الاحتلال يسرق فرحة رمضان من أطفال الأسرى
السبت، 20 حزيران، 2015
"يارب يتحرر بابا وكافة الأسرى".. هذا
الدعاء الذي يلازم شهد، طفلة الأسير حسن لافي، في وقت السحر وقبل الإفطار، فمن الصعب
عليها أن تبدأ بتناوله دون أن يكون لوالدها الدعاء بالحرية.
وكلما مرت سنوات البعد، يزيدها ذلك حنينًا بأن يكون والدها في أحضان منزله بين
أطفاله خاصة في شهر رمضان المبارك الذي تفتقد به جلسته حول مائدة الإفطار، فلا يزال
مكانه فارغًا ينتظر حريته أكثر من 9 سنوات.
هذا حال الكثير من أبناء الأسرى الذين تفتقد قلوبهم الباردة لدفء والديهم بعد
أن غيبتهم سجون الاحتلال الظالمة رغمًا عنهم، والأصعب من ذلك حينما يرحل طفل الأسير
قبل حرية والده، فيكون الموت قد سبق اللقاء.
فانوس بابا
وكل رمضان يهلّ كان يلازم شهد لافي رغبتها بالحصول على فانوس من والدها مثلها
مثل الأطفال، إلا أن فرحتها سرقها الاحتلال بعد أن كبل حريته في سجونه الظالمة.
وقالت بالشوق الكبير لوالدها عبر مراسلة "المركز الفلسطيني للإعلام":
"أشتاق كثيرًا لوالدي وخاصة في رمضان.. وكثيرًا ما كنت أرغب أن يشتري بابا لي
فانوس رمضان.. ولما عرف بابا بذلك ورغم أنه أسير طلب من ماما أن تشتري لي ولإخواني
لكل واحد منا فانوسًا، وقالت لنا: (هذا من بابا)".
وأضافت: "رغم أن الفانوس صار له عندي سنوات، لكنني محافظة عليه، ودائمًا
بحب أحمله علشان هو هدية من بابا، وبصير أقول هذا الفانوس من بابا".
وتابعت: "حينما أستيقظ للسحور، كنت أرجو أن يكون والدي هو من يقول لي
"يا شهود إلى السحور".. أشعر بالوجع حينما تمر الأيام دون أن يكون فيها والدي،
فكثيرًا ما كنت أرجو أن أسمع ضحكات والدي بالمنزل، وأن نتنافس في هذا الشهر الفضيل
على ختم القرآن، وصلاة الجماعة يكون والدي هو إمامنا.. والكثير من الأشياء التي أفتقده
فيها".
وبينت أنها كانت تسمع من والدتها أن والدها يحب المشاوي، والمفتول..، وأضافت
بشيء من الحزن: "الآن أبي محروم كل شيء، فذلك يجعله يحب كل شيء، وحينما أتناول
الطعام أشعر بألم وأسأل نفسي هل بابا الآن يأكل؟".
وأوضحت، أن هذا الأمر جعلها تنتظر والدها بفارغ الصبر حتى تساعد والدتها في
إعداد قوائم طويلة من الأطعمة التي حرم منها سنوات طويلة.
المرتبة الأولى
وتابعت بعد أن أخذت تنظر لشهادتها المدرسية التي ودعت من خلالها المرحلة الابتدائية،
وقد حصلت على معدل يزيد عن 98%: "قبل أيام قليلة حصلت على شهادتي المدرسية في
الصف السادس الابتدائي.. كنت أرجو أن يكون والدي هو أول من ينظر لها حتى يفتخر بتفوقي،
لكن للأسف.. دائمًا الاحتلال يعمل على نزع الفرحة من قلوبنا، ويحرمنا فرحة النجاح بالتفوق".
وذكرت أنها كثيرة الدعاء لوالدها ولكافة الأسرى بالحرية، فهي تنتظر كل يوم أن
يكون هو يوم حرية والدها خاصة أنها حرمت منه أكثر من 9 سنوات، وكانت طفلة صغيرة في
عمر3 سنوات، حينما أصبح والدها أسيرًا.
صلاة التراويح
أما طفل الأسير محمد حسن؛ فلم يستطع أن يخفي مشاعر الألم التي في داخله، خاصة
حينما يذهب لصلاة التراويح؛ حيث يرجو أن يكون والده بجواره.
وقال لمراسلة "المركز الفلسطيني للإعلام": "لقد تم أسر والدي
وأنا طفل صغير لا يتجاوز عمري 6 سنوات، ووالدي محكوم ما يزيد عن 10 سنوات، مما جعلني
أفتقده كثيرًا في كل شيء، فكثيرًا ما كنت أرجو أن أذهب لصلاة الفجر والتراويح مع والدي..
صحيح أن خالي هو من يأخذني معه ويحاول تعويضي عن ذلك، لكن من الصعب أن يحل أحد مكان
والدي".
وأضاف: "حينما أرى أصدقائي وأقاربي يزورون أهلهم مع والدهم أشعر أنني أشد
شوقًا، لأن يمسك والدي يدي لنزور أهلنا وأحبتنا".
وتابع قائلاً: "الاحتلال دائمًا يحاول أن يسرق منا الكثير من اللحظات الجميلة
في أعمارنا، لكن إن شاء الله تعالى سوف يتحرر والدي ويكون بيننا".
وأشار إلى أنه دائمًا يردد الدعاء خاصة قبل الإفطار ويجعل والدته وإخوته يؤمّنون على دعائه؛ بأن يفرج الله تعالى كرب الأسرى،
وأن يعيدهم إلى أهلهم سالمين.
الموت أسبق
ومن حكاية المعاناة التي كانت تزيد من وجع القلب سواء على الأسير أو على أهله
حينما تكون هنالك لحظات الفراق حينما ترحل أجساد صغيرة قبل أن تحقق حلمها باحتضان والدها.
ومن بينها كانت حكاية الطفلة عبير (10 سنوات)، من الخليل، والتي توفيت إثر صدمة
عصبية أصابتها بعد أن منعها العدو الصهيوني من زيارة والدها الأسير يوسف السكافي المحكوم
بالمؤبد أربع مرات.
والحكاية ذاتها التي حملها رحيل الطفل طارق من غزة؛ حينما توفي بحادث سير بعد
دقائق من مشاركته باعتصام أهالي الأسرى، كان يقول فيها آخر كلماته: "فبأي حق يستيقظ
أطفال فلسطين بدون أن يرى الأطفال والدهم؟.. أريد أبي.. أريد أن أسمع صوته"، فرحل
قبل أن يرى والده أحمد السكني المحكوم 27 سنة، وقبل أن يحصل على فانوس رمضان منه.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام