السبت، 14 تشرين الأول 2023
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن
بالغ قلقه من التطورات الخطيرة لتداعيات الهجمات العسكرية لجيش الاحتلال
الإسرائيلي المتواصلة على قطاع غزة وما يرافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين
الفلسطينيين.
وحذر المرصد الأورومتوسطي في بيان له من أن "إسرائيل”
تمارس حملة إبادة واسعة بحق المدنيين في غزة بدافع وحشي من الانتقام عبر غاراتها
الجوية الكثيفة على الأحياء السكنية وحرمانهم من الماء والاحتياجات الأساسية.
وقال المرصد الدولي إنه ينظر بخطورة بالغة إلى
إنذار الجيش الإسرائيلي مدينة غزة ومناطق شمال القطاع بإخلاء منازلهم والتوجه إلى
وسط وجنوب القطاع ما يشكل ممارسة علنية لعمليات نقل قسري (ترانسفير) خارج القانون
الدولي.
ورصد المرصد نقصا حادا في إمدادات الماء
والمواد الغذائية الرئيسية مع فرض الاحتلال إغلاقا كاملا منذ أسبوع على قطاع غزة
وقطع الإمدادات الإنسانية عن سكانه البالغ عددهم مليوني و300 ألف.
وذكر أن قطاع غزة أمام حالة عطش كبيرة بعد أن
أوقفت سلطات الاحتلال منذ اليوم الأول لهجومها العسكري ضخ المياه من خط ميكروت
المغذي للقطاع وتوقف محطات التحلية بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود.
وأشار إلى أن استهداف هجمات "إسرائيل” لغالبية
آبار المياه زاد من صعوبة الأزمة، وهو انعكس على كمية المياه التي تصل إلى غالبية
المناطق السكنية مما تسبب في نقصها بشدة.
كما رصد الأورومتوسطي نقصا حادا في إمدادات
المواد الغذائية بما في ذلك الخبز والبيض والخضروات، في وقت تواجه المنظمات
الدولية الإنسانية مصاعب شديدة في توزيع المساعدات الغذائية على سكان القطاع.
وبهذا الصدد لم يتمكن ما يقرب من نصف مليون شخص
(112 ألف عائلة) من الحصول على حصصهم الغذائية منذ إغلاق مراكز توزيع الغذاء
التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) منذ بدء
هجمات "إسرائيل”.
يضاف إلى ذلك ما وثقه من أضرار فادحة لحقت
بالأراضي الزراعية ومزارع الدواجن بسبب الهجمات الإسرائيلية، وعدم قدرة المزارعين
على الوصول إلى أراضيهم ما يهدد بتلف كامل للمحاصيل الزراعية.
وحذر بأن انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود يحمل
تداعيات وخيمة على ري المحاصيل ومخازن حفظ الأغذية المبردة وغيرها من الآلات
الكهربائية المستخدمة في الزراعة وحظائر الدواجن والماشية والأسماك.
وأكد أن استمرار إغلاق معبر (كرم أبو سالم/كيرم
شالوم) -المنفذ التجاري الوحيد لقطاع غزة- يحول دون دخول أي علف حيواني ويعرض
قطاعي الثروة الحيوانية والدواجن للخطر ونفوق أكثر من 10 آلاف منتج يوفرون
البروتين الحيواني لأهالي القطاع.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن وسط هجمات الدموية
المكثفة والتدهور الإنساني الشديد، عمد الجيش الإسرائيلي إلى إنذار سكان مدينة غزة
ومناطق شمال القطاع بإخلاء منازلهم فورا والتوجه إلى وسط وجنوب القطاع.
وأشار إلى أنه اطلع على منشورات مكتوبة باللغة
العربية ألقاها الاحتلال في سماء غزة يعلن فيها أن المدينة "أصبحت ساحة معركة”،
ويهدد السكان بإخلاء منازلهم ولا يعودوا إليها حتى اشعار آخر من قواته.
كما أعلنت الأمم المتحدة أن ضباط الاتصال في
الجيش الإسرائيلي أبلغوا قادة فريق مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية وجوب نقل جميع
سكان غزة إلى مكان آخر جنوب قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة القادمة، بما يشمل حوالي
1.1 مليون شخص.
وأبرز الأورومتوسطي أن إنذارات الإخلاء
للمدنيين في غزة تمت حتى من دون إعلان وقف الغارات والهجمات الجوية وفي غياب أي
ضمانات للسلامة أو العودة، بما يرقى إلى مستوى جريمة حرب تتمثل في الترحيل القسري.
