لبنان الرسمي يتعامل مع وجودهم كمصدر شبهة ويخاف من «بعبع التوطين»
تقرير «حماس» السنوي عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان: لا مؤشرات رسمية لمعالجة جادة لقضية الحقوق والمطالب
الجمعة، 13 كانون الثاني، 2012
عرضت حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، خلال مؤتمر صحافي عقد في «فندق السفير»، تقريرها السنوي الثاني عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، خلص إلى ان هذه الاوضاع "صعبة للغاية ولا توجد مؤشرات رسمية لمعالجة جادة لقضية الحقوق واقرار المطالب".
حضر المؤتمر ممثل حركة «حماس» علي بركة، مسؤول مكتب اللاجئين في الحركة ياسر عزام، رئيس رابطة علماء فلسطين في لبنان الشيخ بسام كايد، ممثلة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني عبير عتمة، وممثلون عن المؤسسات الأهلية والفصائل الفلسطينية.
بركة
بداية، تحدث بركة معتبراً أن «قضية اللاجئين الفلسطينيين هي قضية سياسية بامتياز، ولها أبعاد إنسانية واجتماعية وقانونية وأمنية، وهي ناتجة عن الاحتلال الصهيوني لفلسطين عام 1948».
وأضاف: «نقول للعالم أجمع ولهيئة الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون الذي يصل غداً (اليوم) إلى بيروت، أن الشعب الفلسطيني في لبنان متمسّك بحق العودة إلى دياره الأصلية في فلسطين، ويرفض التهجير والتوطين والوطن البديل، ونطالبكم بالعمل على تمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم».
وتابع: «ريثما تتحقق العودة، فإننا نطالب هيئة الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية بتأمين العيش الكريم للاجئين الفلسطينيين المقيمين قسراً في لبنان».
ودعا الحكومة إلى معالجة قضاياهم بكل جوانبها السياسية والانسانية والاجتماعية والأمنية والقانونية، وعدم مقاربة الملف الفلسطيني في لبنان من الزاوية الأمنية فقط، مؤكّداً حرص الحركة على السلم الأهلي في لبنان، وعلى أمن المخيمات واستقرارها، ورفض استخدام المخيمات من أي جهة للإساءة إلى أمن لبنان واستقراره. كما دعا إلى إطلاق حوار لبناني - فلسطيني حول مجمل الأوضاع الفلسطينية في لبنان، يؤسس إلى بناء علاقات أخوية بين الشعبين.
وقال: «بدأنا الخطوات الأولى على طريق تشكيل مرجعية فلسطينية موحّدة في لبنان تتولى الحوار مع الحكومة اللبنانية، وتعمل على ضبط الأوضاع في المخيمات بالتنسيق مع الجهات الرسمية اللبنانية. وشكّلنا من أجل ذلك لجنة للحوار الداخلي مؤلفة من فصائل منظمة التحرير وتحالف القوى الفلسطينية، وانطلق الحوار الفلسطيني في لبنان مع نهاية السنة الماضية. ونأمل أن تُشكّل المرجعية الموحّدة في شهر شباط المقبل، مستفيدين من أجواء المصالحة الفلسطينية، وقناعة كل الفصائل في لبنان بضرورة توحيد الجهود، مدعومين طبعاً من قبل الجهات اللبنانية الرسمية والحزبية، التي بذلت معنا الجهود وما زالت، من أجل ترتيب الأوضاع الفلسطينية في لبنان».
التقرير
ثم تلا عزام التقرير، مشيراً إلى أن «المعاناة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان تزداد كل يوم وتكبر وتتسع دائرتها»، وقال: «عقدنا في 28 نيسان من العام 2010 مؤتمراً صحافياً طرحنا فيه بعض القضايا الملحّة والأزمات الطارئة التي عانينا منها كلاجئين، عبر تقرير يتضمن مطالبنا لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وها نحن اليوم نعقد المؤتمر الصحافي السنوي الثاني، لنلفت إلى أن بعض القضايا التي طرحناها في المؤتمر الأول قد جرى حلّها».
وأكّد أن«المشاكل زادت عن المؤتمر السابق، والسبب يعود إلى غياب الأسس السليمة في التعامل بين الجهات الرسمية اللبنانية واللاجئين الفلسطينيين في لبنان، واستمرار القوانين الظالمة في حق اللاجئين».
وأوضح أن «المؤتمر الأول طرح ثلاث قضايا فقط، هي: معاناة إنجاز المعاملات في المديرية العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين، ومنع المؤسسات الفلسطينية من العمل والنشاط في المخيم الجديد في نهر البارد، وقضية إعادة إعمار مخيم نهر البارد»، لافتاً إلى أن القضية الأولى جرى حلّها، والثانية جرى تفكيكها، أما قضية إعادة إعمار مخيم نهر البارد فما زالت تتفاقم، ومستقبلها لا يبشّر بخير».
وقال: «إن الأسس غير السليمة التي نتحدث عنها هي التعامل اللبناني الرسمي مع وجود اللاجئين الفلسطينيين كمصدر شبهة، والخوف من «بعبع التوطين»، والجهل بموقف اللاجئين منه.. أو التجاهل، والتواصل غير المتوازن مع الجهات السياسية الفاعلة في مجتمع اللاجئين، والتعامل مع المخيمات الفلسطينية كملف أمني قبل أن يكون سياسياً واجتماعياً وإنسانياً، وإصرار معظم القوى السياسية اللبنانية على عدم مناقشة القوانين الظالمة بحق اللاجئين مثل منع التملك ومنع العمل، ونقص الخدمات الصحية والتعليمية».
