الأونروا تقلص خدماتها في البارد: نقص التمويل
السبت، 10 كانون الأول، 2011
عبد الكافي الصمد
نهاية الشهر الماضي، أبلغت الأونروا الفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية في مخيم نهر البارد، خلال لقاء دوري جمع بين الطرفين، أن العائلات الـ369 التي عادت إلى الرزمة الأولى في المخيم، سيتوقف تقديم خدمات الإغاثة لها، وعلى رأسها الحصص الغذائية (كراتين الإعاشة). هذا النبأ كان وقعه سلبياً وسط أهالي المخيم، وتحديداً عائلات الرزمة الأولى، الذين يرون أن حاجتهم إلى هذه الخدمات لا تزال ملحّة، ما دفعهم إلى عقد لقاء مع المدير العام للأونروا في لبنان سلفاتوري لومباردو، أعلنوا فيه رفضهم للقرار، ما حمل لومباردو على القول لهم: «لا مانع من استمرار خدمات الإغاثة، لكن أقنعوا الأوروبيين أولاً».
طلب لومباردو إقناع الأوروبيين بذلك لم ينبع من فراغ، لأن تمويل الجزء الأكبر من خدمات الإغاثة التي تقدّم إلى أهالي المخيم يتولاه الأوروبيون، وهم يفكرون في إعادة النظر به بعد نحو 4 سنوات ونصف على اندلاع أحداث المخيم صيف 2007.
الأسبوع الماضي عقد اجتماع بين وفد يمثل أهالي المخيم، من فصائل ولجان شعبية وغيرها، ووفد آخر يمثل اللجنة الأوروبية «الإيكو» التي ينضوي تحتها عدد من الدول الأوروبية التي تقدم الخدمات المذكورة، لكنه لم يُفضِ إلى أي نتيجة. إذ برّر الأوروبيون، خلال الاجتماع، قرارهم، وفق ما نُقل عنهم، بأن «من كانوا يستحقون هذه المساعدات لم يعودوا كذلك، لأن ظروف النزوح انتهت، وأنه يتم تقديمها لفترة زمنية محددة وليس دائم»، لافتين إلى أنهم «مشغولون حالياً بتقديم خدمات إغاثة أخرى أكثر إلحاحاً تتوزّع بين دول أوروبا وآسيا وأفريقيا».
غير أن ما لم يقله الأوروبيون في ذلك الاجتماع، وإنْ كانوا قد لمّحوا إليه، أشارت إليه مصادر مسؤولة في الأونروا بقولها: «المتبرعون الأوروبيون يُقدّمون المساعدات وفق الحاجات وعلى قدر إمكاناتهم، كما يبدو أن الأزمة المالية التي تضرب دول الاتحاد الأوروبي حالياً انعكست تراجعاً على مستوى تقديمهم للمساعدات».
في ضوء ذلك، تشير مصادر «وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في لبنان» لـ«الأخبار»، إلى أنه «بتنا مضطرين نتيجة تراجع مصادر تمويلنا، إلى إعادة تقديم خدمات الإغاثة لمن يستحقها، وفق النظام القديم الذي كان معمولاً به قبل أحداث المخيم». ولا تنفي المصادر «وجود اعتراض من قبل فئات المجتمع المحلي في المخيم على خطوة كهذه»، لكنها تبرّر ما تقوم به بأنه «عائد إلى وضع صعب نعانيه لجهة تقلّص مصادر تمويلنا، فنحن نتحرّك في ضوء الإمكانات المتوافرة لدينا، وإنْ كنّا لا نوفر فرصة من أجل تأمين مصادر تمويل بديلة».
إحدى حالات الاعتراض هذه يُعبّر عنها عضو اللجنة الشعبية في مخيم نهر البارد أحمد ميعاري، الذي يشير إلى أن «قسماً من المسؤولين في وكالة الأونروا يشاطرون الأوروبيين رأيهم في هذا المجال». لكن ميعاري يرى أن «هذه المشكلة تحتاج إلى مقاربة مختلفة بهدف إيجاد حل لها»، فيوضح أن «وضع المخيم لم يتغير منذ عودة الأهالي، والظروف القاهرة التي استدعت تأمين هذه المساعدات لا تزال موجودة، كما أن هذه المساعدات تُعدّ حاجة لأغلب أهالي المخيم من أجل استمرارهم على قيد الحياة».
65% بطالة بسبب الأحداث
يرى بعض أهالي مخيم نهر البارد أنه «لم يطرأ علينا أي تغيّر جوهري، إنما اقتصر الأمر على نواح شكلية فقط»، ما دفعهم إلى التساؤل: «كيف سنعيش إذا توقفت المساعدات، وإذا استمر المخيم مغلقاً ومنقطعاً عن التواصل الطبيعي مع محيطه، وبقيت الحركة الاقتصادية فيه جامدة؟». ويضع هؤلاء إصبعاً على الجرح عندما يقولون إن «قرابة 65 في المئة من القوى العاملة في المخيم، وفق الإحصاءات، عاطلة من العمل، بعدما فقدت فرص عملها إثر أحداث المخيم، كما أن البقية منها لا تحظى بفرص عمل مستقرة ودائمة». غير أن أهالي المخيم يتخوفون من أن يكون «تقلص المساعدات الغذائية مقدمة لتراجع الخدمات الصحية والتربوية وغيرها».
المصدر: الأخبار