البطالة في مخيم البداوي.. آفة أصابت
الأخضر وأحرقت اليابس
الخميس, 02 كانون الثاني، 2013
البطالة.. غمامة تضخم حجمها حتى حجبت
فرص العمل عن كل من يتنفس في لبنان، في بلد يعاني من نقص في فرص العمل فيه أصلا.
بلد.. حق العمل فيه للاجئين
الفلسطينيين مسألة انتقائية حتى عند منحهم اياه، فأتى مجتزأ ضمن ضوابط لم تسمح
بتطوير مستواهم المعيشي وواقعهم الاجتماعي الشيء الذي يذكر، إلى أن أتت موجات
النزوح من سوريا، سوريين كانوا أم لاجئين فلسطينيين في سوريا، فكان لمخيم البداوي
حصته التي لم يكن ليتمناها من الضغط السكاني الذي يعاني منه المخيم أصلا منذ العام
2007 إثر نزوح أربعين ألف فلسطيني من مخيم نهر البارد بسبب الأحداث الأمنية آنذاك.
تتابع تدفق موجات النزوح من سوريا
إلى مخيم البداوي بشكل سريع ليؤدي إلى تضخم مخيف أصاب أهله بالعجز التام عن إيجاد
فرص عمل بأقل من الحد الأدنى لإعالة أسرهم.
وكالة القدس للأنباء جالت في مخيم
البداوي وقابلت بعض الأشخاص لتبين حجم الكارثة التي يعيشها المخيم.
لؤي الحسن شاب أعزب في بداية العقد
الرابع من عمره، ويعيل أسرة من أربعة أفراد، يعمل حدّاداً بشكل متقطّع منذ أكثر من
عام وعاطل عن العمل تماماً منذ أكثر من ثلاثة أشهر. يقول الحسن "لوكالة القدس
للأنباء" "أجري كان ثلاثين دولاراً أميركياً قبل نزوح إخواننا السوريين
وأهلنا اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، وكنت مسؤولاً عن فريق عمل مكون من ثلاثة
عشر عاملاً، لكن تدنّي الأجور التي يرضى بها أغلبية النازحين أدى إلى استبدالي
بثلاثة عاملين منهم أقل كفاءة مني على المستوى المهني من قبل المتعهد".
وأوضح الحسن أن النازحين السوريين
تحديداً يمكنهم أن يكتفوا بأقل من نصف الأجر الذي يتقاضاه هو حيث أن أغلب
احتياجاتهم العينية والغذائية وبدل الإيجار متوفرة لديهم عن طرق الهيئة العليا
للإغاثة، مضيفاً "أصبحت الأزمة متفشية كالوباء ومن الصعب التخلص منها في ظل
الواقع القائم".
ويرى الحسن أنه كان الأجدى بالمعنيين
في الدولة اللبنانية الإقتداء بالتجربة التركية فيما يخص استقبال النازحين من
سوريا، حيث أنها أقامت لهم مخيمات خاصة بهم وأمّنت لهم الحد الأدنى من احتياجاتهم
الحياتية اليومية، دون السماح لهم بالعمل على أراضيها ما أبقى المجال مفتوحاً
للمقيمين فيها بالعمل أو إيجاد فرص العمل لهم.
أما جهاد حمدان، البالغ من العمر
الثلاثين عاماً، وهو عاطل عن العمل منذ ما يزيد عن العامين، حال الكثيرين من شباب
مخيم البداوي، يشتكي من تدني الأجور بسبب وجود الكثيف للنازحين من سوريا، الأمر
الذي الذي يؤثر حسب ما يرى مباشرة وبشكل سلبي على المستوى المعيشي لسكان المخيمات
في لبنان كون الأجور المعتمدة أساساً لا توفر الحد الأدنى من المعيشة لهم.
وأضاف حمدان "لوكالة القدس
للأنباء" أن حركة النزوح المتسارعة من سوريا إلى لبنان خلال فترة قصيرة
نسبياً أدت إلى ارتفاع في إيجارات المنازل في المخيم والمحيط المجاور له بعد أن
تكثّف الطلب فارتفع العرض. واعتبر حمدان أن الفصائل الفلسطينية كمرجع وسقف
للمخيمات تتحمل المسؤولية مباشرة في عدم ضبط هذا العبث لدى أصحاب العقارات
والمنازل الاستثمارية الذي أضر بالكثيرين.
أمّا حسام ترشحاني، وهو لاجئ فلسطيني
نزح وأسرته المؤلفة من ثلاثة أطفال وزوجة من مخيم اليرموك في سوريا، يعمل في مجال
الدهان وبأجر يعادل المئتين وخمسين ألف ليرة لبنانية شهريا، وهو يعادل ربع الأجر
الذي كان يتقاضاه سابقا.
يعتبر الترشحاني أن أزمة البطالة هي
انعكاس طبيعي للوضع الأمني العام المتأزم في المنطقة، وهي مرتبطة بسلسلة متكاملة
عمليا، يضيف "لوكالة القدس للأنباء" أن المستثمرين في مجال العقارات
يترددون في خوض مغامرة البناء في ظل الظروف الأمنية الراهنة، فتتوقف بالتالي عجلة
العمل في الكثير من المهن المرتبطة بطبيعة هذه المشاريع ليطال ذلك المتعهدين
فالعاملين".
كارثة أقتصادية ان لم يجد المعنيون
حلاً لها فإن كوارث إجتماعية أخرى تنتظر دورها خلف باب الأزمة لتسحق ما تبقى من
مكونات مجتمع آثر أفراده عبر عقود على شدّ قبضاتهم على جمر المآسي والحرمان حتى
كادت تلتهم أصابعهم!!
المصدر: القدس للأنباء