التجاذبات السياسية
تهدد نفير الأسرى وتشقُّ صفوفهم
الأربعاء، 12 آب، 2015
شدّد مراقبون للشأن الداخلي
الفلسطيني، على أهمية التوحّد وعدم الانقسام فيما يخص قضية الأسرى وخطواتهم الاحتجاجية
داخل سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، مع التأكيد على ضرورة تحييد الحركة الأسيرة
عن أي تجاذبات سياسية على الساحة الفلسطينية.
وأكّد المراقبون، على أهمية
دور المقاومة وتعزيز الوحدة الوطنية الداخلية في نصرة الأسرى القابعين داخل سجون الاحتلال،
وعلى ضرورة الحفاظ على قضية الأسرى وتفعيلها في كافة الميادين المحلية والدولية.
وحذّرت محافل حقوقية من
"موت بطيء" يتهدّد حياة الأسرى الفلسطينيين القابعين في زنازين ومعتقلات
الاحتلال، في ظل تعنّت سلطات الاحتلال ومضيّها في انتهاكاتها المتواصلة بحق الأسرى،
إلى جانب تشريعها لمجموعة قوانين تستهدفهم بشكل مباشر وتنذر بتعريض حياتهم للخطر، كقانون
"التغذية القسرية" الذي يتيح لها إمكانية إجبار الأسرى على الطعام بشكل قسري
لكسر إضرابهم عن الطعام.
الحزبية تنخر
صفوفهم
وشهدت آراء ومواقف الحركة
الأسيرة بخصوص الفعاليات الاحتجاجية ضد ممارسات سجاني الاحتلال في المعتقلات، حالة
من التباين والاختلاف التي تجلّت واضحة من خلال البيانات التي تصدرها الهيئات القيادية
للحركات والفصائل الفلسطينية داخل السجون؛ حيث تظهر البيانات التي تصدر منفصلة، وكأن
أسرى كل تنظيم يعملون لهدف غير الذي يسعى لتحقيقه الآخر.
فبينما أعلنت الهيئة القيادية
العليا لأسرى حركة "حماس" داخل سجون الاحتلال أنها ستقوم بحل التنظيم، وتشرع
بخطوات احتجاجية أولها الإضراب التطوعي عن الطعام، أعلنت الهيئة القيادية لأسرى
"الجهاد الإسلامي" الثلاثاء أنها علّقت خطوة حل التنظيم، مبررة ذلك بالقول
"إن إدارة السجون الإسرائيلية رضخت لمطالب أسرى الحركة، ووافقت على إعادة الأسرى
المنقولين تعسفياً من سجن نفحة".
وفي السياق ذاته، أعلنت
قيادة الحركة الأسيرة التابعة لحركة "فتح" في سجون الاحتلال أنها أوقفت كافة
خطوات الاحتجاج، وأبرزها وقف الإضراب عن الطعام، في كافة السجون، وكان ذلك في نفس اليوم
الذي أعلنت فيه بقية التنظيمات تفعيل خطواتها الاحتجاجية.
ويذكر أن قيادة الفصائل
الفلسطينية داخل سجون الاحتلال لم تصدر مطالبها وخطواتها في بيان واحد، "كما كان
يتم مسبقاً"، إلى جانب أن الفصائل سعت لتحقيق أهداف مختلفة.
وفي السياق ذاته، لفت حقوقيون
ونشطاء فلسطينيون النظر إلى أن حالة الانقسام السياسي على الساحة الفلسطينية انعكست
على الحركة الوطنية الأسيرة من خلال إعلان كل فصيل فلسطيني عن خطواته لوحده داخل السجن،
"ولم ينسقوا حتى توقيت وصيغة الإعلان عن الخطوات الاحتجاجية".
وفي السياق ذاته، طالب مركز
"أسرى فلسطين" للدراسات، كافة الجمعيات والمؤسسات والشخصيات المهتمة والعاملة
لقضية الأسرى بعدم التعامل مع القضية من منطلق حزبي، مشدداً على أن ذلك "يضعف
القضية، ويوفر مدخلاً للاحتلال للتفريق بين الأسرى".