وشدد على أن مثل هذا الإحراء يمثل انتهاكا
صارخا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على القوة القائمة بالاحتلال
من مباشرة نقل قسري (ترانسفير) للسكان، أو ترحيل أي من الأشخاص المشمولين بالحماية
في الإقليم الذي يقع تحت الاحتلال.
وتحظر قوانين الحرب "أعمال العنف أو التهديد به
الرامية أساسا إلى بث الذعر بين السكان المدنيين”، وتندرج تحت هذا الحظر البيانات
الداعية إلى إخلاء مناطق والتي لا تشكل تحذيرات حقيقية، بل يُراد منها تخويف
السكان المقيمين أو بث الذعر في نفوسهم أو إجبارهم على ترك منازلهم.
ويشهد قطاع غزة في الأصل حركة نزوح واسعة على
مدار أيام عدوان الاحتلال.
ووثق الأورومتوسطي نزوح أكثر من 760000 شخص إلى
مدارس ومرافق إيواء تابعة للأمم المتحدة ومدارس حكومية وأقارب وجيران لهم، علما أن
أكثر من 350 ألف شخص نزحوا بعد تدمير أو تضرر منازلهم في الغارات الإسرائيلية.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي استمرار "إسرائيل” في
تكثيف هجماتها الجوية والمدفعية على أنحاء قطاع غزة شملت تدمير أحياء سكنية
بكاملها، وتسببت بإبادة ما لا يقل عن 71 عائلة قضى 5 أشخاص على الأقل من أفرادها
في عمليات قتل جماعي مروعة.
وكان مجلس الوزراء السياسي الأمني الإسرائيلي
المصغر وافق مساء السبت الماضي على حالة الحرب على قطاع غزة، والذي يسمح للجيش
بالقيام بعمليات عسكرية واسعة، بزعم الرد على إطلاق كتائب القسام معركة "طوفان
الأقصى”، وترتب عنه قتل نحو 1300 إسرائيلي وأسر العشرات، وجاء بالأساس ردًّا على
تصاعد العدوان ضد المسجد الأقصى وعمليات القتل في الضفة الغربية.
ومنذ ذلك الوقت نفذ جيش الاحتلال على مدار
الساعة آلاف الضربات الجوية والمدفعية التي استهدفت أحياءً سكنية ومبان متعددة
الطوابق مأهولة بالسكان في قطاع غزة.
وارتفعت حصيلة الشهداء جراء العدوان الصهيوني
على قطاع غزة منذ السبت الماضي إلى 1900 شهيد من بينهم 614 طفلا و370 سيدة.
ووفق وزارة الصحة بغزة؛ فإن عدد الإصابات ارتفع
إلى 7696 إصابة بجراح مختلفة منهم 2000 طفل و1400 سيدة.
وأوردت وسائل إعلام عبرية أن سلاح الجو
الإسرائيلي استهدف قطاع غزة بـ6 آلاف قنبلة تزن 4 آلاف طن، بالإضافة إلى استهداف
أكثر من 3600 هدف، منذ يوم السبت الماضي.
وثق المرصد الأورومتوسطي تدمير هجمات "إسرائيل”
2300 وحدة سكنية وتضرر 19200 وحدة سكنية بشكل بالغ وجزئي، بينما تم تدمير 55 مقرا
حكوميا.
كما ألحقت هجمات "إسرائيل” دماراً بما لا يقل
عن 69 مدرسة، وتدمير 112 منشأة صناعية، و49 مقرا إعلاميا، فضلا عن هدم 16 مسجدا،
وإلحاق دمار بعشرات المساجد وكنائس أثرية قديمة.
وجدد المرصد الأورومتوسطي المطالبة بوجوب
التزام "إسرائيل” بمبادئ التمييز والتناسب وعلى رأس ذلك حماية المدنيين، وخاصة
الأطفال، والمرافق الطبية، والعاملين في المجال الصحي، والعاملين في المجال
الإنساني والصحفيين.
وشدد المرصد الحقوقي الدولي على أن استمرار صمت
أطراف المجتمع الدولية ومؤسساته وآلياته على ما يجرى من جرائم وانتهاكات بحق
المدنيين في قطاع غزة هو ضوء أخضر لارتكاب أكبر حملة إبادة بلا هوادة ضدهم.