الجزيرة.. تغطي فعاليات ذكرى النكبة الـ64
الأربعاء، 16 أيار، 2012
لينة عطوات/ خاص «لاجئ نت»
من سمّى النكبة بالنكبة، لم يخطئ بالتسمية، فشعور الشعب الفلسطيني تجاه هذا الحدث، سواء كان لاجئاً في الشتات أو تحت نير الاحتلال في أرض الوطن، شعور تملؤه النكبة بكل ما للكلمة من معنى، برغم مرور السنين وإنشاء حياة أخرى لهم بعيداً عن ديارهم الأساس.. فكبار هذا الشعب يواصلون تذكّر المأساة، وصغارهم تتناقل الحكاية منذ البداية، وتراكم معها فصول حياتهم، لينقلوها أيضاً للأجيال القادمة.. لتبقى فلسطين في الذاكرة، ولتبقى ذكرى النكبة، ذكرى وكأنها حصلت اليوم...
هذا الإصرار، وهذا التمسك، برز جلياّ في إحياء ذكرى النكبة الرابعة والستين في مختلف مناطق التواجد الفلسطيني. هذه الذكرى التي بدأت بتهجير الفلسطينيين من أرضهم قسراً، وتحت ضغط الرصاص والقتل والتشريد والمجازر، لكنها لم تنتهِ عند ذلك الحد، فهذا الشعب واجه الكثير بعد النكبة ليثبت وجوده، وليستعيد كرامته، لا سيما في بعض بلاد الشتات التي حرمته برغم نكبته أبسط حقوق الإنسانية..
وفي لبنان مثلاً، حُرم الفلسطيني من العديد من الحقوق المدنية والإنسانية، وتقليص وكالة الغوث «الأونروا» لخدماتها عموماً؛ بحيث تقدم خدمات ضئيلة تقي اللاجئ من الموت جوعاً، ولكنها لا تسمح له بتحسين مستواه المعيشي.
وقد رصدت شبكة «لاجئ نت» تغطية قناة «الجزيرة» لهذا اليوم. حيث استضافت مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان «شاهد» محمود الحنفي، الذي أكد أن «الأونروا تشكل الرئة التي يتنفس منها اللاجئون لما لها من معنى سياسي وإغاثي وخدماتي، وهي الشاهد الملك على قضية اللجوء». لافتاً إلى أن «الدعم المالي للأونروا لا يأتي من الجمعية العامة للأمم المتحدة على الرغم من أنها فرع من فروعها، بل هي تستقدم الدعم من مساعدات الدول المانحة، والتي غالباً ما تتأثر بطبيعة مصالحها الخاصة مع الكيان الاسرائيلي، الذي يحاول جاهداً أن يسدّ الطريق عن مدّ يد العون للشعب الفلسطيني، والذي يمكن أن يكون بإغلاق الوكالة، التي أصبحت المصدر الوحيد تقريباً لدعم صمود اللاجئين، بعدما تخلت عنه معظم المؤسسات، والقوانين الحقوقية».
الواقع المرير الفلسطينيين، لم يعنِ اضمحلال الاندفاع لإحياء ذكرى النكبة، فكاميرا الجزيرة طافت على بعض المناطق لتنقل صور صمود هذا الشعب وتمسكهم بديارهم. وأبرز صور الإحياء جاءت من الداخل الفلسطيني كالعادة، حيث يقع الفلسطينيون هناك، على خط نار دائم مع العدو الصهيوني. وفي يوم النكبة، صفارات الإنذار التي أعلنت وقوف الحياة عن حركتها حداداً لأربعة وستين ثانية على عدد سنوات النكبة، لم تثنِ الفلسطينيين عن غضبهم، فحدة المواجهات اشتدت مع هذا العدو الظالم لتكون الحصيلة عشرات الجرحى. وفي جانب آخر، أحيا آخرون في الضفة وغزة هذا اليوم، بالتأكيد على حق العودة، وكان بارزاً حضور أجيال ما بعد النكبة.
أما في الشتات الفلسطيني، وتحديداً من مخيم الحسين في الأردن، نقل مندوب «الجزيرة» إلى هناك، توفيق طه صورَ إحياء الذكرى، ابتداءً من إعلان النقابات المهنية الحداد العام لمدة نصف ساعة، كما دعت هذه النقابات إلى مهرجان حاشد في عمان، حيث كانت كلمة لرئيس الحركة الاسلامية في أراضي 48 الشيخ رائد صلاح. كما حاول العشرات التظاهر أمام السفارة الاسرائيلية، لكن قوات الأمن منعتهم من دون حصول أي احتكاك. ومن جانب آخر أقامت الحركة الإسلامية في الأردن فعاليات صغيرة متفرقة في المخيمات، على أن تقيم مهرجاناً حاشداً يوم الجمعة القادم.
أما إعلامياً، فالعديد من الصحف الأردنية أفردت ملحقات خاصة بذكرى النكبة وتاريخها عبر كل هذه السنوات، حتى البرلمان الأردني كان له فعاليات خاصة بهذه الذكرى العالقة في نفوس الفلسطينيين، وكما قال النائب في البرلمان الاردني محمود العبادي: «إن هذه المخيمات هي رمز على خيانة الحلفاء، ورمز للعودة ولصمود الشعب الفلسطيني».
وبعيداً عن الأردن، استعرضت الجزيرة فقرة جرافيك، عرفت من خلالها النكبة، ولخصت ما حدث في تلك الذكرى، موضحةً نسبة المهجرين منذ بداية النكبة، وما تعرض له الفلسطينيون من مجازر ومآسي ومعاناة سياسية وحقوقية وإنسانية وغير ذلك خلال كل هذه السنوات، إن في الداخل الفلسطيني أو في الخارج من خلال تقسيم الأرض، وضمّها حيناً إلى بعض البلاد العربية تحت الحكم الذاتي، وحيناً آخر تحت حكم الصهاينة.
إذاً هي ذكرى النكبة، والتي لا تنتهي بمجرد تغطيةٍ بأيام معدودة. أربعة وستون عاماً هي، ليست عاماً أو عامين.. لكن بين سطور حكاية النكبة واللجوء، سنجد التحدي والصمود والثبات والإصرار بأن العودة حق، وسيعود الحق لأصحابه.