وشدد المركز في بيان صحفيّ،
على أن الأسرى جسم واحد، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس، مؤكداً أن "الاحتلال
يتمنى أن يفرق بين الأسرى، وأن يتعامل مع كل تنظيم على حدة داخل السجون، وبالتالي يستفرد
بهم، ويسعى لشق وحدتهم، وإضعاف جبهتهم".
وأضاف "خطورة الأوضاع
التي يمر بها الأسرى هذه الأيام تستوجب علينا توحيد الصفوف، والعمل تحت برنامج واحد
سواء في داخل السجون أو خارجها، فعدونا يتكالب على الأسرى بكل مستوياته السياسة والأمنية
والعسكرية".
وفي السياق ذاته، قال القيادي
في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حسام بدران، "إن سلطات الاحتلال
ستخطئ مرة أخرى إن ظنت أنه بإمكانها الاستفراد بالأسرى"، على حد تعبيره.
وأضاف بدران في حديثه لـ"قدس
برس" إن سلطات الاحتلال استغلت الظروف الإقليمية المحيطة والوضع الداخلي الفلسطيني،
وشنّت هجمة شاملة عل الأسرى، عادًّا أن "مساس الاحتلال بالأسرى هو اعتداء على
كل الشعب الفلسطيني، فالأسرى تاج الرؤوس، وهم محل إجماع وطني فصائلي وشعبي عام، كما
أن الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة سيكون لها القول الفصل، في حال واصل الاحتلال
قمعه للأسرى"، وفق بدران.
قيادة موحدة
من جانبه، رأى القيادي في
حركة "الجهاد الإسلامي"، خضر عدنان، في حديثٍ لـ"قدس برس"، أن
توحد الأسرى داخل سجون الاحتلال "خلف قيادة تنظيمية واحدة وموحدة" من شأنه
أن يحقق لهم الإنجازات والانتصارات.
ودعا عدنان الفصائل والقوى
الوطنية والإسلامية والمقاومة والمستوى الرسمي الفلسطيني بأن "تكون على قدر الحدث"،
مشدداً على ضرورة تحرك المستوى السياسي الرسمي للسلطة الفلسطينية في المحافل الدولية
"وأن يكون لهم دور أكبر مما هو عليه الآن".
وأضاف: "كل ما يقوم
به الاحتلال الآن هو جسّ نبض للشعب الفلسطيني وقواه وفصائله ومقاومته، والاحتلال وإدارة
سجونه لن يقدموا على أيّ خطوة ضد أيٍّ من الأسرى إذا ما تيقنوا من توحد الشعب الفلسطيني".
تفاعل شعبي
"خجول"
من جانبه، انتقد الأسير
المحرر، مؤيد شرّاب، ضعف تفاعل الشارع الفلسطيني مع ما يجري داخل سجون الاحتلال، عادًّا
أنه "لا يرقى لمستوى تضحيات الأسرى الأبطال ولا لحجم ما يتعرضون له من هجمات شرسة،
وهو خجول لا يلبي طموحات الأسرى".
ولفت شرّاب في حديثه لـ"قدس
برس"، إلى أن الاحتلال بمختلف أطيافه وتوجهاته، بما فيهم أعلى المستويات في دولة
الاحتلال وإدارة السجون، لديهم قرار موحد بأن يكونوا صفاً واحداً في مواجهة الأسرى
الفلسطينيين بمختلف فصائلهم وألوانهم السياسية.
واستطرد في قوله "الأولى
بالفلسطينيين بمختلف أطرهم وفصائلهم السياسية بأن تكون لهم كلمة واحدة وموحدة وموقف
واحد للتوحد خلف قضية الأسرى الأبطال وقضيتهم".
وحذر شرّاب من أنه
"في حال بقاء الفلسطينيين على ما هم عليه الآن، (في الإشارة إلى الانقسام)، سننتظر
وصول الأسرى شهداء"، داعياً الكل الفلسطيني للوقوف صفاً واحداً مع أنفسهم ومع
الأسرى "من باب المسئولية الوطنية والدينية والأخلاقية".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام