الحاجة فاطمة..
الإبعاد عن الأقصى يصيبها بـ «جلطة»
الخميس، 27 آب، 2015
لسان ثقيل وخطوات مترنحة تسندها عصا حديدية، هذا
ما وصلت إليه الحالة الصحية للمقدسية فاطمة الكوماني "أم صالح" (61 عاما)،
بعد أن حاول الأطباء جاهدين إنقاذها من شلل نصفي أصابها إثر جلطة دماغية؛ كانت نتيجة
إبعادها عن المسجد الأقصى المبارك 15 يوما.
ومنذ 25 عاما اعتادت الستينية
أم صالح أن تصلي الصلوات المكتوبة في المسجد الأقصى؛ كونها تسكن بملاصقته، في منطقة
الباب الحديد، أحد بوابات المسجد الأقصى المبارك.
تروي بلسانها الثقيل - الذي
يصعب للمنصت لها فهمه جيدا إلا إذا كررته عدة مرات- لـ"كيوبرس"، أنها قبل
5 شهور وبعد خروجها من الأقصى، قام أحد الجنود بطلب بطاقة هويتها على غير المعتاد
-إذ جرت العادة أن يتم سؤال الوافدين إلى الأقصى عن هوياتهم لا الخارجين منه- فأخرجت
بطاقتها وسلمتها له، وإذا به يحتجزها وبطاقتها ويقتادها إلى مخفر باب السلسلة القريب
من الأقصى، ومن ثم حوّلها إلى مركز القشلة ليستجوبها المحققون لمدة 6 ساعات.
وبنفس وتيرة الحزن التي
بدأت بها كلامها، تتابع الكوماني قصتها وتقول إنه وبعد ساعات من إعياء التحقيق سلّمها
ضابط الشرطة في مركز القشلة قرارا يمنعها من دخول الأقصى لمدة 15 يوما بتهمه منع المستوطنين
من الصعود إلى صحن قبة الصخرة المشرفة، الأمر الذي نفته أم صالح كونها امرأة مسنة لا
تقدر على ملاحقة المستوطنين.
رقم 15
"عدت إلى منزلي وأنا
أحمل قرار الإبعاد المكتوب باللغة العبرية والذي لم أفهم منه شيئا سوى رقم 15 الذي
كان يتوسط الورقة، وجلست منتظرة عودة ولدي من العمل حتى يترجمه لي".
تتابع الحاجة المكلومة،
"وبعد أن فسر لي ما الذي يحتويه القرار بالضبط لم أشعر بأي شعور سيئ أو إزعاج
إلا عندما رفع أذان العشاء ووضعت لباس الصلاة على بدني وهممت بالخروج إلى الأقصى المبارك
لأداء فريضتي فيه، فأخبرني نجلي بأني لن أستطيع الصلاة فيه. فجلست أستمع للمؤذن وأردد
وراءه، وانتهى الأذان لكن دموعي لم تتوقف، فكانت تلك المرة الأولى التي لا أستطيع الوصول
فيها إلى الأقصى".
شلل نصفي
رافق انهمار دموع أم صالح
جميع أوقات الأذان إلى أن جاء اليوم الذي ازداد قهرها فيه فجلطت دماغيا وشل نصفها الأيمن
بالكامل ومنعت من الخروج من المستشفى طيلة 3 شهور لتخضع إلى علاج مكثف لمحاولة إنقاذها
من الشلل.
"كنت أعلم أني أحب
الأقصى بشدة، لكني لم أتخيل يوما أن بعدي عنه سيسبب لي شللا نصفيا، ففقداني لأفراد
عائلتي كأمي وأبي لم يؤثر علي كما تأثرت بحزني على فراق الأقصى"، قالت أم صالح.
تعيش أم صالح الآن في منزل
صغير لا تستطيع الخروج منه إلا على كرسي متحرك أو عصا حديدية تتوكأ عليها بصحبة مرافق،
ورغم صحتها المتعبة إلا أنها تصر على الذهاب للصلاة في الأقصى حتى لو اقتصرت صلاتها
فيه على فريضة واحدة.
وأثناء رفع الأذان من المسجد
الأقصى رفعت الحاجة الكوماني يديها بالدعاء على من حرمها من الأقصى وأوصل حالها لما
هي عليه. فهي كما تقول، لن تسامح من احتل أقصاها ومنعه عنها؛ لأنها تعدّه بمثابة الروح
التي إذا ابتعدت عن جسدها مات.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام