القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

«الإهمال الطبي» يسلب أعمار الأسرى حتى بعد تحريرهم

«الإهمال الطبي» يسلب أعمار الأسرى حتى بعد تحريرهم


الثلاثاء، 14 نيسان، 2015

مع استشهاد الأسير المحرر جعفر عوض من بيت أمر قضاء الخليل فجر الجمعة 10 أبريل/ نيسان، بعد ثلاثة شهور من الإفراج عنه، عاد ملف الإهمال الطبي في سجون الاحتلال إلى الواجهة مجددا، كواحد من أكثر الملفات التي تؤرق الأسرى المرضى وذويهم.

54 أسيرا توفوا نتيجة الإهمال الطبي داخل السجون منذ احتلال عام 1967، لكن العشرات توفوا بعد أيام أو شهور أو سنوات من الإفراج عنهم لم يتم حصر أعدادهم، كما يقول لوكالة "صفا" الباحث المختص في شؤون الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بهيئة شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة.

ويرى فروانة أن الإهمال الطبي هو الحلقة الأخيرة ضمن حلقات الأوضاع الصحية في السجون، والتي تشمل عدة جوانب، وتبدأ من المماطلة في إجراء الفحوص الطبية، والمماطلة في العلاج أو النقل للمستشفى لإجراء عمليات جراحية عند الحاجة، أو في توفير الحاجات الأساسية للمريض، أو إدخال الأدوية من خارج السجون، أو توفير الظروف الصحية المناسبة للمريض.

وإذ تشير الإحصاءات إلى وجود مئات الأسرى المرضى موزعين على مختلف السجون، فإن ذلك يعطي انطباعا بأن الإهمال الطبي هو شكل من أشكال العقوبة التي يفرضها الاحتلال على الأسير، جنبا إلى جنب مع سلبه حريته وامتهان كرامته.

سمة عامة

ويؤكد فروانة أن الإهمال الطبي هو سياسة متعمدة وسمة عامة في السجون، مشيرا إلى أن الأسرى المرضى ينتمون لتنظيمات مختلفة، وهم من مستويات قيادية متفاوتة، وبغض النظر عن مدة حكم الأسير.

ويقول إن الإهمال الطبي يطال حتى الموقوفين من الأسرى، فالأسير الموقوف إذا ظهرت عليه أعراض المرض أثناء التحقيق يترك ليتألم، أما الأسرى في الغرف فلا يقدم لهم العلاج إلا بعد إلحاح مستمر ومعاناة طويلة، وأحيانا يُحدَد موعد العملية بعد عشر سنوات.

ويرى أن الهدف من سياسة الإهمال الطبي هو مفاقمة معاناة الأسير والضغط عليه واستفحال المرض، منوها إلى أن الكثير من الأمراض تبرز نتيجة الظروف المعيشية داخل السجون، وإذا عولجت في بدايتها يمكن الشفاء منها، ولكن بسبب تأخير علاجها تتحول إلى أمراض مزمنة.

استهداف خاص

وإذا كان الإهمال الطبي سياسة عامة متبعة في مختلف السجون وتطال مختلف الأسرى، فإن هذا لا ينفي استهداف الاحتلال لبعض الأسرى بشكل خاص.

ويوضح مدير مركز «أحرار» لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان فؤاد الخفش لوكالة «صفا» أن هناك أسرى مرضى يرفض الاحتلال الإفراج عنهم لتلقي العلاج، في حين أن هناك أسرى أصيبوا بأمراض داخل السجون لأسباب مجهولة، كما في حالة الأسير عوض.

وإذ يصعب الجزم باستهداف الاحتلال لأسرى بعينهم، فإن الخفش يرى أن ممارسات الاحتلال بعد ثبوت إصابة الأسير بالمرض تشير إلى تعمّد الاحتلال قتل هذا الأسير.

زهير لبادة مثالا

ويضرب الخفش مثالا على استهداف أسرى محددين، حالة الأسير زهير لبادة من نابلس، الذي استشهد في 31/5/2012 بعد أسبوع واحد من الإفراج عنه.

وكان لبادة، وهو قيادي في حركة حماس وأحد مبعدي مرج الزهور عام 1992، يعاني من الفشل الكلوي منذ عشرين عاما، ومع ذلك تم اعتقاله إداريا عام 2011 بحجة أنه خطر على أمن المنطقة.

ويقول الخفش: «كان الاحتلال يعلم بخطورة الوضع الصحي للبادة، ولهذا أحضروا معهم سيارة إسعاف عند اعتقاله لعلمهم بحالته الصحية، فأي خطر كان يشكله على أمنهم؟!».

تنصُّل من المسؤولية

وفي مخالفة صريحة لاتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم مصلحة السجون بتوفير العلاج للأسرى المرضى، ترفض مصلحة السجون إجراء عمليات جراحية للمرضى إذا كانت تكاليفها عالية.

ويقول الخفش: «في بعض الحالات طلبت مصلحة السجون من الأسرى أو من الجهات الرسمية الفلسطينية دفع تكاليف علاجهم، لكن ليس هناك سياسة واضحة وثابتة لدى الاحتلال بهذا الشأن».

ويؤكد الخبير في شؤون الأسرى رأفت حمدونة أن هنالك خطورة حقيقية على حياة الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، خاصة حملة الأمراض المزمنة كالسرطان والقلب.

وقال حمدونة في تصريح صادر عن مركز الأسرى للدراسات أن إدارة السجون تستهتر بإجراء العمليات الجراحية للأسرى المرضى وتقديم العلاجات المناسبة لهم، ولا تسمح بإدخال طواقم طبية، وترفض تسليم ملفاتهم لعرضها على أطباء خارج السجون، الأمر الذي يوقع المزيد من الشهداء، سواء داخل السجون، أو بعد التحرر.

وأضاف أن هنالك ارتفاعا كبيرا في الإصابة بمرض السرطان ومرض القلب بين الأسرى بنسبة 15%، والمعدة بنسبة 14%، والضغط بنسبة 12%، والصدرية بنسبة 12.7%، والعظام بنسبة 11.6%، والعيون بنسبة 8.3%، والكبد بنسبة 6.1%، والكلى بنسبة 5.5%، والسكر بنسبة 2.7%، والجلدية بنسبة 2.7%، وأمراض أخرى بنسب متفاوتة.

مقاضاة الاحتلال

ويطالب الخفش بضرورة الاستفادة من انضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية في ملاحقة مصلحة السجون الإسرائيلية على انتهاكاتها المختلفة لحقوق الأسرى، وفي مقدمتها سياسة الإهمال الطبي المتعمد.

وقال: «إذا توفرت الإرادة السياسية لدى السلطة لمحاسبة الاحتلال ووضع قضية الأسرى على رأس الأولويات، فيمكن محاكمة قادة السجون أمام المحاكم الدولية».

ويضيف: «لدينا ملفات موثقة عديدة يمكنها أن تضع قادة السجون أمام المحاكم الدولية».

المصدر: وكالة صفا