عقبات
وأشار التقرير إلى «أهم القضايا والعقبات والأزمات التي استجدت، وأبرزها أن اللاجئ الفلسطيني في لبنان لا يزال ممنوعاً من حق العمل، على الرغم من تعديل القوانين في آب 2010، كما أنه ما زال محروماً من حق التملك ويعاني من التمييز في الإجراءات والمعاملات والقوانين».
ولفت إلى أن «الحكومات اللبنانية المتعاقبة وعدتنا بإيلاء أوضاعِ شعبنا الفلسطيني في لبنان اهتماماً من أجل تحسين مستوى معيشتنا، وإنهاء معاناتنا في هذا البلد. غير أن الواقع كان مخالفاً تماماً».
وشدّد التقرير على حقوق اللاجئ بالعمل والتملك ونقل ملكية المنزل أو الأرض التي اشتراها سابقاًَ وفق القوانين اللبنانية وتوريث أملاكه، وهذا ما يعتبر مخالفة واضحة للحقوق الإنسانية ولقانون الأحوال الشخصية المعمول به في لبنان».
وأشار أيضاً إلى أن «الحكومة اللبنانية الحالية لم تتخذ أي خطوة إيجابية لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتطويرها، وما جاء في البيان الوزاري عن هذا الموضوع خطوة جيدة، إلا أنها غير كافية».
الأوضاع الأمنية
واعتبر أن «الإجراءات الأمنية التي تفرضها السلطات اللبنانية حول المخيمات مشدّدة وقاسية وغير مبررة». ورفض «استمرار الحالة العسكرية والأمنية في مخيم نهر البارد التي تمنع تحسين الأوضاع، ولا تعزّز الثقة بين الطرفين، بل إنها تؤدي إلى تشنج العلاقة بينهما»، منتقداً التأخّر في إعماره، ومعتبراً أن «الجهات الرسمية لم تبذل جهداً كافياً لجذب الدعم من المانحين، لمتابعة وتيرة الإعمار بالسرعة المناسبة». مؤكداً أن «تفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بسبب التهجير والحصار الأمني والبطالة وقوانين العمل اللبنانية تشكّل عاملاً إضافياً وفاعلاً في مضاعفة الأزمة في مخيم البارد». لافتاً إلى تقصير وكالة «الأونروا» في قضية إعادة إعمار المخيم.
وأعلن التقرير أن «الغالبية العظمى من المطلوبين والموقوفين الفلسطينيين سُطّرت بحقهم مذكرات الجلب بسبب تقارير أمنية قد تكون في كثير من الأحيان كيدية، إضافةً إلى أن كثيراً من الشكاوى لا تصل إلى صفة الجنحة، وبعضها سقط بمرور الزمن. وقد أصبح من الضروري والملحّ إيجاد حلّ لكل هذه القضايا والتقارير».
وأوضح أنّ لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني لم تقم بتنفيذ مشاريع أو أعمال مميزة
خلال السنة الأخيرة، ولا تملك سلطة إجرائية، بل إن دورها يقتصر على الاستشارات، وهو الأمر الذي يقلّص قدرتها على اتخاذ القرار، ناهيك عن بطء السير بقرارات متخذة سابقاً». وطالب الحكومة اللبنانية بمنح اللجنة سلطات أوسع في اتخاذ القرار وتنفيذه».
ضرورات
ولفت التقرير إلى أنّ «لبنان رفض تطبيق توصيات مجلس حقوق الإنسان التي تقدّمت بها جهات أوروبية ومنظمات إنسانية لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، ومنها حق العمل بالكامل وحق التملك والتنقل».
وشدّد على ضرورة تعيين مدير أصيل في «دائرة الشؤون السياسية واللاجئين، لأن عدم وجوده يعرقل بعض الحالات الإدارية ويزيد من أزمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».
وأعلن أنّ «معاناة فاقدي الأوراق الثبوتية لم تنته بعد، وما زالت الحلول مجتزأة، وما زالت بطاقات الهوية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين في لبنان ووثائق الولادة والزواج والطلاق والوفاة غير ممكننة، وما زالت الأخطاء البشرية الملحوظة في كتابة الأسماء والأرقام تعرقل حياة اللاجئين ومعاملاتهم الرسمية».
المطالب
ومن أهم المطالب الفلسطينية في لبنان: «إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية وعلى رأسها حق العمل والتملك بشكلٍ واضح ونهائي وكامل، والعمل على تحسين العلاقة بين الحكومة اللبنانية واللاجئين وتحصينها، وإزالة الحالة الأمنية حول المخيمات، خصوصاً مخيم نهر البارد، والإسراع في إعمار مخيم نهر البارد، ووضع سقف زمني للانتهاء من الإعمار، وإيجاد حل جذري وعاجل لمشكلة المطلوبين والموقوفين، وتسريع الإجراءات الرسمية، وتسهيل عمل لجنة الحوار وتوسيعه ومنحها صلاحيات أوسع، إضافةً إلى منح فاقدي الأوراق الثبوتية مستندات تسمح لهم بالتنقل والإقامة والعمل وحق الرعاية الصحية والتعليم، ومكننة المديرية العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين، وإصدار بطاقات الهوية وإخراجات القيد وغيرها بشكلٍ حديث».
وأكد التقرير «أن شعبنا الفلسطيني في لبنان متمسّك بحق العودة الكاملة والواضحة، ويرفض مشاريع التوطين والتهجير»، مشدّداً على الاستعداد للتعاون في سبيل حل كل القضايا، وإيجاد المخارج الملائمة للأزمات، داعياً كل الأطراف إلى التعاون لتحقيق المطالب.
المصدر: البناء