القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

الحاج راتب ما زال يحتفظ بوثائق أرضه

الحاج راتب ما زال يحتفظ بوثائق أرضه

/cms/assets/Gallery/984/101711.jpg

الأربعاء، 15 أيار، 2013

أعادت رائحة الوثائق التركية والإنكليزية التي يمتلكها اللاجئ الفلسطيني الثمانيني الحاج راتب مصطفى علي التي تؤكد ملكيته لأرضه التي هجر منها في قرية صرفند العمار في الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1948 على الطريق العام بين مدينة الرملة ويافا، ذاكرته إلى أيام حياته التي عاشها قبل النكبة، وهو يستذكر معالم الحياة الزراعية ورائحة بساتين البرتقال والزيتون المنتشرة في أزقة القرية، ومشاهد الأطفال وهم يدرسون في التجمعات التي يحفظ جزءًا من شكلها، وينابيع الماء التي يرتوي منها.

فاضت عين الحاج راتب (83 عاماً)، وهو من مخيم خان يونس للاجئين في المنطقة الجنوبية من قطاع غزة، بالدموع وهو يمسك بيديه اللتين ظهرت عليهما علامات الشيخوخة والكبر، بالوثائق التركية والإنكليزية.

تحدّث إلى «السفير» بمرارة وألم عن ذكريات الألم والوجع التي عاشها في قريته، ووحشية الاحتلال الغاصب عندما استولى على القرية وهجر أهلها، وعاث فيها دماراً أفقدها معالم الحياة الفلسطينية البسيطة فيها.

ومع مرور 66 عاماً على النكبة، لم تغب مشاهد قريته الأصلية بشوارعها ومزارعها ومدارسها منذ أربعينيات القرن الماضي.

جلس بين أحفاده وأبنائه، وهو يستذكر بمرارة تلك الأيام قائلاً: «تركت صرفند وكان عمري 18 عاماً، عندما حولها الاحتلال إلى أكبر معسكر للجيش الإنكليزي في الشرق الأوسط، وكنا نعيش حياة هنية وجميلة بكل تفاصيلها عوضاً عن العلاقات الاجتماعية الوطيدة التي كانت موجودة في القرية وغابت اليوم».

ويستذكر الحاج علي اللحظات المريرة التي ألمت بهم لحظة اشتداد القصف على القرية، وتهجير عائلته منها حتى وصولهم إلى قطاع غزة. ويضيف: «مشينا على الأقدام مسافات طويلة وأرهقنا التعب، ولم يكن في طريقنا لا طعام ولا شراب، وكنا في حالة صعبة للغاية».

ويتابع: «بعض أفراد عائلتي توجهوا إلى الأردن، والبعض الآخر إلى قطاع غزة، وكنا نعيش أياما عصيبة. حاولت أمي تجميع الأقمشة المتوفرة لديها لتصنع منها خيمة علها تقينا حر الصيف وبرد الشتاء، وكل ذلك ولا يوجد لدينا ما نأكله أو نشربه».

ويقول: «لم نكن نتخيل أن تستمر اقامتنا في الخيمة لسنوات، حتى أتت وكالة الأمم المتحدة (الأونروا)، وبنت لنا منزلاً صغيرا لا تتجاوز مساحته الأمتار المعدودة، وكله من الصفيح، وعشنا فيه مرارة التهجير والبعد عن الوطن».

ويضيف الحاج علي ودموعه تسيل من عينيه: «صرفند لن تمحى من ذاكرتي، ونحن لن ننسى أرضنا مهما طال الزمن، والنكبة الفلسطينية ليست فقط احتلال الأرض، بل الإنسان الذي اقتلع وهجر من مكان نشأته وولادته».

ما زالت آمال العودة إلى قريته شاخصة أمام ناظرَي الحاج راتب، إذ يشير إلى أن «حقه في العودة، وإن لم يتحقق له، قد يكون ممكناً لأبنائه وأحفاده أن يحققوه ويعيشوا حب الوطن والأرض والهوية والانتماء».

ويضيف: «حاولت مراراً وتكراراً أن أزور قريتي إلا أنني لم أفلح في ذلك، لكنني في المرة الأخيرة نجحت وتمكنت من زيارتها بعد عشرات سنين من التهجير، وهناك لم أكن أتوقع أن أشاهد ما شاهدته في بيتنا، إذ كان أشبه بثكنة عسكرية تقطن فيها عائلة يهودية، حينها لم أتمالك مشاعري وبكيت وكاد أن يغمى علي».

ويتابع: «قلت لهم هذا بيتي وذهبت إلى مكان المزروعات التي كنا نزرعها هناك وغرفة والدي ومكان فرن الطابون، وأنا اعتصر ألماً للحال الذي وصلنا إليه، وأتذكر تفاصيل حياتي الطفولية بحزن».

ويؤكد الحاج راتب أن لا شيء يعوضه عن قريته الأصلية التي هجر منها، مطالباً الفلسطينيين والعرب والمسلمين باتخاذ موقف استراتيجي لمواجهة إسرائيل وتحقيق حق العودة لأنها لن تتحقق إلا بالقوة وفق وصفه.

وينهي الحاج راتب حديثه بالقول: «نشأت في قريتي 18 عاماً، والآن عمري 83 عاماً. صدقاً، تفاصيل صرفند التي أتمنى أن أعود إليها، وبيتنا الصغير، لم تغب عن ذاكرتي يوماً».

المصدر: (محمد كمال – السفير)