرز، وعندما ينتهي العريس من الحمام يجتمعون من جديد عند باب بيت صاحبه يرقصون حاملين ((طقم العريس)) على طبق تراثي مزين بالورود، ويغنون له ((احلق يا حلاق)) و((آه يا شراب رمان)).
الزفة
بعد زفة العريس في شوارع المخيم، وفي الطريق إلى البيت ترى الجميع من الجيران وأهالي المخيم يرشون الأرز والحلوى والورد على رؤوس الحاضرين ليكتمل مشهد العائلة الواحدة بين كل من يجاور هذا العرس.
هناك التقينا بإحدى النساء وسألناها عن الأناشيد والأهازيج التي تقال في الزفة، فاسترسلت بالسرد قائلةً: ((احلق يا حلاق بلموس الذهبية.. احلق يا حلاق تايجو الأهلية)) و((يا سباع البر حومي.. اسبحي ولا تعومي.. اشربي من بير زمزم.. زمزم عليها السلام.. ويا سلام اضرب سلام)).
أما عند النساء ترفع الزغرودة وتكثر ((المهاهاة))، مثل: ((أويها ارفعي راسك يا مرفوعة الراس.. أويها لا فيك عيب ولا قالت الناس.. أويها وارفعي راسك لبيّك وقوليه.. أويها احنا تقاصيص الدهب والناس لباس))، كذلك أغنية ((هاتوا هالعريس تنشوف حالاته.. ونشوف زراق عينة مع زينة شاماته)).. و ينشدون أيضا الدلعونا والجفرا وزريف الطول.
بعد أن تنتهي الزفة يذهب العريس إلى البيت ليرتاح من تعب الزفة، وفي هذا الوقت يقوم أهل وأصحاب العريس بتزيين السيارات وتكون سيارة العريس مميزة، وبعد أن يكون العريس أخذ قيلولة تجتمع السيارات ويذهبون إلى بيت العروس فيقوم أهل العروس باستقبال العريس وأهله.
بعد ذلك يركب الجميع في السيارات ويزفون العريس والعروس في ضواحي المخيم والقرى المجاورة وبعد أن تنتهي زفة السيارات يذهب الجميع إلى صالة الأفراح وتجتمع النساء في جهة والرجال في جهة ويقام العرس الفلسطيني.
آراء
في خضم هذه الأجواء المفعمة بالفرح كان لنا مقابلات مع بعض أبناء المخيم من الشباب والكبار في السن وسألناهم عن العرس الفلسطيني في المخيم هذه الأيام، التقينا بأحد أبناء المخيم وهو الحاج أبو محمد وسألناه عن العرس الفلسطيني، قال: ((ما زال بعض الناس يحافظون على العرس في المخيم والبعض الآخر اختلطت عندهم العادات والتقاليد، فالعرس الفلسطيني كما ورثناه عن أجدادنا هو عرس ملتزم ليس فيه اختلاط بين النساء والرجال)). ويفضل عبد الله؛ أحد شباب المخيم، العرس التراثي الملتزم ((لأن أول يوم تدخل فيها حياة جديدة لا بد أن يبارك الله لك بها)).
المصدر: البراق العدد الخامس والثمانون - آذار 2011