الأنفاق.. سلاح حماس الإستراتيجي
السبت، 19 أيلول، 2015
في
28 سبتمبر/أيلول 2014 وبينما كان الاحتلال الإسرائيلي يمعن في قتل الفلسطينيين في غزة
برا وبحرا وجوا، كانت مجموعة من رجال كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة
الإسلامية (حماس) تنتظر الإشارة لتنفيذ عملية نوعية في ناحل عوز ردا على جرائم الاحتلال
في الشجاعية وخزاعة وبيت حانون ورفح والزنة.
فريق
الجزيرة التقى سرية النخبة التي نفذت العملية وقائدها أبو عمر، واستعاد معها أدق تفاصيل
العملية وظروف الإعداد لها، وكيف تسلل عناصرها عبر نفق إلى قوة متمركزة في منطقة ناحل
عوز الإسرائيلية، وكيف تمكنوا من القضاء على جنود العدو والعودة إلى مواقعهم سالمين
غانمين.
المجموعة 9
يقول
أبو عمر إن الهجوم استهدف برجا عسكريا محصنا تابعا لكتيبة ناحل عوز شرق الشجاعية بعد
أن تلقوا الأمر من القيادة بالإسراع في تنفيذ العملية.
ويذكر
أن المجموعة التي كان من المفترض أن تنفذ العملية تم استبدالها بعد مكوثها هناك 17
يوما في نهاية المطاف بمجموعة أخرى نفذت العملية بعد يوم واحد من دخول النفق.
ويضيف
أبو عمر أن اختيار موقع ناحل عوز كان لكونه من المواقع الحيوية والأكثر تأثيرا في العدو
باعتباره موقعا للحماية الأمامية المتقدمة.
ويكشف
أحد عناصر النخبة الذين كان عددهم تسعة أنهم لم يكونوا على علم بطبيعة العملية إلا
قبل 24 ساعة من التنفيذ.
ويقول
المحلل العسكري للتلفزيون الإسرائيلي ديفد بن ألون إن الهجوم نفذ عبر الأنفاق التي
شكلت مفاجأة للجيش.
ويضيف
أن الجيش كان على علم بمدخل النفق، لكنه لم يتمكن من معرفة مخرجه في الجانب الإسرائيلي.
ويرى
الخبير العسكري قاصد محمود صالح أن هذه العملية أظهرت حالة متقدمة جدا من التخطيط والعتاد
والتوقيت.
ولأن
نحال عوز تقع خلف موقع عسكري خلف حدود غزة، فالعلمية تدل على عمق في الفكر والتخطيط
العسكري والروح القتالية، بحسب محمود صالح.
أما
الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي فأقر بأن العملية كانت مؤلمة لكنه قلل من أهمية
الأنفاق كسلاح إستراتيجي لتحقيق الانتصار.
سلاح الأنفاق
كانت
الأنفاق أحد عوامل نجاح عملية ناحل عوز لأنها كانت الوسيلة التي أوصلتهم إلى خلف صفوف
العدو.
ولا
يمكن الخوض في الحديث عن الحرب الأخيرة على غزة والمقاومة دون التطرق إلى سلاح الأنفاق.
فقد
شكلت أنفاق المقاومة السرية عاملا مهما في ردود المقاومة النوعية خلال العدوان الإسرائيلي
الأخير على غزة، حيث إنها مثلت تدشينا لمرحلة جديدة من المقاومة وتكتيكاتها ووسائلها.
فريق
الجزيرة وللغوص في هذا الموضوع اضطر إلى سلوك ممرات إجبارية والخضوع لإجراءات أمنية
خاصة ومشددة قبل بلوغ باطن الأرض.
وأظهرت
كاميرا الجزيرة مخابئ تحت الأرض تشبه إلى حد ما أنفاق الفيت كونغ التي حفرت تحت أدغال
فيتنام الجنوبية، لكن بجودة تشطيب أعلى، وجدران وأسقف خرسانية ومزودة بالكهرباء وغيرها
من المرافق (المياه والاتصالات) اللازمة للمكوث مددا طويلة.
يقول
قاصد محمود صالح إن هذه الأنفاق هي جهد سنوات لأن إعدادها ليس بالأمر السهل، كما أن
العمليات خلف خطوط العدو تحتاج إلى تحضير بنيوي تحتي للوصول إلى الهدف.
وأوضح
أن الأمر لا يتعلق بنفق واحد، بل عدة أنفاق منها النفق البديل والنفق المساند والنفق
الموازي، مما يعني أن المقاومة بذلت جهودا جبارة ومضنية.
من جانبه
يشير بن ألون إلى أن الجيش الإسرائيلي كان يعرف معلومات عن هذه الأنفاق منذ 15 عاما,
لكنه أقر بوجود فجوة بين المعرفة بالشيء والوعي به والخطر الذي يسببه.
وقال
إنه عندما بدأ عناصر حركة حماس يخرجون من هذه الأنفاق بدأت إسرائيل تقييم حجم خطرها
الحقيقي.
بدوره
رأى أفيخاي أدرعي أن حماس لم تحفر هذه الأنفاق من أجل قتل خمسة جنود، بل لتحويلها إلى
سلاح إستراتيجي بعد أن استثمرت أموالا ضخمة من أجل ذلك.
وقال
إن حماس حاولت تحقيق نجاح إستراتيجي ونجحت في ذلك من خلال الأنفاق.
وتكذب
التجهيزات والتحصينات التي تتمتع بها شبكات الأنفاق الرواية الإسرائيلية بأنها دمرتها.
ويقول
أبو عمر إن المقاومة بهذا السلاح تمكنت من تشكيل حالة من الردع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم
الجدل حول تأثير هذا النوع من العمليات لكنه يمكن أن يشكل نواة لفكر عسكري.
المصدر: الجزيرة نت