الجامعة الفلسطينيّة ليست حلماً
السبت، 25 حزيران، 2011
عشرة آلاف طالب فلسطيني وقعوا على عريضة «نريد جامعة فلسطينية في لبنان». الرقم الذي أعلنه اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني (أشد)، أمس، ليس بسيطاً ويعكس رغبة حقيقية لدى الطلاب بالتعلّم. لكن كيف؟ وهل فكرة الاتحاد إنشاء الجامعة قابلة للتحقق وفي لبنان تحديداً؟ لا يخفي الجامعيون هواجسهم مما سموه حلماً في بلد لا يعير لحقوقهم أي اعتبار. لا يستبعد الطالب محمد عوض مثلاً أن ينتقل التمييز ضدهم من الهوية الزرقاء إلى الشهادة الجامعية. ويسأل سعيد الجمّال عما إذا كانت الدولة اللبنانية ستوافق على إنشاء مثل هذه الجامعة على أراضيها وهل ستعترف وزارة التربية بالشهادة وتعادلها وكيف ستكون جامعة خاصة ومجانية في الوقت نفسه؟
ومن الطلاب من تحمّس للمشروع مثل حسن عوض الذي يدرس هندسة الكومبيوتر في إحدى الجامعات الخاصة، بعدما تعذر عليه دخول الجامعة اللبنانية نظراً لتحديد كوتا لقبول الطلاب الأجانب في الكليات العلمية وهي 10%. يتوقع حسن أن تحل الجامعة مشكلة القسط فلا يدفع 10 ملايين ليرة سنوياً كما يفعل الآن. أما سماح عثمان فتتحدث عن ارتياح من نوع آخر من التمييز «على الأقل ما بيقلب الدكتور خلقتو بوجهي بمجرد ما بيعرف إني فلسطينية». وتقول عثمان إنّها «فرصة للتعلم وليست فرصة للعمل». وتستدرك: «من يعرف؟ ربما تتغيّر قوانين العمل المجحفة بحق الفلسطيني أو ربما توفّر لنا هذه الجامعة عملاً في الخارج».
ويذهب عمر غنّوم في التفاؤل إلى حد المناداة بمواكبة حملة الاتحاد إلكترونياً. وهنا يعد رئيس الاتحاد يوسف أحمد بافتتاح صفحة على «الفايسبوك» في الأيام القليلة المقبلة.
وإذا كان الجامعيون الفلسطينيون يحتاجون إلى وقت ليصدقوا أنّ إنشاء جامعة يحظون فيها بمعاملة استثنائية أمر واقعي، فإنّ الجامعة ليست بمعجزة أو على الأقل، هذا ما تقوله تجربة «أشد». ويرد أحمد على من يقول إنّ المشروع كبير ويكلّف ملايين الدولارات بأنّ لا شيء مستحيلاً ما دام هناك حركة مطلبية ونضالية. في السابق، استطاع الاتحاد بالتعاون مع القوى الطلابية الأخرى إجبار وكالة الأونروا على افتتاح ثانويات تابعة لها، بعدما كان التلامذة يذهبون إما إلى ثانويات رسمية أو إلى ثانويات خاصة. الحركة نفسها حققت مساواة الطالب الفلسطيني بالطالب اللبناني في الجامعة اللبنانية لجهة رسوم التسجيل، وانتزعت من منظمة التحرير الفلسطينية مطلب إنشاء صندوق للطلاب، وإن كانت القوى الطلابية تنتظر أن يصبح الصندوق مؤسسة من مؤسسات المنظمة فتموّله هي بدلاً من أن يعتمد على صدقة المتمولين الفلسطينيين.
لماذا الجامعة الفلسطينية ما دامت الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة متاحة للطلاب الفلسطينيين؟ «من شان نتعلم»، يقول أحمد، في ورشة تربوية خصصت لإعلان نتائج حملة التواقيع على العريضة. ويشرح رئيس الاتحاد كيف أنّ التدقيق في طبيعة هذه الكليات وحجم استيعابها يسمح بمعرفة اسباب أزمة الجامعيين الفلسطينيين.
ويرسم أحمد ملامح الأزمة بالقول إنّ ما نسبته 71% من الطلاب المسجلين في الجامعة اللبنانية يلتحقون بكلية الآداب والعلوم الانسانية، و15% بمعهد العلوم الاجتماعية، و6% بكلية العلوم، و3% بكلية الحقوق والعلوم السياسية، و1% بكلية الصحة، و0.46% بكلية الهندسة والإعلام، 0.54% بكلية العلوم الاقتصادية وادارة الأعمال، 0.63% بكلية التربية، 0.71% بمعهد الفنون الجميلة.0.12% بكلية السياحة والفنادق.
ويستخلص أنّ هناك عوامل كثيرة تقف وراء التحاق غالبية الطلاب الفلسطينيين بالكليات النظرية بالجامعة اللبنانية، منها ضعف القدرة الاستيعابية للطلاب في الكليات العلمية بالجامعة اللبنانية، ما يخلق حالة من التنافس الشديد عليها، ونتيجة ذلك يعامل الطالب الفلسطيني في هذه الكليات بوصفه أجنبياً ويحسب من ضمن نسبة 10% الممنوحة للطلاب الأجانب. تضاف الى هذا أسباب أخرى متعلقة باعتماد اللغة الفرنسية لغة أساسية في التدريس، فيما الفلسطينيون يعتمدون اللغة الانكليزية، أضف أيضاً أن الكليات العلمية في الجامعة اللبنانية ينحصر معظمها في بيروت، وهذا ما يزيد من صعوبة المواصلات والسكن الجامعي على الطلاب الفلسطينيين.
ويوضح أحمد أنّ الاتحاد يتوجه بهذا المطلب إلى وكالة الأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية بوصفهما الجهتين المسؤولتين عن الفلسطينيين في لبنان. وبينما ينتظر أن يعقد الاتحاد، الثلاثاء المقبل، لقاءً مع المدير العام للأونروا سلفاتوري لومباردو لبحث القضية، لا يبدو أن المنظمة بعيدة عن الطرح ما دامت اللجنة التنفيذية وضعته منذ نحو شهر على جدول أعمالها، والموضوع مرحّباً به من الرئيس محمود عباس شخصياً.
المصدر: جريدة الأخبار – فاتن الحاج