«مدارس الفلسطينيين ليست كمدرستكم لكن طموحاتهم كطموحاتكم»
«الأونــروا» تحمــل فلســطين إلــى تلامــذة «الروضــة»
مادونا سمعان - السفير
لا بدّ للمدير العام «لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) في لبنان سلفاتور لومباردو أن يسجّل ملاحظة أساسية بعد لقائه تلامذة الصفوف الثانوية في ثانوية الروضة أمس، وهي أن كل الصور والتقارير والأرقام التي تقدّم حول اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لا تحثّ اللبنانيين على سؤال أنفسهم «ماذا نفعل إزاء هذا الوضع؟»، بل ماذا يفعل المجتمع الدولي لحلّ مشاكل الفلسطينيين التي تؤسس لمشاكل في مجتمعنا؟
مع ذلك، يسجّل للتلاميذ اطلاعهم على الأوضاع الفلسطينية بشكل عام، لا سيما وأن أسئلتهم في لقائهم معه لم تنطلق من العموميات أو التعريف العام، ولو أن بعضهم ترك القضية ليسأل المدير العام للوكالة أسئلة أكثر شخصية كالدافع وراء عمله والأهداف منه.
إذاً طلب لومباردو الحوار، واستمر لمدة نصف ساعة، سأله خلالها نحو مئة تلميذ عن المرحلة التي وصلت إليها إعادة إعمار مخيم نهر البارد، فأجاب أن «الأونروا» ملتزمة عملية إعادة الإعمار بأسرع وقت ممكن، لكنّ التأخير مردّه إلى النقص في التمويل. وسأل تلميذ عن خطط الوكالة لتحسين الأوضاع الفلسطينية، وكان الردّ أن الدراسة التي أعدتها الوكالة بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت أوضحت الكثير من المسائل حول الواقع المعيشي للفلسطينيين، وأن العمل سيتركّز بالتالي على السعي لنيل الحقوق الأساسية كحق العمل، ومعالجة الفقر وتحسين التعليم كما تحسين البنى التحتية في المخيمات.
لم يخف لومباردو أن المحاور الأساسية التي تتطلب العمل كثيرة «لكننا نصرف المتوفر من الأموال في المجالات الملحّة».
وأوضح لومباردو أن إيجاد حلّ للقضية الفلسطينية ليس من مهمة الأمم المتحدة، وذلك بالردّ على أحد الأسئلة، «لأنها لا تمتلك كمنظمة سلطة مطلقة، ولا جيش لفرض ما تقرره من مقررات. بل هي مظلة لمجموعة من البلدان، التي تمتلك القرار والرأي في شأن مختلف القضايا، وهي بالتالي لم تتوصل إلى حلّ يرضي جميع الأطراف».
وشرح أن الوكالة تعمل في غزة لكن عملها يختلف بين قطاع وآخر، لا سيما وأن وضع اللاجئين الفلسطينيين أفضل في سوريا والأردن منه في لبنان لأنهم يمتلكون حقوقاً أكثر ويحصلون على تعليم أفضل. وذلك رداً على استفسار حول عملها في ذاك القطاع. ليضيف مجيباً على استيضاح حول موقف الحكومة اللبنانية من الملف الفلسطيني أن الحكومة لم تكن تدير هذا الملف قبل العام 2005، لكن موقفها أضحى أكثر إيجابية بعد هذا التاريخ إذ سمحت بالعمار والترميم داخل المخيمات، بعدما كانت ترفض إدخال أي مواد للبناء إليها. أما في ما يخصّ إقرار حق العمل من قبل مجلس النواب ووضع حيّز التنفيذ، فهي خطوة إيجابية بنظر المدير العام ولكن منقوصة ويجب أن تستكمل لإقرار الحقوق كافة.
أتت زيارة لومباردو إلى ثانوية الروضة في إطار مشروع «الكرامة للجميع» الذي أعدته «الاونروا» بتمويل من الإتحاد الأوروبي، وقد ختمها بكلام كان استهل فيه اللقاء المدير العام للثانوية محمد شلهوب، إذ قال: «إن القيم هي التي تسير بالمجتمعات إلى الأمام» مؤكداً على أهمية تدريب تلاميذ لبنان على مفهوم السلام «وهو مفهوم يقوم على الوقوف إلى جانب أصحاب الحق». ليبلور لومباردو تلك الفكرة متوجهاً إلى الحضور، ويشير إلى أنه «ليس هناك فريق فلسطيني وفريق لبناني هناك قيم يجب أن ننميها ونزرعها في مجتمعاتنا ويجب أن تبدأوا أنتم بتلك الخطوة في مجتمعاتكم الضيقة».
وكانت مديرة مكتب الإعلام في الوكالة هدى سمرا قد رسمت للتلاميذ في مداخلة خاصة بعضاً من الواقع الفلسطيني في لبنان، استهلتها في صور من داخل المخيمات سلطت الضوء على الصرف الصحي المفتوح والمدارس الضيقة وأشرطة الكهرباء التي تتداخل وأشرطة الهاتف... والأزقة الضيقة... لتشير إلى التلاميذ إلى أن «مدارس التلاميذ الفلسطينيين ليست مدرستكم لكن طموحاتهم هي طموحاتكم نفسها».
ثم عرّفت بـ«الأونروا» ونطاق عملها لتكشف أرقاماً حول الواقع المعيشي للفلسطينيين الذين ينتشر الفقر بينهم بنسبة 66 في المئة، فيما تبلغ نسبة البطالة بينهم 56 في المئة، في حين أن قيمة استهلاك اللاجئين الفلسطينيين التي تعود إلى الاقتصاد اللبناني تصل إلى 340 مليون دولار في السنة.
بعد الحوار والكلمات شاهد الحضور وثائقياً حول المخيم الصيفي الذي نظمته الوكالة لستة آلاف تلميذ خلال الصيف الماضي، ليختتم اللقاء برقصة قدّمتها فرقة فلسطينية.